يعكف مسؤولو الاتحاد الأوروبي على صياغة مجموعة من التدابير الطارئة لحماية ودعم صناعة الألومنيوم المتعثرة في بلدان الاتحاد، بعد أن أدت رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية إلى تصاعد تدفقات “خردة” الألومنيوم الأوروبية إلى الأسواق الأمريكية، وهو ما ترك مصانع تدوير الخام المحلية في القارة على شفا الانهيار، حيث تكافح من أجل البقاء.
وكشفت صحيفة فاينانشيال تايمز في تقرير لها أن رسوم الرئيس الأمريكي شكّلت ضربة مزدوجة مؤلمة لقطاع الألومنيوم الأوروبي، الذي يبلغ حجمه نحو 40 مليار يورو، ويوفر أكثر من 250 ألف وظيفة مباشرة، ويدعم ما يزيد على مليون وظيفة في مختلف أنحاء أوروبا.
وأوضحت الصحيفة أن صادرات الألومنيوم إلى الولايات المتحدة تخضع لتعريفات جمركية تصل إلى 50%، وهو ما أضر بالمبيعات، بينما تدخل شحنات “خردة” الألومنيوم الأوروبية إلى الأسواق الأمريكية معفاة من الرسوم.
وقد أدت هذه الجمارك إلى ارتفاع أسعار الألومنيوم في الأسواق الأمريكية، ما أتاح للمنتجين تحقيق المزيد من الإيرادات ودفع أسعار أعلى لشراء الألومنيوم المستعمل القابل لإعادة التدوير. وأدى نقص الخردة إلى إصابة مصانع تدوير الألومنيوم والمصاهر بحالة من الجمود.
من جانبه، حذّر رئيس اتحاد الألومنيوم الأوروبي، بول فوس، من أن “المصانع تقلّص طاقتها الإنتاجية بالفعل، والأمر لم يعد مجرد تراجع في الأرباح بل صراع من أجل البقاء”، مشيراً إلى أن التكتل لا يملك سوى بضعة أسابيع لتصحيح الوضع. وتدرس المفوضية الأوروبية حالياً عدداً من التدابير التي تخطط للإعلان عنها خلال سبتمبر الجاري.
وكشف مسؤولان أوروبيان أن هذه التدابير قد تشمل فرض تعريفات جمركية على جميع صادرات خردة الألومنيوم من الاتحاد الأوروبي إلى مختلف أسواق العالم. وقال أحدهما: “بحلول نهاية الربع الثالث على أقصى تقدير، ستنظر المفوضية في اتخاذ تدابير تضمن توافر كميات كافية من الخردة”، رغم تأكيد المسؤولين أنه لم يُتخذ قرار نهائي بعد.
وتعد صناعة الألومنيوم من القطاعات الحيوية للتقنيات النظيفة مثل السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح، كما تُعتبر تجارة خردة الألومنيوم من الأسواق ذات المنافسة الشديدة، إذ تُباع نفايات الصناعة ومخلفاتها لأعلى جهة مزايدة عالمياً.
ويعاني المنتجون الأوروبيون من صعوبة المنافسة مع المصاهر الأمريكية والصينية، إذ تتمتع الأخيرة بتكاليف طاقة أقل بكثير.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن الاتفاق التجاري الإطاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الذي تم التوصل إليه في اسكتلندا الشهر الماضي، أخفق في خفض الرسوم الجمركية على الألومنيوم والصلب.
ويدفع الاتحاد الأوروبي نحو اعتماد نظام حصص يعفي جزءاً من صادرات الألومنيوم والصلب الأوروبية من الرسوم الجمركية، بما يتناسب مع مستويات التصدير التاريخية.
وخلال الفترة من 2019 إلى 2024 ارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبي من خردة الألومنيوم بنسبة 53%، في حين لم يتجاوز نمو الاستهلاك المحلي 5%.
وفي الوقت الذي استحوذت فيه آسيا، وعلى رأسها الصين، على ثلثي صادرات الاتحاد الأوروبي من خردة الألومنيوم، شهدت المبيعات إلى الولايات المتحدة قفزة بلغت نحو ثلاثة أضعاف خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، كما ارتفعت أسعار الخردة الأمريكية بنسبة 20% مقارنة بنظيرتها الأوروبية، وفق بيانات اتحاد الألومنيوم الأوروبي.
وكان ترامب قد فرض رسومه الجمركية على المنتجات تامة الصنع في مارس الماضي، ما دفع صناعات معينة، مثل مصنعي علب المشروبات الغازية، إلى زيادة الطلب على المعادن المعاد تدويرها، وهو ما أشعل موجة طلب قوية.
وقد استثمرت صناعة الاتحاد الأوروبي بكثافة في بناء أفران إعادة التدوير، لكنها تلقت كميات من الخردة أقل بنحو مليوني طن من طاقتها الإنتاجية الكاملة.
وتوقعت فاينانشيال تايمز أن أي تحرك لتقييد صادرات الخردة الأوروبية قد يفاقم التوترات مع واشنطن، حيث كان الاتحاد الأوروبي قد هدد بحظر تصدير خردة الألومنيوم والصلب إلى الأسواق الأمريكية إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق تجاري الشهر الماضي.
وبدوره، حذّر رئيس اتحاد التجارة الأوروبي “إيوريك”، أوليفر فرانسوا، من أن “اتخاذ تدابير متسرعة قد يضر بصورة غير مقصودة بتنافسية صناعة إعادة التدوير الأوروبية، دون أن يساهم فعلياً في توفير الخامات المعاد تدويرها لمصنعي الاتحاد الأوروبي”.








