المؤسسون يحتاجون إجراءات مناسبة وحماية حقوق المساهمين واستقبال الإيرادات الدولارية
تواجه الشركات الناشئة المصرية بعض التحديات، التى تدفعها للاندماج فى شركات قابضة خارج مصر حتى تتمتع بامتيازات مناخ الأعمال فى تلك البلدان ولتفادى مواجهة عراقيل السوق المحلى، مثل التأسيس القانونى وحقوق المستثمرين وتلقى السيولة الدولارية اللازمة أو استقبال الإيرادات بالعملة الأجنبية دون قيود.
وخلال دراسته أجرى بنك التنمية الأفريقى لقاءات مع 3 شركات ناشئة اضطرت للاندماج فى شركات أجنبية خارج مصر حتى تتمكن من النمو، بالإضافة إلى صندوقين عالميين يمولان الشركات الناشئة، للوقوف على المشكلات الحقيقية التى تواجه رواد الأعمال فى مصر.
شركة جرينتا
أسس محمد عزب، رائد الأعمال وثلاثة آخرين شركة “جرينتا”، فى 2021 بخبرة هائلة فى ريادة الأعمال بمصر والولايات المتحدة، وتعمل الشركة فى قطاع الأدوية، وتربط الشركات المصنعة بتجار الجملة وتجار التجزئة.
وتعمل “جرينتا” فى تكنولوجيا وتحليلات البيانات الخاصة بالأدوية وتقدم وحدات تهدف إلى توفير الشفافية والتتبع للمنتجات ومبيعاتها.
ويقدر حجم سوق الدواء المصرى بنحو 6 مليارات دولار، والسوق الأفريقي بنحو 50 مليار دولار، ثقلت شركة “جرينتا” بالسوق المصرى حاليا، وتستعد للتفوق فى السوق الأفريقي.
ويعد “عزب” رائد أعمال فى مجال تكنولوجيا الصحة منذ 12 عامًا، وسابقًا أنشأ معامل حساب الطبية، والتى بدأت بـ 6 أفرع فى 2012 إلى أكثر من 70 فرعًا فى 2017.
وقال عزب إنه اختار من البداية دمج شركته فى ولاية قضائية صديقة للشركات الناشئة.
وأوضح أن المستثمرين يبحثون عن العديد من الحقوق التى لا تمنحها القوانين المصرية، فضلا على قابلية تنفيذ اتفاقياتهم وشروط صفقاتهم، إنهم لا يريدون أى مفاجآت، ما دفعه للاستجابة بشكل إيجابى لرغبات المستثمرين، حتى لا يخاطر بخسارة استثماره.
وأشار إلى أن مصر لا تخسر أموالًا عندما يتم إنشاء ملكية في ولاية قضائية أجنبية، حيث أن التمويل المخصص للسوق المصرية سيتوجه دائمًا إلى مصر لتشغيل الشركة التابعة والنمو محليًا، كما أن المستثمرين لا يبحثون بشكل خاص عن الحوافز بقدر ما يبحثون عن الحماية.
“شركة الجمعية”
الشركة الثانية محل الدراسة، هى شركة “الجمعية” والتى تأسست فى 2018 من قبل المهندس أحمد عبد الباقى، وتعمل على رقمنة نموذج الادخار المعروف فى مصر باسم الجمعية.
وبحسب الدراسة، تبلغ إجمالى قيمة السوق القابلة للتوجيه 350 مليار دولار على مستوى العالم، ويبلغ حجم السوق المصرى نحو 7 مليارات دولار، ويشارك فى هذا النموذج نحو 14 مليون مصر.
يتسم نظام الادخار المعروف بالجمعية، بأن أطرافها يعرفون بعضهم البعض من خلال شبكات اجتماعية واسعة النطاق، ويعمل القائمون على التوظيف في كثير من الأحيان ضامنين لكل مشارك.
حاول عبد الباقى رقمنة الفكرة لتسهيل عملية التوظيف، من خلال تشغيل برنامج اعرف عميلك على المشاركين لضمان الثقة.
وأبرمت “الجمعية” العديد من الصفقات مع المدارس والشركات والمؤسسات لتشجيع موظفيهم على التحول من الشكل التقليدى للجمعية إلى نسختها الرقمية المستحدثة، وتتفاوض المنص أيضًا على تخفيضات كبيرة من تجار التجزئة للمشاركين عند صرف مدخراتهم المواقف، خاصة أن بعض المشاركين يدخرون لشراء مستلزمات الزواج أو لقضاء العطلات.
