تحولت عمليات السوق المفتوح التى يجريها البنك المركزى أسبوعيًا إلى مصدر مهم للدخل لدى البنوك بعد توسيع نطاقها لتشمل كل الفوائض فى القطاع المصرفى.
ويقبل البنك المركزى كل ثلاثاء من كل أسبوع السيولة الفائضة لدى البنوك فى وديعة لديه لمدة أسبوع تسمى العملية الرئيسية للبنك المركزى، يدفع فيها فائدة بمعدل 27.75% للبنوك مقابل تلك السيولة، ثم يعيدها بنهاية الأسبوع ويفتح الباب لتلقى السيولة المتاحة لمدة أسبوع جديد وهكذا.
والهدف من تلك العملة امتصاص السيولة ضمن سياسته لتعقيم السوق بهدف محاربة التضخم. وتزيد السيولة التى يقبلها البنك المركزى أسبوعيًا على تريليون جنيه.
ورغم استمرار الأذون والسندات كأكبر مصدر للدخل من الفائدة فى القطاع المصرفى إلا أن وزنها النسبى تراجع لصالح الدخل من العائد على الودائع خاصة الودائع لدى البنك المركزى، بحسب مسح لـ”بنوك وتمويل”.
نجلة: البنوك ستستفيد من تحويل الأذون إلى سندات
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذى لأسواق الدخل والنقد الثابت فى شركة الأهلى للاستثمارات المالية، إن حيازات البنوك من الأذون تقلصت خلال الأشهر القليلة الماضية نتيجة لانخفاض مستوى عائدها تحت متوسط 26% والتى تتراوح بعد الضرائب بين 21 إلى 22%.
وتراجعت استثمارات البنوك خاصة فى أذون الخزانة إلى 505.8 مليار جنيه فى مايو الماضى مقابل 520.5 مليار جنيه فى أبريل و606.9 مليار جنيه فى مارس الماضى.
وانخفضت استثمارات البنوك العامة فى أذون الخزانة إلى 243.6 مليار جنيه فى مايو الماضى مقابل 264.2 مليار جنيه فى أبريل وأعلى مستوياتها فى مارس الماضى عند 399.8 مليار جنيه.
وأشار إلى أنه مع صعود مستوى العائد ليُلامس 30% عادت البنوك مُجددًا إلى سوق أدوات الدين الحكومية.
وقال إن البنوك كانت قد بدأت بالفعل التوجه نحو السندات نسبيًا مع مزاحمة الأجانب على الأذون، فى محاولة للحفاظ على العائد المرتفع لفترات أطول.
وتلاقى ذلك مع رغبة وزارة المالية بالتوسع فى طرح سندات للتوافق مع برنامج صندوق النقد الدولى بإطالة أجل الدين الحكومى.
البنوك المتخصصة تنتظر قواعد تراخيصها للانطلاق
ويرى نجلة، أن تحويل ديون شارفت على الاستحقاق إلى سندات خطوة مفيدة لكل الأطراف، لأنها تضمن مستوى مرتفع من الفائدة للبنوك مع الاتجاه المحلى والعالمى بخفض مستويات الفائدة، وبالنسبة لوزارة المالية فإنها تُحول الدين قصير الأجل إلى طويل الأجل.
وأشار إلى أن الحكومة بعد التعويم قلصت العطاءات الخاصة، التى يستفيد منها المتعاملون الرئيسيون لأنها تتيح مخاطبة المالية لأحد البنوك أو عدة بنوك بشأن طرح أذون بمتوسط أسعار الفائدة لعملية الطرح العامة التى سبقتها.
وذكر أن المتعاملين الرئيسيين يستطيعون إعادة طرح تلك الأذون مُجددًا فى السوق الثانوى، خاصة أن حجم الطلب ومعدل الفائدة أصبح واضحًا للمتعامل الرئيسى ومعروفًا، وغير مُبهم مثل الطرح فى أيام الأحد.
وقال صندوق النقد، إنه قبل توحيد سعر الصرف في أوائل مارس، كان التمويل المحلي يعتمد بشكل كبير على أذون الخزانة قصيرة الأجل، والاكتتاب الخاص لأوراق الخزانة في البنوك المملوكة للدولة بشكل رئيسي، والاقتراض من تسهيلات السحب على المكشوف الخاصة بالبنك المركزى.
وبعد إصلاح سعر الصرف اعتمدت الحكومة بشكل أكبر على مزادات أذون الخزانة الأسبوعية، وزادت من إصدار أذون الخزانة طويلة الأجل (مثل أذون الخزانة لمدة 12 شهرًا)، كما خفضت استخدام تسهيلات السحب على المكشوف إلى ما دون الحد القانوني بحلول نهاية مارس 2024.
حصة “الأذون” فى إيرادات بنك فيصل تتقلص إلى 58.9%
بنك فيصل، الذى يعد أكثر بنك يعتمد على العائد من الأذون والسندات تراجعت حصتها من دخله من الفائدة إلى 58.9% فى النصف الأول من العام الحالى من نحو 68.4% فى النصف الأول من 2023، بفعل زيادة إيرادات البنك من المرابحات إلى 9.9% مقابل حصة قدرها 7%، ومن عوائد العمليات مع البنوك الأخرى وبينها البنك المركزى إلى 16.1% مقابل 11.1%.
