اقترضت حكومة المملكة المتحدة مبلغاً أكبر بكثير من المتوقع فى ديسمبر، ما يبرز حجم التحديات التى تواجه وزيرة المالية رايتشل ريفز، بينما تسعى لاستعادة الثقة فى خططها المالية ومعالجة اقتصاد راكد.
بلغ حجم الاقتراض ـ الفرق بين إنفاق القطاع العام وإيراداته ـ 17.8 مليار جنيه إسترلينى الشهر الماضى، أى أكثر بـ10.1 مليار جنيه إسترلينى، مقارنة بديسمبر 2023، ما يجعله ثالث أعلى رقم فى ديسمبر على الإطلاق، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية التى صدرت الأربعاء.
خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية، بلغ الاقتراض 129.9 مليار جنيه إسترلينى، وهو أعلى بـ8.9 مليار جنيه إسترلينى مقارنة بالفترة نفسها من السنة المالية السابقة، وثانى أعلى رقم للفترة من أبريل إلى ديسمبر منذ بدء السجلات الشهرية فى يناير 1993، حسب ما نقلته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
تزيد هذه الأرقام من الضغط على ريفز، التى سعت لطمأنة المستثمرين بعد أن ارتفعت تكاليف الاقتراض فى المملكة المتحدة هذا الشهر إلى أعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية العالمية، ما يهدد قدرتها على الالتزام بقاعدة مالية وضعتها بنفسها، وهى تغطية الإنفاق اليومى من عائدات الضرائب.
وقال الاقتصادى فى شركة «كابيتال إيكونوميكس»، أليكس كير: «فى ظل تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى وارتفاع أسعار الفائدة، يمثل تجاوز الاقتراض فى ديسمبر أخباراً مخيبة للآمال لوزيرة المالية».
جاء ارتفاع الاقتراض فى ديسمبر نتيجة زيادة تكاليف مدفوعات الفائدة على السندات المرتبطة بالتضخم، إضافة إلى دفعة لمرة واحدة لإعادة شراء مساكن عسكرية.
وبلغت قيمة الاقتراض 17.8 مليار جنيه إسترليني، أعلى من توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم والتى بلغت 14.1 مليار جنيه إسترليني، وكذلك أعلى من تقديرات مكتب المسئولية المالية فى المملكة المتحدة البالغة 14.6 مليار جنيه إسترلينى فى أحدث توقعاته التى صدرت فى أكتوبر.
وتراجعت تكاليف الاقتراض فى المملكة المتحدة بعد أن أظهرت بيانات الأسبوع الماضى تباطؤاً غير متوقع فى التضخم فى ديسمبر، إضافة إلى توقف موجة بيع السندات العالمية.
لكن الضغوط على الوزيرة ريفز لا تزال مستمرة، إذ ألقى رجال الأعمال باللوم عليها فى ضرب الثقة بالسوق وإضعاف سوق العمل؛ بسبب زيادات ضريبية بلغت 40 مليار جنيه إسترلينى فى ميزانية أكتوبر، وقد وعدت الوزيرة بالكشف عن خطة لإحياء النمو فى الأسابيع المقبلة.
من المقرر أن يقدم مكتب المسئولية المالية فى المملكة المتحدة تحديثاً فى 26 مارس حول ما إذا كانت ريفز لا تزال على المسار الصحيح للالتزام بقواعد الاقتراض الخاصة بها؟
ووفقاً للميزانية، تركت ريفز لنفسها هامشاً ضيقاً يبلغ 9.9 مليار جنيه إسترلينى للالتزام بقاعدتها المالية، فيما قال «كير»، إن هذا الهامش تقلص إلى 2 مليار جنيه إسترلينى فقط، ما يزيد من احتمال الحاجة إلى خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب.
وقالت المحللة الاستراتيجية فى «تى دى سيكيوريتيز»، بوجا كومرا، إن الزيادة الحادة فى الاقتراض الشهر الماضى أضافت إلى الضغوط المالية، لكنها أشارت إلى أن العديد من المستثمرين يعتقدون بالفعل أن الوزيرة ستضطر إما إلى خفض الإنفاق وإما زيادة الضرائب لضمان الالتزام بقاعدتها المالية.
وفى إشارة إلى تأثير التضخم على المالية العامة، بلغت تكاليف الفائدة 8.3 مليار جنيه إسترلينى فى ديسمبر، بزيادة 3.8 مليار جنيه إسترلينى عن العام السابق، وهو ثالث أعلى رقم مسجل لشهر ديسمبر منذ بدء السجلات الشهرية.
كما تم دفع 1.7 مليار جنيه إسترلينى لإعادة شراء المساكن العسكرية إلى الاقتراض فى ديسمبر. وارتفعت عائدات الضرائب الشهر الماضى بمقدار 4 مليارات جنيه إسترلينى مقارنة بديسمبر 2023 لتصل إلى 65.5 مليار جنيه.
وظل الدين العام، أو الاقتراض المتراكم على مر الزمن، عند 97.2% من الناتج المحلى الإجمالي، وهو مستوى لم يُسجل منذ أوائل الستينيات.
وقال الاقتصادى فى شركة «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، إليوت جوردان ـ دوك: «نتوقع أن تقدم الحكومة تخفيضات فى الإنفاق ـ مؤجلة حتى نهاية السنة المتوقعة ـ فى الحدث المالى القادم فى مارس. ومن المرجح أيضاً أن تكون هناك زيادات ضريبية إضافية فى ميزانية أكتوبر المقبلة».