تشهد مبيعات الهواتف المحمولة في متاجر القاهرة والإسكندرية، حالة من الارتباك والترقب، على خلفية أنباء إيقاف تشغيل الهواتف الواردة مع أصحابها من الخارج والمعروفة باسم هواتف “الضمان الدولي”، وكذلك فرض رسوم على مستخدميها لتفعيلها مجدداً.
قال أحد كبار تجار الهواتف المحمولة بالقاهرة ـ فضّل عدم ذكر اسمه ـ إن الأنباء التى ترددت مؤخراً عن إيقاف تشغيل الهواتف المستوردة من الخارج في مصر بدءًا من يناير 2025 قد أثارت حالة من الارتباك في سوق الهواتف.
فبعض التجار قرروا التخلص من بضاعتهم “المستوردة” بتخفيض أسعارها بين 10 و15% أملاً في بيعها قبل صدور القرار وهو ما لاقى استحسان المستخدمين وحدث رواج نسبي في المبيعات.
في حين قام تجار آخرون برفع سعر هواتف “الضمان الدولي” نسبياً واخبار زبائنهم أن شراء الهواتف هو الأنسب في الوقت الحالي قبل صدور القرار رسمياً والتأكيد على أن القرار لن يسري على من قام بالشراء بأثر رجعي.
ولا يزال الأمر غير واضح حتى الآن وما إذا كان سيتم تطبيق الاقتراح بالفعل؟ أم سيتم تأجيله كما حدث منذ عدة سنوات؟.
اقرأ أيضا: شركات المحمول توقع عقود تراخيص خدمات الجيل الخامس بمصر
وخلال جولة بشارع عبدالعزيز وسط القاهرة، قال عبدالرحمن السيد، صاحب محلات الروضة للهواتف إن مبيعات الهواتف شهدت تراجعًا كبيراً منذ مطلع العام الحالي على خلفية الركود الذي يعاني منه سوق الهواتف منذ عدة سنوات وتوجيه المستخدمين قوتهم الشرائية نحو المنتجات الضرورية.
أضاف أن ماتم تداوله بخصوص الأجهزة المستوردة أربك السوق خلال الأسبوعين الماضيين وجعل كثيرا من التجار يبحثون التخلص من أجهزتهم بالخسارة أو بنفس قيمة شرائها خوفاً من القرار.
أوضح السيد، أن هواتف آيفون وسامسونج فئة “الألترا” القادمة من الخليج من أكثر الهواتف التى يزداد الطلب عليها لانخفاض اسعارها نسبيًا عن المحلية، مطالبا بمنح التجار فترة زمنية فور تطبيق القرار لتقنين أوضاعهم وتجنب الخسائر التي ستحدث لهم جراء ذلك.
وقال سمير طه تاجر بشارع عبدالعزيز، إن كثيرا من رفاقه التجار بدأوا عرض بضائعهم بأسعار أقل 10 ـ 15% لتسريع بيعها، وهو ما حدث بالفعل لدى البعض، مؤكدا أن الاقتراح يفيد التصنيع المحلي والشركات التى بدأت في عمليات التصنيع ومنها سامسونج وأوبو وانفينكس وغيرها.
وأضاف أنه من المهم قبل اتخاذ قرار مثل ذلك ضرورة وضع فترة لتقنين المستخدمين والتجار لأوضاعهم ، كما يجب أن تكون رسوم تسجيل الهواتف مرتفع لأن ذلك سيرفع أيضاً أسعار الهواتف المحلية وسيحدث مزيدا من الركود في السوق الذي يعاني منذ سنوات.
رئيس الشعبة بالإسكندرية: 30% انكماشا في المبيعات 2024
وفي الإسكندرية، قال أحمد مصطفى، رئيس شعبة مراكز الاتصالات وتجارة أجهزة المحمول بالغرفة التجارية بالإسكندرية، إن سوق الهواتف المحمولة في المدينة الساحلية يشهد حالة من الارتباك بعد تداول أنباء بتطبيق رسوم على الهواتف المحمولة ذات ضمان دولي وإيقاف الموبايلات المستوردة عن العمل في حال عدم دفع الرسوم، مؤكدًا أنه من الضروري تحديد آلية متزنة للتطبيق وإعطاء مهلة وفترة سماح للتجار لتوفيق أوضاعهم.
وأوضح مصطفى، أن القرار المرتقب قد يٌتسبب في انخفاض الطلب على شراء الهواتف المحمولة بسبب ارتفاع أسعارها بصورة كبيرة .. الأمر الذي سيُجبر التجار بعد فترة على الارتداد وخفض الأسعار، وربما يضطر التجار لتحمل جانب من تكلفة قيمة البضائع وغض النظر عن تحقيق مكاسب لتغطية التزاماتهم، مؤكدًا أن العرض والطلب هما المتحكم الرئيسي في سوق الموبايلات.