وفى بنك قطر الوطنى قفز الدخل من العائد على الودائع والحسابات الجارية ومن بينها الودائع لدى البنك المركزى 164% فى النصف الأول إلى 4.96 مليار جنيه مقابل 1.87 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من العام الماضى، ما ساهم فى توسع نسبة مساهمته فى إجمالى إيرادات البنك إلى 8.9% مقابل 5.6%.
وتراجعت مساهمة العائد من قروض العملاء إلى 47.29% فى يونيو الماضى مقابل 53.2% فى يونيو 2023، رغم نمو قيمتها 49.7% مُسجلة 26.3 مليار جنيه مقابل 17.5 مليار جنيه.
لكن البنك حافظ على استفادته من الفائدة من الأذون والسندات والتى ارتفعت 78.8% لتصل إلى 24.09 مليار جنيه فى يونيو 2024 مقابل 13.47 مليار جنيه فى يونيو 2023، وشكلت نحو 43.4% من إيرادات الفوائد بالبنك مقابل 40.8% فى النصف الأول من 2023.
وتساهم الإيرادات من الأذون والسندات لدى بنك التعمير والإسكان بنحو 39.2% من الدخل من العائد مقابل 33.3% فى النصف الأول من 2023، بدعم من ارتفاع قيمة فوائد الدين الحكومى التى حصل عليها البنك 96.4%، لتصل 4.9 مليار جنيه مقابل 2.5 مليار جنيه.
ويتساوى ذلك مع العوائد المولدة من القروض للعملاء التى وصلت إلى 39.2% مقابل 37.1%، بعدما ارتفعت الفوائد التى دفعها المقترضون74.7% مُسجلة نحو 4.9 مليار جنيه مقابل 2.8 مليار جنيه فى يونيو 2023.
وتقلصت نسبة مساهمة العائد من الودائع والحساب الجارية إلى 21.4% مقابل 29.2%.
وتراجع الدخل من العائد على الأذون والسندات لدى البنك المصرى الخليجى إلى 39% من دخل الفائدة لديه مقابل 43.2% فى الفترة نفسها من العام الماضى، كما انخفضت مساهمة القروض فى الدخل من الفائدة إلى 39% مقابل 43.2%، فى المقابل ارتفعت مساهمة العائد من الودائع والحسابات الجارية وبينها ودائع البنك المركزى إلى 20.4% مقابل 15.7%.
وإجمالًا ارتفعت مكاسب الفائدة بالبنك 72.9% خلال فترة المقارنة، مُسجلة 9.48 مليار جنيه مقابل 5.48 مليار جنيه.
ورغم أن مساهمة إيرادات الاستثمارات المالية فى أدوات الدين من إجمالى إيرادات بنك البركة تجاوزت 36% خلال النصف الأول من العام الجارى، إلا أنها تراجعت 8.2% مقارنة بالنصف الأول من العام الماضى، إذ ساهمت حينها بنحو 44.23%.
واتسعت نسبة مساهمة عائد القروض فى إجمالى إيرادات إلى 51.8% خلال الستة أشهر الأولى من 2024، مقابل نحو 47.7% خلال الفترة نفسها من 2023، وكذلك عائد الودائع والحسابات الجارية إلى 11.9% مقابل 7.77%.
وغرد بنك قناة السويس خارج السرب مع استحواذ القروض على 45.8% من هيكل إيرادات الفوائد وتراجعت لديه حصة الأذون والسندات من الفوائد إلى 19.8% مقابل 30.4%.
لكن مساهمة الإيرادات من الودائع والحسابات الجارية لدى البنوك وبينها الودائع لدى البنك المركزى ارتفعت إلى 26.9% من إجمالى إيرادات البنك خلال النصف الأول من العام الجارى، مقابل 12% خلال النصف الأول من العام الماضى.
وقال مصدر بقطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، إن الوضع الراهن بشأن ارتفاع مساهمة عوائد الأذون والسندات فى دخل البنوك من الفائدة إلى نحو 40% أو تتخطاها، نموذج مُشوه سينتهى قريبًا مع اتجاه خفض أسعار الفائدة والتى سينخفض معها بالتوازى عوائد الأذون، لأن العائد من عمليات الإقراض يجب أن يحظى بمساهمة أكبر من ذلك.
وذكر أن آلية السوق المفتوح حدت أيضًا من التوجه نحو الإقراض فى ظل أنها تكفل عوائد صافية من الضرائب تعادل فائدة الكوريدور وبدون الحاجة لتجنيب مخصصات وتحمل تكلفة مخاطر.
وعدّل “البنك المركزى” العملية الرئيسية لربط الودائع لديه، فى 23 أبريل الماضى، ليسمح بقبول جميع العطاءات المقدمة من البنوك، بدلًا من النظام السابق والذى كان يقضى بطلب رقم محدد من البنك المركزى ويجرى تخصيص حصص للبنوك منه بعد التقدم بعطاءات.
