“فيتش سوليوشنز”: خفض الجنيه قد يكون فى نهاية الربع الأول من 2024
واصل معدل التضخم فى مصر تباطؤه على أساس سنوى خلال يناير وسط ترقب السوق لخفض محتمل لقيمة الجنيه لتكتمل أركان برنامج مصر المنتظر مع صندوق النقد الدولى.
ورغم موجة زيادة الأسعار خاصة المحددة إداريًا خلال يناير تباطأ التضخم على أساس سنوى إلى 31.2% مقابل 35.2% فى ديسمبر مستفيدًا من أثر سنة الأساس، وانخفض التضخم الأساسى المُعد من قبل البنك المركزى إلى 29%، وتسارع التضخم الشهرى خلال يناير ليسجل 1.7% مقابل 1.2% فى ديسمبر الماضى.
وترى شركة “فيتش سوليوشنز” البحثية، أن فرص خفض الجنيه فى نهاية الربع الأول من العام الحالى لمصر كبيرة خاصة مع تراجع التضخم إلى نحو 25% بدعم من أثر سنة الأساس.
وقالت إن الصندوق على الأرجح سيتخلى عن شرط مرونة سعر الصرف الكاملة وسيكتفى بتحريك طفيف للجنيه.
وهى الرؤية نفسها التى يراها بنك الاستثمار الأمريكى “مورجان ستانلى” بأن مصر قد تحرك الجنيه إلى نحو 39 جنيها للدولار بالاتفاق مع صندوق النقد على أن تعزز مرونة سعر الصرف تدريجيًا.
وقالت مؤسسة الأبحاث البريطانية، كابيتال إيكونوميكس، إن التضخم فى يناير كان أدنى من التوقعات ويمهد الطريق لخفض قيمة الجنيه، وذلك يجعل التضخم يتباطأ لكن يظل مرتفعًا لفترة أطول وأزيد من مستهدفات البنك المركزى.
وذكرت أنه مع اقتراب إتمام الاتفاق مع صندوق النقد وتأمين حزمة تمويلية، فإن الجنيه سينخفض على الأرجح بشكل كبير.
ولفتت إلى أن سعر الدولار، وتأخر دخول الواردات وارتفاع تكلفة الشحن 3 أسباب تُغذى التضخم ما يستدعى تشديد البنك المركزى لأسعار الفائدة 3% إضافية على الأقل.
وخلال الأسبوع الماضى تراجع الدولار فى السوق الموازية لما دون 50 جنيها للدولار لكنه أرتد إلى نحو 61 جنيها نهاية الأسبوع، وتراجع الدولار فى العقود الآجلة للجنيه غير القابلة للتسليم أجل عام إلى ما بين 59.3 و60.3 جنيه بعدما كان قد قارب على 70 جنيها.
وقال بنك الاستثمار الأمريكى جولدمان ساكس، إن ارتفاع الجنيه فى السوق الموازية خلال الأيام الأخيرة، غذى توقعات خفض قيمة الجنيه، بعد خلق رضا شعبى بالانخفاض.
لكن على عكس التحليلات السابقة، يعتقد فاروق سوسة الاقتصادى بالبنك أن توقيت وحجم أى تخفيض لقيمة العملة لا يزال غير مؤكد إلى حد كبير، وهو فى نهاية المطاف قرار سياسى للسلطات المصرية، وإن كان من المرجح أن يعتمد إلى حد ما على المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولى.
“كابيتال إيكونوميكس”: تباطؤ التضخم يُمهد لخطوة خفض الجنيه
واستبعد، فى ظل الظروف الحالية، أن يحقق تخفيض قيمة العملة فى ظل نظام سعر الصرف المُدار أهداف السلطات المصرية.
أوضح أنه فى حالة مصر، أصبحت الفجوة بين سعر السوق الرسمى وسعر السوق الموازية كبيرة للغاية لدرجة أن قلة من بائعى العملات الأجنبية يتعاملون فى السوق الرسمية، فى حين أن المشترين المحتملين ليس لديهم خيار سوى شراء عملاتهم الأجنبية من السوق الموازية.
أضاف: “وقد أدى هذا إلى جعل سعر الصرف الرسمى هامشياً، وتأثيره على التكلفة طفيف بالنسبة للسلع والخدمات المحلية والأجنبية التى يتم تداولها فى الاقتصاد الحقيقى”.