وأضاف أن الهواتف المحمولة ذات الضمان الدولي هي الأكثر انتشارًا في سوق الأسكندرية من علامة “آيفون”، تليها سامسونج وأوبو وريلمي، موضحًا أن الأجهزة المحمولة المستوردة من الخارج من العلامات التجارية “سامسونج” و”أوبو” و”ريلمي” شهدت انتشارًا كبيرا في الفترة الأخيرة بالسوق السكندري أكثر من العلامة التجارية “آيفون”.
وكشف رئيس شعبة مراكز الاتصالات وتجارة أجهزة المحمول بالغرفة التجارية بالإسكندرية، أن سوق الهواتف المحمولة يُعاني من ركود العام الحالي، إذ انخفضت مبيعات الهواتف المحمولة خلال الأشهر العشرة الأولى من 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنسبة تجاوزت 30%.
وعزا سبب انخفاض مبيعات الهواتف المحمولة إلى ارتفاع معدلات التضخم، مما جعل المستهلكين يحجمون عن شراء المنتجات الإلكترونية والتي تعد سلعة ترفيهية، ويوجهون قوتهم الشرائية للسلع والمنتجات الأساسية والضرورية، وخاصة مع دخول الموسم الدراسي.
عبد الوهاب: تطبيق القرار سينعكس سلبًا على الأسعار
وقال محمد عبد الوهاب، نائب أول رئيس مجلس إدارة شعبة مراكز الاتصالات وأجهزة المحمول بالإسكندرية، إن جهاز تنظيم الاتصالات لم يصدر أي قرارات حتى الآن بهذا الشأن، مؤكدًا أن قرار حظر تشغيل الأجهزة وارد الخارج بصحبة أصحابها، سينعكس سلبًا على السوق سواء على صعيد الأسعار أو حجم المعروض.
وتوقع عبد الوهاب، أن يشهد سوق الهواتف المحمولة نقصا في المعروض في عدد من العلامات التجارية ، في بداية تطبيق القرار، موضحًا أن وكلاء العلامات التجارية ، مازال يعانون حتى الوقت الحالي من عدم قدرتهم على إدخال شحنات للموديلات الجديدة لطرحها في السوق المصري، لعدم القدرة البنوك على توفير سيولة دولارية كافية لهذا النوع من الشحنات.
وقال علاء محمود، نائب ثانِ نائب رئيس مجلس إدارة شعبة مراكز الاتصالات وأجهزة المحمول بالإسكندرية، إن سوق الهواتف المحمولة يعاني منذ شهر أكتوبر الماضي من ركود نتيجة انتشار أنباء بإيقاف تشغيل الهواتف التي يأتي بها أصحابها من الخارج، وفرض رسوم عليها كي تعمل على الشبكات المصرية.
وأضاف، أن عددا كبيرا من تجار الهواتف المحمولة في الإسكندرية اضطروا إلى تخفيض أسعار المنتجات خوفًا من عدم قدرتهم على بيعها حال تطبيق هذا القرار، موضحًا أن أسعار الهواتف المحمولة كانت ستشهد زيادة بنسبة 5 ـ 8% خلال الفترة الماضية في ظل ارتفاع أسعار الذهب والتنبؤ بارتفاعات جديدة في أسعار الدولار، إلا أن انتشار خبر إيقاف تشغيل الهواتف المحمولة الواردة من الخارج بصحبة أصحابها وفرض رسوم عليها، حد من تنفيذ هذا الارتفاع.
وتابع، أن نسبة الانخفاض تقترب من 15%، معطيًا مثالا بسعر هاتف “realme c53” الذي بلغ خلال الوقت الراهن حوالي 5000 جنيه بدلًا من 8 آلاف جنيه.
ولفت محمود إلى أن هناك سببا آخر في انخفاض أسعار الهواتف المحمولة بأسواق الإسكندرية بجانب خبر إيقاف الأجهزة ذات الضمان الدولي، وهو قرار انتهاء السوق الموازية للدولار الذي بدأ العام عند سعر صرف 70 جنيها للدولار.. وحاليا 50 جنيها.
وذكر، أن الأجهزة المستوردة المتاحة حاليًا بيد المواطنين لن ينطبق عليها هذا القرار، ولكنه سيُطبق على الأجهزة التي تدخل مصر عقب صدور القرار، متوقعًا صعوبة حصر الأجهزة ذات الضمان الدولي الموجودة في السوق فضلًا عن صعوبة تطبيقه مع السياح المترددين على مصر، بالإضافة للمصريين العاملين في الخارج والعائدين إلى مصر في أجازاتهم.
