تقترب نهاية عصر تحقيق عوائد سهلة بنسبة 5% على الأموال بشكل تدريجي في الولايات المتحدة، عقب قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى انخفاض معدلات الفائدة على حسابات التوفير عالية العائد، وصناديق السوق النقدي خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
وطرحت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في تقرير اليوم الخميس، تساؤلا بشأن سبل الاستثمار المالي عقب خفض الفائدة الأمريكية، حيث استثمر الأمريكيون تريليونات الدولارات في حسابات التوفير وصناديق السوق النقدي خلال العامين الماضيين، عندما جعلت ارتفاعات أسعار الفائدة النقد أكثر جاذبية.
وبلغت الأصول التجارية في صناديق السوق النقدي الأمريكي حوالي 2.6 تريليون دولار الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 1.5 تريليون دولار في سبتمبر 2022، وفق لمعهد شركة الاستثمار الأمريكي .
ودعا المستشارون الماليون الآن إلى إعادة تقييم المدخرات بسبب خفض الفائدة، وقالوا “إذا كنت تحتفظ ببعض النقود، عليك البحث عن أفضل الخيارات لاستثمارها مثل شهادات الإيداع أو سندات الخزانة لضمان الحصول على عوائد جيدة، كما يُنصح بالتحرك بسرعة لأن أسعار الفائدة قد تنخفض أكثر، مما يعني أن الفرص الحالية قد لا تدوم طويلًا”.
وبدوره، قال المستشار المالي الأمريكي، بن سميث، إن البنوك ستقوم بسرعة بسحب العروض الجيدة لشهادات الإيداع بعد خفض الفائدة ومع ذلك، لا داعي للقلق الشديد بشأن التأخير في اتخاذ القرار، لأن التأثير الفوري لهذا الخفض لن يكون كبيرًا مثلما حدث سابقًا، عندما انخفضت معدلات سندات من 9.62% إلى أقل من 7% في 2022.
وأضاف: “في تلك الفترة، أدى هذا الانخفاض إلى زيادة هائلة في الطلب على السندات، مما يعني أن التغيرات الحالية لن تكون بنفس الدرجة من التأثير”.
وحذر سميث من دافعين متعارضين، الأول هو السعي وراء عوائد أعلى من خلال شراء الأسهم، قائلا إن “استخدام الأسهم لتحقيق مكاسب قصيرة ال أجل يعد مخاطرة، يجب عليك شراء الأسهم فقط إذا كنت تخطط للاحتفاظ بها، والثاني هو أن الناس قد اعتادوا على عوائد مرتفعة من النقود لدرجة أنهم قد يتمسكون بها حتى مع انخفاض الأسعار”.
وعن الاستثمار المالي، أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن حسابات التوفير عالية العائد تبدو صفقة جيدة في السنوات الأخيرة، لكن الفائدة على النقود لن تجعلك غنيًا، حيث تساعد فقط في حماية المال الذي تحتاجه قريبًا من التضخم.
وأوضحت المستشارة المالية بشيكاغو، فاليري ريفيرا، “هناك شعور بأن النقد لا يحمل مخاطر، وهذا خطأ للحد من المدخرات، حدد مقدار المال الذي تحتاجه للطوارئ وعلى مدار السنتين المقبلتين احتفظ بذلك في حساب عالي العائد أو إذا كان لديك مصروف محدد اشترِ شهادة إيداع أو سندًا يستحق عند الحاجة إلى المال”.
وتابعت قائلة: “يجب أن تذهب الأموال التي لا تحتاجها لمدة عشر سنوات على الأقل إلى استثمارات طويلة الأجل مثل الأسهم؛ فهناك الأموال التي تخطط لاستخدامها في المدى المتوسط، وهو أفق زمني غالبًا ما يتم تجاهله”.
وفيما يتعلق بواقع خفض أسعار الفائدة، فعندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة أو يخفضها ينعكس متوسط 30% إلى 40% من التغيير في العوائد على الحسابات الجارية وحسابات التوفير، وفقًا لدراسة عام 2021، حيث تميل البنوك إلى تغيير عوائد شهادات الإيداع بشكل أسرع عندما تنخفض الأسعار مقارنةً عندما ترتفع.
في الفترات التي كانت فيها الأسعار تنخفض بين 1997 و2011، تركت البنوك العوائد دون تغيير على شهادات الإيداع لأجل 3 أشهر لمدة متوسطة تبلغ ثلاثة أسابيع.
وعندما كانت الأسعار ترتفع، تركت البنوك العوائد دون تغيير لمدة متوسطة تبلغ ستة أسابيع، وفقًا لدراسة نشرتها الاحتياطي الفيدرالي في 2022.
ووفق لفليب شنبال، أستاذ التمويل في جامعة نيويورك، فإن “البنوك تتباطأ في اتخاذ الإجراءات لأنها تستفيد من تأخير دفع الفوائد الأعلى للعملاء”.
ومع ارتفاع الأسعار في 2022 و2023، تلقى العديد من المدخرين سلسلة من الرسائل الإلكترونية الاحتفالية من بنوكهم تخبرهم بأن عوائد حسابات التوفير الخاصة بهم قد زادت؛ بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال.
وأضافت أن البنوك لا يُطلب منها قانونيًا إخطارك عند تغيير معدل الفائدة على حسابك، لذا لا تتوقع نفس مستوى التواصل إذا خفضت الأسعار، فعندما ينخفض حساب توفيرك عالي العائد من 5% إلى 4.5%، لن تحصل على تلك الرسالة الإلكترونية”.