يرى محللون، أن مصر قد تكون بحاجة لإعادة هيكلة ديونها المحلية والخارجية للسيطرة على تفاقم فاتورة الفوائد وخفض حصتها من مصروفات الدولة بما يزيد هامش الإنفاق على المناحى الأخرى.
وشكلت فوائد الديون نحو 60.3% من إجمالى مصروفات الدولة خلال الربع الأول من العام المالى 2023-2024، إذ سجلت نحو 477.49 مليار جنيه، وتخطت قيمتها إجمالى إيرادات الدولة، والتى بلغت نحو 335.1 مليار جنيه.
زهير: يجب التحرك بشكل عاجل نحو هيكلة الدين المحلى والخارجى
وقالت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، إن إعادة جدولة الديون قصيرة الأجل على فترات أطول، هى أول حل طارئ وعاجل يجب التحرك فيه، خاصة أن الفوائد أصبحت تُمثل العبء الأكبر على الموازنة.
وأضافت زهير، أنه يجب التفاوض مع الدول الخليجية أيضًا بالنسبة للودائع الخاصة بها، لتكون طويلة الأجل وتخفيف عبئها على الدولة، وشكلت نسبة الفوائد لإجمالى الإيرادات نحو 142.4% خلال الربع الأول من 2023-2024، أى أن المالية اقترضت نحو 123 مليار جنيه لسداد الفوائد.
وبحسب تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزى المصرى، سجلت ودائع الدول العربية لدى البنك المركزى نحو 15.4 مليار دولار، مُشكلة أكثر من نصف رصيد الديون قصيرة الأجل فى نهاية يونيو 2023، وبلغ إجمالى الودائع الخليجية نحو 29.9 مليار دولار حتى نهاية مارس 2023.
وقال محلل مالى، إن ترشيد الإنفاق عبر خفض فاتورة الدعم، رغم ما له من آثار تضخمية، لكنه سيحد من عجز الموازنة وسيقيد نمو المعروض النقدى عل المدى الطويل، وبالتالى يُخفض بشكل هيكلى التضخم.
وأوضح أن إعادة هيكلة الدين الخارجى بمد أجل الودائع الخليجية سيؤدى لتحسين تصنيف مصر الائتمانى، ويجعل تكلفة الاقتراض مستقبلًا أفضل، لكن فى الوقت نفسه، يعتمد ذلك على تسعير الفوائد على الودائع عند تمديدها.
وذكر أنه مع بدء خفض الفائدة فإن “المالية” قد تكون قادرة على العودة للتوسع فى الاقتراض طويل الأجل، وتخفيف الاعتماد على الأذون قصيرة الأجل، وأضاف أنها ستكون خطوة ضرورية لتقليل حساسية الدين للتغير فى أسعار الفائدة.
وقالت دينا الوقاد، المحلل الاقتصادى فى شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن المشكلة تراكمت على مدى السنوات الماضية بسبب الاعتماد على الأموال الساخنة والتوسع فى القروض قصيرة الأجل.
وأضافت أن إعادة هيكلة الدين العام ليست حلًا جذريًا، لأن الفوائد مستمرة فى استنزاف الإيرادات حتى لو أُعيد توزيع استحقاقها على فترات أطول، لأنه عبء مستمر يستنزف الإيرادات، كما أن التوسع فى الاقتراض من الأسواق الخارجية غير مفيد، بسبب ضعف قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى.
“مورجان ستانلى”: تأجيل مُحتمل لخفض قيمة الجنيه بسبب ضغوط الموازنة
ولم يستبعد بنك الاستثمار الأمريكى مورجان ستانلى تأجيل خفض قيمة الجنيه إلى ما بعد الربع الأول من 2024، فى ضوء الضغوط التى واجهتها الموازنة خلال الربع الأول من العام المالى الحالى، خاصة فى ظل الدعم المتوقع من المؤسسات الدولية.
لكنه ذكر أن خفض الجنيه جزئياً لمستوى 39 جنيهًا للدولار والانتقال لنظام سعر الصرف المرن بدلا من الخفض، هو السيناريو المتوقع بجانب إجراء هيكلة للديون، لم يفصح عن مقترح محدد لها.
وقال البنك، إن 3 عوامل تحدد سياسات مصر لسعر الصرف مستقبلاً؛ وهى تكلفة المعيشة، وعجز الموازنة، وشروط صندوق النقد، رغم تغير لهجة الصندوق التشددية بشأن الجنيه، وآفاق التمويل الإضافى من المقرضين متعددى الأطراف والإقليميين فى ظل ارتفاع أهمية موقع مصر الجغرافى.