دخلت الخلافات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي منعطفاً جديداً، في ظل تبادل الإجراءات الحمائية والرسوم الجمركية التي طالت قطاعات حيوية لدى الجانبين.
فمن السيارات الكهربائية إلى لحوم الخنزير، يزداد المشهد الاقتصادي توتراً بين القوتين التجاريتين، وسط اتهامات متبادلة بـ”الإغراق” و”الدعم غير العادل”. ورغم ذلك، ما زال الاعتماد الاقتصادي والتجاري المتبادل بين الطرفين كبيراً.
ويُقصد بمصطلح الإغراق بيع السلع في سوق ما بأسعار أقل من كلفة إنتاجها أو أقل من أسعار السوق المحلية في بلد التصدير.
يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤاً وتنامياً في السياسات التجارية الانعزالية، ما ينذر بمزيد من التحديات أمام سلاسل الإمداد والاستقرار التجاري الدولي.
فقد أعلنت بكين، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، أنها ستفرض رسوماً مؤقتة لمكافحة الإغراق تصل إلى 62.4% على واردات لحوم الخنزير من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من 10 سبتمبر الجاري، مما يعمّق النزاع التجاري مع الكتلة الأوروبية المكونة من 27 دولة.
وكانت المفوضية الأوروبية قد فرضت رسوماً جمركية مؤقتة تصل إلى 37.6% على بعض واردات السيارات الكهربائية الصينية في منتصف 2025، عقب تحقيقات كشفت عن دعم حكومي يضر بمبدأ المنافسة العادلة. كما يطالب الاتحاد الأوروبي بزيادة انفتاح السوق الصينية أمام الشركات الأوروبية.
تجدر الإشارة إلى أن الصين تُعد ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في السلع والخدمات بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وثاني أكبر شريك له في تجارة السلع وحدها. وبلغ حجم التجارة الثنائية في السلع 732 مليار يورو في عام 2024، بانخفاض طفيف قدره 1.6% مقارنةً بـ2023.
وفي العام نفسه، شكّلت واردات الاتحاد من السلع المصنعة 96.7% من إجمالي الواردات من الصين، مقابل 3% فقط للسلع الأولية. وفي المقابل، شكّلت صادرات الاتحاد الأوروبي من السلع المصنعة 86% من إجمالي صادراته إلى الصين.
أما في تجارة الخدمات، فقد حافظ الاتحاد الأوروبي على فائض تجاري طويل الأمد مع الصين بلغ 21 مليار يورو في عام 2024.
وعلى صعيد الاستثمارات، بلغ رصيد استثمارات الاتحاد الأوروبي في الصين 232 مليار يورو في 2023، فيما وصل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 10.1 مليار يورو في 2024، وتركزت هذه الاستثمارات في قطاعات السيارات، المواد الأساسية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
في المقابل، بلغ رصيد الاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي 65 مليار يورو في 2023، فيما وصل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني إلى 9.4 مليار يورو في 2024 مقارنةً بـ5.2 مليار يورو في 2023. وتوزعت بشكل رئيسي على قطاعات السيارات، الترفيه والإعلام والتعليم، إضافة إلى المنتجات والخدمات الاستهلاكية.
يُذكر أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى الصين كشريك للتعاون ومنافس اقتصادي في آن واحد، وهي الرؤية التي أعاد التأكيد عليها مجلس الاتحاد الأوروبي في يونيو 2023.








