الدول الغنية و بلدان الأنجلوسفير تشهد طفرة في الهجرة
في يناير، ارتفعت الأسعار في جميع أنحاء العالم الغني بنسبة 5.7% على أساس سنوي، بانخفاض عن الذروة التي بلغتها أواخر عام 2022 عند 10.7%.
لكن هذا يخفي تباينًا واسعًا، إذ تمكنت بعض البلدان من القضاء على وحش التضخم، فيما لا يزال آخرون في صراع من أجل البقاء.
وللحصول على نظرة شاملة على ميادين القتال المختلفة، قامت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية بتحديث مقياسها المخصص لـ”ترسيخ التضخم” في 10 دول غنية.
وهذا المقياس يتضمن خمسة مؤشرات، وهي التضخم الأساسي، وتكاليف وحدة العمل، و”تشتت التضخم”، وتوقعات التضخم، وسلوك البحث عبر “جوجل”، ثم يجري تصنيف كل دولة بناءً على كل مؤشر، ثم يجري دمج التصنيفات للحصول على النتيجة الإجمالية.
وكانت النتائج أفضل مما كانت عليه في نوفمبر، عندما أجرينا مثل هذا التصنيف آخر مرة، كما أنها تكشف عن انقسام لغوي.
وكان أداء بلدان الاتحاد الأوروبي وآسيا جيدا. كما تستغرق معدلات التضخم المرتفعة وقتًا أطول لتتلاشى في العالم الأنجلوسفير.
في الوقت نفسه، تتصدر أستراليا التصنيف، ولم يكن الاختلاف بين بريطانيا وكندا كبيرًا، فيما يعتبر أداء الولايات المتحدة أفضل، لكن حتى هناك يظل معدل التضخم راسخاً.
ثمة بعض العوامل قد تفسر الاختلافات، الأول يتمثل في التحفيز المالي خلال أزمة كوفيد، والذي كان أكبر بنسبة 40% في دول أنجلوسفير ( المملكة المتحدة وأيرلندا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا نيوزيلندا ) مقارنة بأماكن أخرى في العالم.
ولا يزال تعزيز الطلب واضحًا في بيانات التضخم “الأساسية”، التي تستبعد بنودًا مثل الطاقة، كما يشير إلى الضغوط التضخمية الأساسية، إذ يقترب التضخم الأساسي البريطاني من 5%.
البيانات القادمة من الولايات المتحدة مثيرة للقلق
ويقدم مقياس “ذا إيكونوميست” المخصص لـ”تشتت التضخم” أدلة مماثلة، إذ يقيس نسبة أسعار المستهلك التي ترتفع بأكثر من 2% على أساس سنوي، وهنا تجد أن أستراليا تتصدر التصنيف العالمي لـ”تشتت التضخم”، وفي المقابل فإن أغلب الأسعار اليابانية ترتفع بنسبة تقل عن 2%.
ويمكن للهجرة أن تساعد أيضاً في تفسير هذا الانقسام، فقد شهد العالم الغني طفرة في الهجرة، إذ توجهت نسبة كبيرة من الوافدين الجدد إلى بلدان الأنجلوسفير.
يذكر أن كل من أستراليا وبريطانيا وكندا حطمت الأرقام القياسية لصافي الهجرة خلال العام الماضي.
كما أدى الارتفاع الكبير في عدد السكان إلى دعم الطلب، ففي العام الماضي ارتفعت تكلفة استئجار شقة في دول الأنجلوسفير بنسبة 8%، مقارنة بـ5% في أماكن أخرى.
أما التأثيرات على أسواق العمل فهي أقل وضوحًا، فتكاليف وحدة العمل في الولايات المتحدة، والتي تقيس مقدار ما تدفعه الشركات للعمال مقابل إنتاج وحدة من الناتج، لم ترتفع، لكنها ارتفعت بشكل قوي في كندا.
ربما يلعب التاريخ أيضًا دورًا في تفسير معدلات التضخم الراسخ في المنطقة الأنجلوسفير.
فخلال عقد 2010، شهدت منطقة جنوب أوروبا ومعظم دول آسيا الغنية ارتفاعات قليلة في الأسعار، وكان التضخم في دول الأنجلوسفير أكثر ثباتًا.
وبالنظر إلى هذه التجارب المختلفة، فإن معتقدات الناس الحالية حول معدلات التضخم في المستقبل قد تختلف أيضًا.
يذكر أيضًا أن البيانات القادمة من الولايات المتحدة مثيرة للقلق، إذ يعتقد الجمهور أن الأسعار سترتفع بنسبة 5.3% خلال الأشهر الاثنى عشر المقبلة، أي أكثر من أي دولة أخرى مُدرجة ضمن تصنيف “ذا إيكونوميست”.
وكثيرًا ما يبحث المواطنون الأمريكيون أيضًا على موقع البحث “جوجل” عن موضوعات مرتبطة بالتضخم، الأمر الذي يشير إلى أن تكاليف المعيشة لا تزال عالقة في أذهانهم.
وفي مختلف أنحاء العالم الأنجلوسفيري، لم تتلاشى تهديدات استمرار ارتفاع معدلات التضخم، أو حتى ظهور موجة ثانية من ارتفاع الأسعار.