وأوضح أن تطبيق القرار المقترح يُلزم الدولة بزيادة عدد مصنعي الهواتف المحمولة، كي لا تظهر أزمة نقص المعروض مرة أخرى في الأسواق، مشيرًا إلى أنه من المؤكد أن تشهد أسعار الهواتف المحمولة ارتفاعًا حال تطبيق الاقتراح نتيجة زيادة الضغط على الدولار، إذ يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 70 جنيها نظرا لحاجة تلك المصانع إلى استيراد المواد الخام اللازمة.
وحول مدى تأثير قرار تعويم الجنيه على سوق الهواتف المحمولة، يرى محمود أن تذبذب سعر الصرف يعد من أكبر التحديات التي تواجه القطاع، والذي تسبب في تكبيد التجار خسائر كبيرة، موضحًا أن أغلب التجار اشتروا بضائعهم والدولار يلامس 70 جنيها في السوق الموازي، ومع تطبيق قرار تعويم الجنيه والذي نتج عنه القضاء على السوق الموازي ووصول الدولار إلى 50 جنيها، اضطر التجار لبيع منتجاتهم بسعر الدولار الحالي أقل من 50 جنيها مما كبدهم خسائر كبيرة.
وأشار محمود إلى أن حجم المبيعات في سوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية، يتراجع سنويا بمعدلات أسرع عن العام السابق بسبب ارتفاع معدلات التضخم وتدني مستوى معيشة المستهلك، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد البترولية عدة مرات خلال العام الحالي، الأمر الذي انعكس سلبًا على القوى الشرائية.
وتابع، أن السوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية اعتاد أن يمر بحالة ركود عقب عودة الموسم الدراسي، نتيجة إحجام المستهلكين عن شراء للمنتجات الإلكترونية وتفضيلهم لشراء المستلزمات المدرسية والسلع الأساسية.
وأضاف، أن هناك عددا كبيرا من التجار في الإسكندرية اضطروا إلى وقف نشاط متاجرهم أو الخروج من السوق نتيجة تعرضهم لخسائر في ظل زيادة الأعباء الاقتصادية واستمرار انخفاض حجم المبيعات.
ولفت إلى أن الموسم الصيفي المنقضي شهد انخفاضًا كبيرًا في حجم المبيعات، موضحًا أن 90% من المستهلكين اشتروا هواتف جديدة عبر برامج التقسيط التي تطرحها شركات التمويل الاستهلاكي، أو صيانة هواتفهم بدلًا من شراء هواتف جديدة.
وفي السابق كان شراء الهواتف المحمولة عبر نظم التقسيط مقتصرا على الهواتف المحمولة الفئة العليا، إلا أنه في الوقت الراهن أصبح العملاء يلجأون إلى الشراء بالتقسيط في هواتف الفئة الاقتصادية.
وعن أبرز العلامات التجارية مبيعًا في السوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية قال محمود، إن “سامسونج” و”أوبو” و”ريلمي” و”شاومي” هي أكثر العلامات التجارية مبيعًا خلال الوقت الراهن، وتتراوح أسعارها بين 5 ـ 8 آلاف جنيه.
الصول: لابد من إعطاء حوافز وتيسيرات للمصنعين
وقال خالد الصول، عضو شعبة مراكز الاتصالات وتجارة أجهزة المحمول بالغرفة التجارية بالإسكندرية، إن الأجهزة المحمولة من الفئة الاقتصادية للعلامة التجارية “أوبو” والتي تتراوح أسعارها بين 5 ـ 8 آلاف جنيه هي الأكثر مبيعًا في سوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية، وتتبعها العلامة التجارية “ريلمي” وتتراوح أسعارها بين 4.5 ـ 6.5 ألف جنيه.
وأوضح، أن أجهزة العلامة التجارية “أوبو” للفئة فوق المتوسطة نجحت خلال الفترة الماضية في تحقيق حجم مبيعات كبير في سوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية وتبلغ أسعارها حوالي 13 ألف جنيه، لافتًا إلى أن “سامسونج” احتلت المرتبة الثالثة في الحصة السوقية لمبيعات شركات المحمول بالاسكندرية.
وذكر، أن إيقاف الأجهزة المستوردة بمعرفة أصحابها سينعكس سلبًا على سوق الهواتف المحمولة لأنه يتسبب في عودة مشكلة نقص المعروض من الأجهزة، مؤكدًا ضرورة إخطار التجار وإعطائهم فترة سماح كافية لتقنين أوضاعهم.
