مع انتشار فكر ريادة الأعمال وتوسع الأشخاص، خاصة الشباب منهم، فى إطلاق شركاتهم الخاصة، ظهرت مشكلة عدم الواقعية فى التعامل مع التمويل والنمو ووضع الأهداف لهذا النوع من الشركات.
وأدى ذلك، مع أشياء أخرى، لتغيير الجهات الممولة وصناديق رأس المال المخاطر طريقتها فى التعامل مع الشركات الناشئة والتركيز على الشركات التى تتبنى أهدافا أكثر واقعية وخططا أكثر وضوحًا.
وقال المستثمرون الملائكيون إن التخطيط الواقعى يغيب بشكل عام عن استراتيجيات نمو الشركات الناشئة فى مستقبل البيزنس.
ويعنى التخطيط الواقعي وضع استراتيجيات وأهداف قابلة للتنفيذ تأخذ في الاعتبار الإمكانيات الفعلية والموارد المتاحة، بالإضافة إلى تحديات السوق والبيئة المحيطة، وهو الحلقة التي غالباً ما تغفل عنها الشركات الناشئة عند وضع استراتيجيات، وبدونه تصبح الطموحات الكبيرة عرضة للانهيار تحت وطأة التحديات العملية.
ويرى هيثم وجيه، العضو المنتدب لشركة أفانز كابيتال، أن رواد الأعمال فى مصر خاصة صغار السن يفتقرون إلى عنصر الخبرة العملية والابتعاد عن الواقعية فى التخطيط، موضحًا أنهم عادة ما يصبحون أكثر واقعية إذا تعرضت شركاتهم للفشل واضطروا لتأسيس مشروعات جديدة، وهو ما يكسبهم الخبرة للتخطيط الجيد والتحرك على أرض الواقع.
وأشار وجيه إلى أنه من ضمن أهم المشكلات التى تواجه الشركات الناشئة فى مصر هى تقييم الشركة بالدولار على الرغم من عدم وجود مورد دولارى لها، أو أن تكون أجور العاملين بالشركة بالدولار أو بما يعادله بالجنيه المصرى وهو ما يمثل ضغطا كبيرا على مصروفات الشركة.
وأضاف أن معظم الشركات الناشئة فى مصر تعتمد فى تقييماتها على الأسواق المتقدمة مثل السوق الأمريكى وهو ما يكون بعيدا كل البعد عن السوق المصرى.
ويرى وجيه أن رواد الأعمال فى مصر ينقصهم الخبرات الكافية، ويحتاجون لتجنب تقييم شركاتهم بالدولار خاصة إذا كانت الشركة لا تمتلك موردا دولاريا، فضلاً عن ضبط المصروفات.
وقالت مسرعة الأعمال “فاستر كابيتال” إن غياب التخطيط عن نموذج أعمال الشركات الناشئة يهدد بإغلاق النشاط من قبل بدئه، كما أن الشركات الناشئة قد تواجه نمواً غير مستدام، ويمكن أن يحدث هذا عندما تسعى وراء الكثير من الفرص أو تحاول النمو بسرعة كبيرة دون وجود البنية التحتية اللازمة.
وأكدت أن النمو غير المستدام يؤدى إلى مشاكل مالية وفي النهاية يجبر الشركات الناشئة على تقليص حجمها أو إغلاق أبوابها.
الحكيم: رأس المال الجرئ أصبح أقل جرأة مما كان عليه
وقالت كريمة الحكيم، الرئيس التنفيذى لـ”بلاج اند بلاى” مصر لرأس المال المخاطر، إنها لا تتفق مع أن الشركات الناشئة فى مصر فى الوقت الحالى تفتقر إلى التفكير الواقعى، مرجعة ذلك إلى أن الأحداث العالمية التى حدثت مؤخراً كانت لها دور كبير فى زيادة تحوط مثل تلك الشركات خاصة كونها الأكثر تضررًا مما حدث.
وتابعت الحكيم أن الحرب الأوكرانية والظروف الجيوسياسية الحالية فضلاً عن وجود التعويم كان لها تأثير كبير على الشركات الناشئة فى مصر التى تعلمت من هذه الظروف الصعبة وزاد وعى أصحابها بكيفية تجنب أكبر قدر من المخاطر المحتملة.
وأشارت الحكيم إلى أنه منذ نحو عشر سنوات كان من الممكن القول بأن الشركات الناشئة تفتقر للتخطيط الواقعى، نظراً لسعيها إلى الربح فى أسرع وقت ممكن بصرف النظر عن الحوكمة أو الاهتمام بتطبيقها، وهو ما يحدث عكسه تماماً خلال الوقت الحالى.
وجمعت الشركات الناشئة المحلية 88.7 مليون دولار من خلال 39 صفقة خلال النصف الأول من العام الجاري 2024، وفقا للبيانات التي جمعتها شركة الأبحاث المحلية “انطلاق” في تقرير تشخيص قطاع ريادة الأعمال المصري.
وفقا للتقرير ، فقد شهد شهر يناير ضخ أعلى حجم تمويلات في الشركات الناشئة المحلية على مدار العام، حيث ضخ المستثمرون نحو 28 مليون دولار في الشركات المحلية الناشئة خلال الشهر.
خاطر: الواقعية فى تقبل التغيير فى جدول الأعمال أهم متطلبات نجاح الشركة
قال مصطفى خاطر، المدير التنفيذى لشركة كيوبت كود CubitCode الشرق الأوسط، إن أهم ما يحتاجه رواد الأعمال فى مصر هو الواقعية فى تقبل التغيير فى جدول أعمالهم، أى تقبل الواقعية بأن التخطيط دائم التغير الناتج عن المتغيرات المحيطة.
وأوضح خاطر أن أهم ما يجب أنه يتبعه رواد الأعمال بالشركات الناشئة هو الرشد فى التصرف، بمعنى أنه يجب أن تهتم الشركة بالتصرف كشركة أكثر من الظهور كشركة، فالكثير من الشركات تتجه إلى إهدار المصاريف على الشكل الخارجى وهو ما يؤدى إلى ضغط مصاريف فى غير محله.
وأوضح أن الحنكة والرشد أهم ما يبحث عنه المستثمرين عن التعامل مع رواد الأعمال، فيهتم المستثمر بمعرفة كيف يتعامل رائد الأعمال مع أمواله الشخصية لمعرفة إذا كان لديه قدر كاف من الحكمة والرشد للتعامل مع أمواله.
وأشار إلى أهمية بناء قيمة مضافة للشركة فى بداية مزاولة عملها، موضحاً أن الأهتمام بالقيمة الحالية أهم من إضاعة الوقت فى التفكير فى القيمة المستقبلية للشركة.