التضخم فى فبراير عكس جزئياً التغير فى سعر الصرف وسيتباطأ فى مارس
توقع تقرير صادر عن «دويتشه بنك»، أن يثبت البنك المركزى أسعار الفائدة، خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية فى مايو، للوقوف على أثر الزيادة التراكمية لأسعار الفائدة، مع وجود مجال لرفع الفائدة عن المستويات الحالية بما يتراوح بين 2% و3%.
وقال البنك إنَّ التضخم فى فبراير جاء مخالفاً لتوقعات جميع المحللين، بمن فيهم محللوهم، رغم أن توقعاتهم كانت دائماً متماشية مع الأرقام الفعلية للتضخم فى مصر.
وأرجع ذلك إلى تزايد تسعير التجار المحليين لمنتجاتهم منذ نهاية يناير على سعر السوق الموازية.
وقال البنك، إنَّ الأخبار المحلية تعطى بعض الدلائل على أن زيادة وتيرة رفع الأسعار فى فبراير جاءت نتيجة توقعات التضخم وآفاق خفض العملة قبل استكمال مراجعات صندوق النقد الدولى وعدم اليقين بشأن التعافى الاقتصادى للبلاد.
أوضح أنه فى ذلك الإطار كانت زيادة البنك المركزى أسعار الفائدة بنحو 6% دفعة واحدة ضرورة لمنع انفلات توقعات التضخم بجانب الاحتواء الاستباقى للتضخم قبل تحرير سعر الصرف.
وارتفع التضخم فى مصر إلى 35.7% على أساس سنوى فى فبراير الماضى مقارنة بـ29.5% فى يناير.
وعلى أساس شهرى، سجل 11.3% مع مساهمة كل من سلة الغذاء بنحو 5.5% والرعاية الصحة بنحو 1.1%، و1% للتعليم، والترفيه 1% والمطاعم والفنادق 0.6%.
وقال التقرير، إنه رغم أن تسارع ارتفاع أسعار الغذاء والمطاعم والفنادق والتبغ والترفيه يمكن إرجاعه للسوق الموازية، ولكن ارتفاع التعليم يبقى مُحيراً.
وكان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قد أجل مسح أسعار المدارس لحين نهاية الفصل الدراسى الأول، لصعوبة جمعها، ما أدى لانعكاس الزيادة السنوية للتعليم فى فبراير بدلاً من أكتوبر.
ولفت البنك إلى أن الطلب الموسمى أضاف إلى زيادة أسعار الطعام والشراب خلال فبراير.
وقال إن تسارع زيادة الأسعار خلال يناير وديسمبر لم يعكس الضغوط من السوق الموازية بالقدر نفسه، وإن زيادة تعديلات الأسعار تُفسر تصريح مديرة صندوق النقد الدولى بشأن التأثير السلبى لتعدد سعر الصرف فى مصر.
وأشار البنك إلى أن تحرير سعر الصرف أدى لتحسين مستويات الثقة والتوقعات بشأن تدفقات أجنبية كبيرة، وأن يؤدى توافر السيولة لخفض التضخم.
ورجح انخفاض تضخم المواد الغذائية بوتيرة أقل فى مارس.
وقال البنك إنه طالما كان هناك سياسات متناسقة مثل التشديد النقدى وتحرير سعر الصرف وتأمين تدفقات نقدية، فإنه من المتوقع أن تتم السيطرة على توقعات التضخم.
أوضح أن التحرك نحو سعر صرف مُوحد يسبقه تدفقات أجنبية كبيرة سيجنب مصر التضخم المرتفع والمزمن عبر منع ظهور السوق الموازية مرة أخرى بما يقلص التشوهات المستقبلية فى الأسعار المحلية.
وقال إن ارتفاع فبراير عكس بشكل استباقى أثر انخفاض سعر الصرف جزئياً، وسيؤدى لتضخم أقل فى مارس.
وبات البنك يتوقع أن يُسجل التضخم 37% فى المتوسط خلال 2024 مقارنة بـ30% ومستقبلاً فإن هناك تغيراً إيجابياً هيكلياً بالنسبة للتضخم وهو محاولات حل نقص المعروض.
توقعات باستمرار الطلب القوى من المستثمرين على الدين الحكومى
وذكر أن وتيرة الإفراج عن الواردات وحل الاضطرابات فى سلاسل الإمداد ستلعب دوراً فى إعادة تعريف ديناميكيات التضخم فى مصر.
