توقع تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية- “IRENA”، إن مصر بحاجة لاستثمارات سنوية تتراوح بين 2.5 و6 مليارات دولار سنويًا فى الطاقة الجديدة والمتجددة، لتسريع وتيرة نشاط الطاقة المتجددة فى البلاد وفقًا لرؤيتها لعام 2030.
وأضاف تقرير “IRENA”، أن مصر تمتلك إمكانات هائلة ستوفر لها مزيج الكهرباء من الطاقة المتجددة وتحقيق خطة 2030، مرجحة أن مصر من أن تضاعف حصة الطاقة المتجددة التي يمكن تحقيقها من خلال تغيير الخطط والسياسات الحالية.
وتابعت أن التطور الاقتصادي في مصر يعتمد بشكل كبير على قطاع الطاقة، الذي يمثل 13.1% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ولتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، اعتمدت الحكومة المصرية استراتيجية تنويع مصادر الطاقة، المعروفة باسم “استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة حتى عام 2035 “ISES”.
وترى الوكالة، أن انخفاض تكاليف تقنيات الطاقة المتجددة وزيادة انتشارها يؤديان إلى خفض إجمالي تكاليف الطاقة بمقدار 900 مليون دولار سنويًا بحلول عام 2030، ما يعادل تخفيضًا في التكلفة بمقدار 7 دولارات لكل ميجاوات ساعة.
وأضاف تقرير “IRENA”، أن تحقيق التنفيذ بنجاح يتطلب تعديلات كثيرة في استراتيجية مصر للطاقة المستدامة، خاصة أنها لا تعكس التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة التي تحدث على الصعيدين الوطني والإقليمي.
بالإضافة إلى أنه يجب أن تأخذ الخطط في الاعتبار البيانات الأخيرة لحساب تكلفة العوامل الخارجية، لاسيما مع أسعار الطاقة المدعمة بشدة في مصر، كما أن إلغاء الدعم سيسهم في تخفيف العبء المالي عن الحكومة، الذي أصبح مرهقًا في ظل تراجع الإيرادات الحكومية.
وتابع التقرير، أنه لكى تتمكن مصر من الاستفادة الكاملة من الطاقة المتجددة، يجب على الحكومة أن تأخذ في اعتبارها التحديات المالية والفنية.
التحديات والفرص أمام مصر
وأضاف تقرير “IRENA”، أن هناك بعض التحديات التى تواجه تنفيذ الاستراتيجية، ومن أبرزها تحديث استراتيجيات قطاع الطاقة والكهرباء لتعكس المزايا المتزايدة للتكلفة والفوائد الأخرى للطاقة المتجددة، حيث تعتمد الاستراتيجية 2035، على نهج التكلفة الأقل، خاصةً مع إلغاء الدعم على الطاقة.
وأكدت على أن الدافع الرئيسي لإدخال الفحم في مزيج الطاقة في مصر كان نتيجة لنقص الكهرباء في من الفترات الماضية، حيث وفر الفحم المستورد حلاً سريعاً لتقليل الاعتماد على الغاز المستورد، بينما أصبح هذا النهج عرضة لتغيير جذري في ظل انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة حاليا، إلى جانب الاكتشافات الأخيرة للغاز الطبيعي، وارتفاع المخاوف البيئية المتعلقة بتوليد الطاقة باستخدام الفحم.
ولفت إلى وجوب تحديث استراتيجيات وخطط قطاع الطاقة والكهرباء بانتظام لتعكس التطورات الجديدة، مما يسمح بتحقيق حصة من الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء تصل إلى 53% بحلول عام 2030، كما سيسهم ذلك في تقليص الحاجة إلى واردات الفحم والطاقة النووية، مما يعزز أمن الطاقة في البلاد.
وتابع تقرير “IRENA”، أن أحد أبرز التحديات، أن الاستراتيجية لم تولِ اهتمامًا كافيًا للاستفادة من إمكانيات الطاقة الحيوية، على الرغم من معالجتها للإطار التنظيمي لأنظمة إنتاج الكهرباء باستخدام الرياح والطاقة الشمسية، حيث يتضح ذلك في التقدم المحدود الذي تم تحقيقه في هذا المجال، ويرجع ذلك أساسًا إلى نقص القدرة المحلية، بالإضافة إلى التكاليف المرتفعة المبدئية المرتبطة بتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الحيوية.
