مرت أربعة أعوام منذ تعثر أولى الدول الفقيرة عن السداد ، بسبب التكاليف المتصاعدة الناجمة عن الإنفاق المرتبط بفترة تفشي الجائحة وسحب المستثمرين لرؤوس الأموال من الأسواق المحفوفة بالمخاطر.
ومر عامان منذ أن بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في العالم الغني، فرض مزيد من الضغوط على الحكومات التي تعاني من ضائقة مالية.
لكن في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي عقدت مؤخرًا في واشنطن، كان العديد من صناع السياسات في العالم يتصرفون كما لو أن أسوأ أزمة ديون منذ الثمانينيات، من حيث نسبة سكان العالم المتضررين، قد انتهت.
ففي النهاية، سجلت أفقر البلدان في العالم نمواً بلغ 4% العام الماضي. بل إن بعض البلدان، مثل كينيا، بدأت تقترض من الأسواق الدولية مجددًا.
في الواقع، الأزمة مستمرة، والحكومات التي أفلست لم تتمكن حتى الآن من إعادة هيكلة ديونها والتخلص من العجز عن السداد، وعلى هذا النحو، فهم عالقون في مأزق.
وبمرور الوقت، يمكن أن تنضم إليهم بلدان أكثر، وأكبر حجمًا، لذلك أعلن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي عن خطوة جديدة جذرية للتعامل مع المشكلة.
وكان جوهر الصعوبة في حل أزمات الديون هو أن الدائنين أصبحوا أكثر عدداً، مع تضاؤل القواسم المشتركة، مقارنة بالماضي.
فعلى مدى 70 عامًا من إعادة هيكلة الديون، توصلت الدول والبنوك الغربية إلى فعل الأشياء بطريقة معينة.
والآن تتطلب القرارات موافقة مجموعة جديدة من المقرضين، وبعضهم لا يرى أي سبب للامتثال، وكل جزء من العملية قد يخضع لمفاوضات مطولة.
تأتي الصين ضمن المقرضين الجدد، فعلى الرغم من أن البلاد أصبحت الآن أكبر دائن ثنائي في العالم، فإنها لم تشطب بعد قرضا واحدا.
كما ضاعفت الهند قروضها الخارجية السنوية بين عامي 2012 إلى 2022، وأرسلت 3.3 مليار دولار إلى سريلانكا بعد وقت قصير من غرق البلاد في الأزمة.
وتأتي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ضمن المجموعة أيضًا، فقد أقرضتا معًا أكثر من 30 مليار دولار لمصر، علمًا بأن الطريقة المفضلة لدى الدائنين الخليجيين هي إيداع الدولارات في البنك المركزي للمتلقي، وهو شكل من أشكال الإقراض جديد لدرجة أنه لم يخضع قط لإعادة هيكلة من قبل.
ونتيجة لذلك، لم تتمكن الدول السبع التي سعت إلى إعادة هيكلة الديون منذ تفشي الوباء من التوصل إلى اتفاق لتقليص ديونها، ولم تتمكن سوى دولتان صغيرتان من إحراز تقدم، وهما تشاد، التي أعادت هيكلة ديونها بدلاً من خفضها، وسورينام، التي توصلت إلى اتفاق مع كل دائنيها باستثناء الصين، وهي أكبر دائنيها.
فيما انتظرت زامبيا أربعة أعوام للتوصل إلى اتفاق.
وبما أنه لا يوجد دائن يريد صفقة أسوأ من أي دائن آخر، فلم يحدث أي تخفيف لأعباء الديون الرئيسية خلال أسوأ أزمة ديون منذ أربعة عقود.
وقبل أربعة أعوام، وقعت مجموعة العشرين على الإطار المشترك، وهو اتفاق لإجراء تخفيضات متساوية في عمليات إعادة الهيكلة، لكن الدائنين منقسمون حول درجة السخاء المطلوبة.
ولم يتمكن صندوق النقد الدولي، الذي لا يستطيع عادة إقراض البلدان التي تعاني من ديون مرتفعة إلى حد ما، من فعل الكثير، لكنه اتخذ خطوة في 16 أبريل، إذ قال إنه سيقرض الدول التي تعثرت في سداد ديونها لكنها لم تتفاوض على اتفاق لإعادة هيكلة جميع ديونها.
في الماضي، كان الصندوق، الذي كان يشعر بالقلق من استعادة أمواله، يقرض الدول المتعثرة باعتدال وفقط بإذن من الدائنين الذين ما زالوا يتجادلون حول إعادة الهيكلة، لكن الآن كل ما تطلبه هو وعد من البلدان المقترضة والدائنين المتعاونين بأن أموالها لن تستخدم لسداد مستحقات المتعثرين.
ولطالما خشي خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي من أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى استعداء الدائنين الذين يعانون من مشاكل، وهم أيضًا بلدان لها حصص في الصندوق نفسه.
ويبدو أن صبر الصندوق قد نفد، فالمسئولون يريدون المضي قدماً في عملية إعادة هيكلة الديون.
السياسة الجديدة لديها القدرة على فرض الانضباط على المتعثرين.
من الناحية النظرية، تنجح عمليات إعادة الهيكلة لأن تخفيف العبء على المقترضين يعظم فرص الدائنين في استرداد بعض، وربما معظم، أموالهم.
ومن المؤكد أن الحصول على التدفق النقدي سيكون مفيداً لسكان البلدان المضطربة، ففعل ذلك قد يؤدي أيضًا إلى إبقاء الصندوق صادقًا، كما أنها تستخدم تحليلاتها لقدرتها على تحمل الديون كمعيار لإعادة الهيكلة، وربما يكون لديها الحافز للتفاؤل أكثر مما ينبغي بشأن الاستدامة، لتجنب دفع المقترض إلى مأزق إعادة الهيكلة.