وقال إن الأثر الكامل للتضخم سيتضح بناء على الإصلاحات المقبلة من صندوق النقد فى ظل أن إصلاحات الدعم وتطبيق آلية تسعير الوقود التلقائية سيكون لهما آثار تضخمية بطبيعة الحال.
وأشار إلى أنه فى الوقت الحالى، يبقى من الصعب قياس أثر تلك العناصر ولذلك فإن توقعاتهم ستشهد بعض المراجعات بمجرد إعلان مصر تفاصيل حول خطة الإصلاح.
وفى مذكرة مُنفصلة قال البنك، إن فائدة أذون وسندات الخزانة كانت ترتفع خلال الأسابيع القليلة الماضية مع وجود توقعات حينها برفع الفائدة وخفض الجنيه، وفى تلك الأثناء بدت الأصول المصرية منخفضة للغاية فى معظم الآجال فى مقياسهم للقيمة العادلة والذى يشمل سعر الفائدة الرسمية وتكلفة مبادلة مخاطر الائتمان والتضخم الأساسى وسعر الصرف.
لكن مع خفض الجنيه ورفع الفائدة أكثر من المتوقع وتحسن تكلفة مبادلة مخاطر الائتمان تحولت الأصول المحلية من رخيصة للغاية إلى باهظة قليلاً.
وقال إنه رغم أن العملة المصرية باتت رخيصة جداً فإن الأصول المحلية لا تعكس معدلات الخصم نفسها خاصة مع أثر خفض العملة على التضخم، مع وجود مخاطر وصول التضخم العام إلى 40% هذا العام. أوضح أنه لذلك لن يكون مفاجئاً رؤية المزيد من ارتفاع الفائدة فى المدى القصير، لذلك رفع التقرير توقعات أسعار العائد على مستوى كل الآجال ليصبح العائد على السندات أجل 3 سنوات 31.5% بحلول منتصف العام، قبل أن تنخفض إلى 29% بنهاية العام.
فيما توقع ارتفاع فائدة السندات أجل 5 سنوات إلى 30.5% بحلول منتصف العام قبل أن تنخفض إلى 30% بنهاية العام.
وقال إن أذون الخزانة أجل عام وسندات الخزانة أجل 3 أعوام جاذبة للاستثمار فيها خاصة مع تراجع عدم اليقين ومخاطر العملة، فى ظل أن حجم الخفض فى الجنيه الذى يبدو مُقيم بأقل من قيمته.
وتوقع «دويتشه بنك» استقرار العملة مع وجود مجال للتقلبات المحدودة صعوداً وهبوطاً، خاصة أن مصر تلقت دعماً خارجياً كبيراً من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف البنك أن التمركز فى أوراق الدين المصرية كان ضعيفاً خاصة فى السندات، وتوقع استمرار الطلب القوى من المستثمرين الذى شوهد على مدار الأسبوعين الماضيين.
وقال إن توصياته تحولت الآن من الاستثمار فى الأذون 91 يوماً إلى 12 شهراً، والسندات قصيرة الأجل، خاصة أن العوائد فى الوقت الحالى جاذبة وتفوق مستوى الهامش فى العقود الآجلة مدة 12 شهراً.
ونوه البنك بأن ارتفاع التضخم وتحول العائد الحقيقى إلى سلبى فى فبراير مقلق بعض الشىء خاصة أن التضخم سيرتفع وإن كان بوتيرة أبطأ ليعكس أثر خفض الجنيه، لكن الوقت الحالى هو الوقت المناسب للنظر فى الأساسات الاقتصادية فى ظل التحسن فى مستويات السيولة وبناء مراكز استثمارية حذرة.
وقال إن عجز الموازنة ما زال مصدر قلق خاصة مع رفع الفائدة الذى سيغذى مدفوعات الفوائد التى تشكل عبئاً بالفعل، بجانب الاستمرار فى الاعتماد على الديون قصيرة الأجل.
وأضاف أن هناك تساؤلات حول مستويات استدامة الدين التى تواجه مصر على المدى الطويل بما يؤدى إلى زيادة مخاطر إعادة التمديد.
أوضح أن تلك المخاوف تجعلهم يميلون للحذر من الاستثمار فى السندات طويلة الأجل.