وتتضمن التحديات، أن الاستراتيجية تتطلب تبسيط اللوائح وتوضيح الأدوار والمسؤوليات المؤسسية لتطوير طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وعلى الرغم من البيئة التمكينية لتشجيع مشاركة القطاع الخاص، إلا أن مطوري المشاريع يواجهون صعوبة بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة، بما في ذلك عدم توفر الوثائق التعاقدية للمشاريع ووجود نقاط اتصال متعددة لنشر الطاقة المتجددة، وللتغلب على هذه التحديات، ينبغي توضيح الأدوار المؤسسية بشكل أكبر.
وفيما يتعلق بتنفيذ اتفاقيات شراء الطاقة، واجهت الشركة المصرية لنقل الكهرباء صعوبات في الوفاء بالتزاماتها المالية وتأمين اتفاقيات شراء طاقة قابلة للتمويل، مما يبرز الحاجة إلى مراجعة الشروط والأحكام الحالية لاتفاقيات شراء الطاقة المتجددة لمعالجة المخاوف التي آثارها المستثمرون، بما في ذلك وضع نماذج موحدة للمستندات الخاصة بالمشاريع للطاقة المتجددة.
وفى سياق متصل فإن تجميع مشاريع الطاقة المتجددة لتعزيز التخفيف من المخاطر وضمان جدواها المالية تعد عائق أمام الاستراتيجية، حيث لا تعتبر المؤسسات المالية المحلية الطاقة المتجددة استثمارات منخفضة المخاطر، على الرغم من قدرتها التنافسية من حيث التكلفة.
خاصةً وأن العامل المحدد للطاقة المتجددة هو حجم المشاريع، بحيث تخضع المشاريع الصغيرة للطاقة المتجددة لأسعار فائدة مرتفعة من المؤسسات المالية المحلية، بينما تتمكن المشاريع الكبيرة للطاقة المتجددة من الحصول على أسعار فائدة منخفضة من المؤسسات التي تقع خارج مصر، مع وجود تسوية في تقلبات أسعار صرف العملات.
ويمكن تجميع مشاريع الطاقة المتجددة الصغيرة الحجم لتحقيق الحجم المطلوب، وتقليل تكاليف المعاملات، وتعزيز ثقة المؤسسات المالية المحلية في المشاريع. وبدوره، سيمكن تعزيز الثقة المؤسسات المالية المحلية من تطوير خطط إقراض موجهة نحو مشاريع الطاقة المتجددة باستخدام الموارد الميسرة، مما يسمح لمشاريع الطاقة المتجددة بالازدهار.
وأخيرًا، أوضح تقرير “IRENA” أنه لابد من إجراء حملات قياس شاملة لإمكانات الطاقة الشمسية والرياح، حيث تم إجراء العديد من تقييمات الموارد للرياح والطاقة الشمسية؛ ومع ذلك، لم يتم دعمها بتفاصيل كافية لضمان جدوى المشاريع المالية.
وتتضمن استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة 2035 حوالى 52 جيجاوات من الطاقة المتجددة على الشبكة، سواء كانت كبيرة الحجم أو موزعة، بحلول عام 2035.
ويتطلب هذا تقسيم المناطق ذات التكلفة الفعالة والإمكانات العالية للطاقة المتجددة، مع مواءمة جميع ممارسات تشغيل الشبكة والإرسال لاستيعاب التقلبات في العرض التي قد تحدث نتيجة للاستثمارات الكبيرة في الطاقة الشمسية والرياح، يمكن أن يتم إجراء حملات القياس، التي تشمل تقييم المواقع، من قبل المطور، مما يقلل من العبء على الهيئة المصرية للطاقة الجديدة والمتجددة، التي تتحمل حاليًا مسئولية تقييم الموارد.
وأوضحت أن الدور الأكبر لمصادر الطاقة المتجددة المتغيرة من الهيئة تحديد الخيارات القابلة للتحقيق لتحسين مرونة نظام الطاقة، بما في ذلك تعزيز الروابط عبر الحدود.
وتسلط الدراسات التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الضوء على ميزة مصر التنافسية في مختلف قطاعات سلسلة قيمة الطاقة المتجددة، خاصة في القطاعات السفلية لتطوير المشاريع وتشغيلها وصيانتها. إن الاستفادة من هذا الإمكانات لزيادة حصة المحتوى المحلي في التصنيع سيسهل تحقيق مجموعة من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية.
وقدمت المرحلة الحالية من نشر الطاقة المتجددة نحو 6 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في المجمل، حيث وفرت الألواح الشمسية الفوتوفولتية وحدها نصف هذه الوظائف.
وينصح التقرير الحكومة بوضع خطة رئيسية وطنية لتطوير القدرات المحلية في التصنيع، وذلك بشكل خاص من أجل تعزيز نقل المعرفة والتكنولوجيا، وبالتالي خلق وظائف محلية.