وذكر أن خفض قيمة الجنيه رغم أنه ضرورى لمعالجة الاختلالات لكن تكلفته الاقتصادية كبيرة، فمن الممكن أن يؤدى إلى إذكاء التضخم المرتفع، ويزيد تكلفة استيراد السلع الأساسية التى مازالت تتم بالسعر الرسمى، وهو ما يمثل شكلاً من أشكال الدعم الضمنى.
أوضح أن زيادة أسعار تلك السلع يؤدى لزيادة التضخم وأيضًا يضع ضغوطًا على عجز الموازنة مع مفاقمته لفاتورة الدعم ما لم تحرك مصر الأسعار.
ولفت إلى أنه يجب على الحكومة أن تجعل سعر الصرف الإسمى محور استهداف توقعات التضخم بهدف استعادة استقرار العملة على المدى الطويل، من خلال إنشاء ركيزة بديلة، مثل نظام استهداف التضخم، ولكن ذلك يتطلب وقتًا وإصلاحات نقدية كبيرة بما فى ذلك تعزيز استقلال البنك المركزى المصرى، وتحسين شفافية التنبؤ بالتضخم، وتعزيز آلية نقل السياسة النقدية.
تعويم كامل أم سعر صرف مُدار؟
وقال إنه من الناحية النظرية، يعد التعويم الكامل للعملة هو الطريقة الأكثر فعالية لضمان توحيد سعر الصرف لأنه لا يخاطر بعودة ظهور سعر موازٍ حيث تحدد قوى السوق سعر صرف العملات الأجنبية.
لكنه ذكر أن المخاوف المتعلقة بخطر المبالغة فى تقييم سعر صرف العملات الأجنبية واحتمال حدوث تقلبات أكبر للعملة فى ظل هذا النظام، تجعله خيارًا غير مرجح، من وجهة نظره.
وتوقع أن تواصل مصر إدارة سعر الصرف فى المستقبل المنظور، وإن كان ذلك بدرجة أعلى من المرونة عما كانت عليه فى الماضى، عبر تحديد مستوى (أو نطاق) رسمى للعملات الأجنبية لجميع معاملات العملات الأجنبية فى الاقتصاد.
شروط نجاح سعر الصرف المُدار؟
أضاف أن هناك شروط لنجاح ذلك النظام بينها توازن الطلب مع التدفقات من العملة الأجنبية، وأن يتم الضخ من الاحتياطيات الأجنبية لمواجهة الخلل بين العرض والطلب حتى لا تعود السوق الموازية للظهور، لكن الاحتياطيات ستكون كافية لفترات محدودة فقط.
وقال إنه يجب بذل المزيد من الجهود لخفض الطلب على العملات الأجنبية بحيث يتم خفض فجوة سعر الصرف بشكل أكبر وعلى أساس مستدام.
ولفت إلى إنه ليس هناك تقديرات لحجم الطلب الكامن على الدولار، لكنه قد يكون كبيرًا ويزيد من الضغوط على جانب الطلب فى حالة وجود أى محاولة للقضاء على السوق الموازية.
وقال إن هناك خطوات يجب أن تتخذها السلطات لتمهيد الطريق أمام إنجاح القضاء على السوق الموازية بينها التشديد النقدى الذى بدأءه برفع 2% بما يساعد فى خفض الطلب وتحفيز تدفقات استثمارات الأجانب فى محافظ الأوراق المالية.
أضاف أنه من المهم أيضًا معالجة التضخم المرتفع، وهو المحرك الرئيسى للطلب المدفوع بالتحوط.
وذكر أن التشديد المالى مهم لأن تمويل العجز عبرالتوسع فى الاقتراض والسحب على المكشوف أدى لزيادة طباعة النقود وتسييل العجز، بما يؤدى لارتفاع التضخم وزيادة الطلب على العملات الأجنبية.
ولفت إلى أن خفض الإنفاق الاستثمارى خارج الميزانية كان محركا رئيسيا للطلب الإجمالى ويضاف مباشرة إلى الطلب على العملات الأجنبية، وأعلن مجلس الوزراء فرض قيود على الإنفاق الاستثمارى فى الميزانية الأسبوع الماضي.
وقال إن فرض المزيد من القيود على النفقات الرأسمالية خارج الميزانية من شأنه أن يساعد أيضًا فى تقليل الطلب على العملات الأجنبية.
وذكر أن الاقتراض الخارجى من قبل الحكومة سيؤدى إلى تخفيف القيود على المعروض من العملات الأجنبية وإعادة بناء احتياطيات السيولة فى العملات الأجنبية من خلال الاقتراض الرسمى على المدى القريب.