وتابع :” هناك عدد من الإجراءات ينبغي على الدولة اتباعها حال تطبيق إيقاف دخول هواتف “الضمان الدولي”، وأبرزها إعطاء حوافز وتيسيرات لمصنعي الهواتف في مصر سواء في الضرائب أو الجمارك، وتوفير قطع الغيار اللازمة وإعطائها أولوية في الاستيراد، مؤكدًا أن تطبيق قرار إيقاف دخول الهواتف الواردة من الخارج دون اتخاذ تلك الإجراءات سيُسبب نقص في المعروض في أسواق الهواتف المحمولة بمصر.
أضاف أن شركة “أوبو” خرجت من سوق المصري في فترة فرض الدولة قيود على الاستيراد.. لذلك علينا منح تيسيرات كبيرة للمستثمرين ومصنعي الهواتف المحمولة، وتوفير العملة الصعبة لاستيراد المواد الخام اللازمة لصناعة الهواتف المحمولة.
وتابع أن شركة سامسونج لديها مصنع في مصر وتطرح في السوق ما يقرب من 6 موديلات، ولكن مطلع شهر أكتوبر توقف إنتاجها من تلك الموديلات لتبدأ في إنتاج أجهزة التابلت للمدارس، مشيرًا إلى أن سوق الهواتف المحمولة في مصر بحاجة إلى مزيد من الشركات العالمية الأخرى للاستثمار في مصر بجانب شركة “سامسونج” لتغطية السوق المحلي.
ومن الضروري فرض رسوم تسجيل على الهواتف الواردة من الخارج بنسب معتدلة وليست كبيرة، لكي لا ترتفع أسعار الهواتف المحمولة مما يزيد من حجم الركود الذي يُعاني منه السوق، مؤكدًا أن العميل يُفضل شراء أجهزة بسعر منخفض أكثر من شراء جهاز بضمان محلي، نظرًا لكونها أعلى سعرًا مقارنة بالأجهزة الواردة من الخارج.
اقرأ أيضا: 110.4 مليون مشترك فى “المحمول”.. و12.8 مليون فى “الثابت” بنهاية يونيو
وذكر، أن التجار لجأوا إلى بيع أجهزة “الضمان الدولي” بسعر التكلفة خوفًا من إيقافها، إلا أن المستهلكين عزفوا عن شرائها مفضلين الأجهزة ذات ضمان محلي، لذلك ارتفعت أسعار الهواتف المحمولة ذات ضمان دولي ارتفاعًا طفيفًا خلال الفترة الحالية، بمقدار زيادة تصل إلى 100 جنيه.
وخلال جولة أجرتها البورصة في شارع شاكور المشهور ببيع أجهزة الهواتف المحمولة بالإسكندرية، قال محمد عادل، تاجر هواتف محمولة ، إن أسعار الهواتف ذات الضمان الخارجي شهدت انخفاضًا ملحوظًا خلال الفترة الحالية، بسبب ضعف إقبال المستهلكين على شرائها.
وأضاف أن مقدار الانخفاض في أسعار الهواتف المحمولة الواردة من الخارج تراوحت ما بين 3000 ـ 4000 جنيه للهاتف “آيفون”، و 200 ـ 500 جنيه للهاتف من العلامة التجارية “ريلمي” و”أوبو”.
وذكر أحمد سالم، تاجر هواتف محمولة بالإسكندرية، أن كثيرا من التجار لجأوا إلى تشغيل أجهزتهم خوفًا من تعرضها للتوقف والبعض الآخر قام بتخفيض أسعار الأجهزة في ظل حالة البلبة التي شهدها سوق الهواتف المحمولة بعد أنباء إيقاف الأجهزة المستوردة بصحبة أصحابها وفرض رسوم عليها كي تعمل على الشبكات المصرية.
وتابع: “من الصعب إيقاف الأجهزة الواردة من الخارج نظرًا لصعوبة حصرها، بالإضافة إلى صعوبة تطبيقها مع الزوار المترددين على مصر”.
وأشار إلى أن أجهزة “الضمان الدولي” تعد الأكثر مبيعًا في السوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية، وتبدأ أسعارها من 6 آلاف جنيه وحتى 10 آلاف جنيه وهي تعد الفئة الاقتصادية التي كانت تبلغ 3 آلاف جنيه سابقًا.
وأضاف، أن شهر أغسطس هو أبرز الشهور التي تزداد فيها مبيعات الهواتف المحمولة، ويحل الهدوء على سوق الهواتف المحمولة بالإسكندرية عقب عودة المدارس، على أن يشهد حركة طفيفة في المبيعات خلال إجازة نصف العام.