تمويلات الشركات الناشئة المصرية تنتعش فى مارس إلى 24 مليون دولار
ومنح المستثمرون المالكون فى البداية “الجمعية” تمويلًا متواضعًا، وفى نهاية 2019، احتاجت شركة “الجمعية” نحو 200 ألف دولار، ورغم قدرته على استقطاب بعض المستثمرين الملائكة المتحمسين لإمكانيات الشركة الناشئة لكنهم ما زالوا بحاجة إلى هيكلة أكثر وضوحًا، بدون المخاطر المتصورة التي تحملها المستثمرون الملاك الأوائل.
وتوصل المساهمون لاتفاق بشأن الدمج فى كيان قابض خلال فترة زمنية محددة، وبيع الشركة الناشئة المصرية بالكامل إلى الشركة القابضة.
وانضمت صناديق النمو المبكر إلى جولة ما قبل البذور بشيكات قيمتها 100 ألف دولار، وتم اشتراط تحويل التمويل بعد الاندماج مع الكيان القابض، وتم إصدار سندات قابلة للتحويل لاستثمارات الديون المتفق عليها.
وحصلت الشركة على هذا التمويل فى الوقت المناسب، وكان من بين المستثمرين هذه المرة مؤسسات استثمارية مصرية كبيرة، وجاءت أموال المستثمر الرئيسي مباشرة من الحكومة المصرية.
وأصر المستثمر الرئيسى على اتفاقية واسعة النطاق للمساهمين فى ولاية قضائية صديقة لبدء التشغيل لتجنب الارتباك حول فعالية شروط الصفقة وتنفيذها، وتم اختيارها فى جولة الملائكة السابقة – هولندا – مقبولة للمستثمرين الأساسيين.
أما عن الشركة الثالثة محل الدراسة، فإنها شركة رفضت الإفصاح عن هويتها الحقيقية أو هوية مؤسسيها، والتى أنشأت إحدى منصة تخدم شريحة كبيرة من السكان على مستوى العالم، وبدأت الشركة فى مصر وبعد فترة وجيزة جذبت عملاء من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وأفريقيا.
وعند تلقي تمويل دولى، طُلب من الشركة الدمج تحت مظلة شركة قابضة، وتم اقتراح ثلاث دول على وجه التحديد ، كايمان ، الولايات المتحدة الأمريكية – ديلاوير ، أو أسواق أبوظبي العالمية ، ولكن التوصية تجاه كايمان كانت قوية، وتم الاندماج فى شركة قابضة هناك بالفعل.
ويرى صاحب المشروع، أن تأسيس كيان أجنبي قابض هو أمر مفروغ منه، ويحدث مع جميع الشركات الناشئة الأخرى القادمة من مصر والمنطقة، فضلا على أن الملائكة المصريين لا يُمولوا كيان مصرى مباشرة.
تمويلات الشركات الناشئة المصرية تتراجع 83% خلال فبراير
وواجهت الشركة تحديا من نوع آخر، وهو تنوع الأسواق التى تستمد منها الشركة إيراداتها، وبحلول منتصف عام 2020، بعد تخفيض قيمة العملة، تحولت الإيرادات المستلمة بالعملة الأجنبىة إلى جنيه مصري عند الدفع.
وتمت مصادرة العملة الأجنبية التي اكتسبتها الشركة دون تخييرها، حتى عندما تحتاج الشركة إلى مثل هذه العملة الصعبة لتسوية نفقاتها الدولية. تم نصح الشركة بفتح كيان تشغيلي في ولاية ديلاوير بحساب مصرفي لرعاية المبيعات الدولية. تجدر الإشارة إلى أن كيان ديلاوير المدمج حديثًا كان بمثابة كيان تشغيلي هذه المرة بدلاً من كونه شركة قابضة كما هو الحال عادةً.
ومع توسع العمليات الدولية للشركة، شعر رائد الأعمال بالقلق ولجأ إلى إعادة دمج الشركة فى ولاية قضائية أخرى، خاصة أن بيئة الأعمال فى دول مثل السعودية أو الإمارات أسهل من بيئة العمل فى مصر.
وأشار رائد الأعمال إلى أن معاملة التأمين الاجتماعي، والمعاملة الضريبية، والرقمنة المحدودة، ونقص التوقيع الإلكتروني، أثرت سلباً على سهولة ممارسة الأعمال التجارية، وإذا قررت الشركة إعادة الاندماج بالكامل في مكان آخر، فسوف تستمر في خدمة السوق المصرية من قاعدتها الجديدة.