تعد تقنية “البلازما كلاستر” التي تم تطبيقها داخل الهرم الأكبر خطوة مبتكرة تهدف إلى الحفاظ على النقوش الأثرية الفريدة التي تزخر بها الأهرامات المصرية، في وقت يعاني فيه هذا الموقع التاريخي من آثار الرطوبة العالية وقلة دخول أشعة الشمس.
هذه التقنية لا تقتصر على الحفاظ على القيمة التاريخية للأثر فحسب، بل تقدم تجربة زيارة مريحة وآمنة للزوار، مما يعزز الإقبال السياحي ويسهم في زيادة الإيرادات.
ومع النجاح المتوقع لهذه التجربة في هرم خوفو، هناك إمكانية لتوسيعها لتشمل باقي الأهرامات ومناطق أثرية أخرى في مصر، بما يساهم في تعزيز مكانة المقصد السياحي المصري على مستوى العالم.
قال علي سرحان، مفتش آثار بمنطقة سقارة، إن تطبيق تقنية الهواء بالبلازما كلاستر داخل الهرم الأكبر يعد خطوة استراتيجية لتعزيز العوائد السياحية، موضحًا أن هذه التقنية تهدف إلى الحفاظ على النقوش الأثرية المتآكلة بسبب الرطوبة العالية، وقلة دخول أشعة الشمس إلى داخل الهرم، الأمر الذي يساهم في الحفاظ على قيمته التاريخية والأثرية.
أضاف سرحان لـ”البورصة”، أن التقنية ستوفر بيئة تنفس ملائمة للزوار، حيث يمتد ممر الصعود داخل الهرم لمسافة نحو 39.5 مترً، وهو ما كان يشكل تحديًا كبيرًا أمام الزائرين وخصوصًا كبار السن، مشيرًا إلى أن تحسين تجربة الزيارة سيرفع من معدلات الإقبال السياحي، ويعزز من زيادة الإيرادات الخاصة بمنطقة الأهرامات والدولة ككل.
أوضح سرحان أنه في حال نجاح التجربة داخل هرم خوفو، فإن ذلك سيمهد الطريق لتعميمها قريبًا على الهرمين الآخرين. متوقعًا إمكانية تطبيقها مستقبلاً في مناطق أثرية أخرى مثل مقابر الأقصر، التي تتراوح أطوالها بين 70 و100 متر، والتي يعاني الزوار فيها من صعوبة في التنفس.
مصادر: التمويل صادر عن “الأعلى للآثار” باعتباره الجهة المشرفة
في سياق متصل قالت مصادر بقطاع الآثار، إن فكرة جهاز تنقية الهواء بهرم خوفو تعتمد على سحب بخار المياه المنبعث داخل الهرم، وذلك بهدف الحفاظ على الأثر وعدم تعرضه للتلف نتيجة انبعاثات الأبخرة المائية.
ورجحت المصادر لـ”البورصة”، أن التمويل المرصود لمشروع تركيب أجهزة تنقية الهواء في المناطق الأثرية صادر عن المجلس الأعلى للآثار، باعتباره الجهة المختصة والمشرفة على جميع الأماكن الأثرية.
وأضافت المصادر أنه من الوارد تعميم فكرة تركيب جهاز تنقية الهواء في باقي الأهرامات مثل هرم خفرع وهرم سقارة، وكذلك في الأماكن الأثرية المغلقة المتاحة للزيارة، وذلك من أجل الحفاظ على الأثر بيئيًا وعدم تعرضه للتلف.
أوضحت أن تركيب جهاز التنقية داخل الهرم سيتيح فترة أطول للزيارة، بدلًا من اقتصارها على وقت معين كما هو معمول به حاليًا، فضلًا عن تقليل فترات إغلاق الهرم لفترات طويلة كما كان يحدث في السابق.
وتابعت المصادر أن مد فترات الزيارة سيساهم بشكل مباشر في زيادة الإيرادات على المدى الطويل، ويعزز من دخل السياحة، ويدعم جهود الترويج للمقصد المصري عالميًا.
قالت أروى عثمان، الخبير البيئي، إن تطبيق تقنية تنقية الهواء بالبلازما كلاستر داخل الهرم الأكبر يمثل خطوة مهمة ليس فقط للحفاظ على الأثر التاريخي، وإنما أيضًا لحماية البيئة الداخلية وصحة الزوار.
وأوضحت أن ارتفاع نسبة الرطوبة وانبعاث بخار المياه داخل الأهرامات كان يشكل تهديدًا للنقوش الحجرية وللبيئة الداخلية على حد سواء، مشيرة إلى أن التقنية الجديدة تساهم في ضبط جودة الهواء بما يحافظ على النقوش الأثرية ويقلل من المخاطر الصحية، خاصة على كبار السن ومرضى الجهاز التنفسي.
وأضافت عثمان أن الحفاظ على المواقع الأثرية يدخل ضمن مفهوم حماية البيئة، لأن الآثار جزء من الموروث الطبيعي والثقافي الذي يجب صونه للأجيال القادمة. لافتًا إلى أن إدخال تقنيات صديقة للبيئة في إدارة التراث يتماشى مع توجهات الدولة نحو السياحة المستدامة.
وأكدت أن المشروع يعزز التكامل بين وزارتي البيئة والآثار، حيث يسهم في إطالة فترات الزيارة داخل الأهرامات وتقليل فترات الغلق، ما يدعم زيادة العوائد السياحية ويحقق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف 11 المتعلق بالمدن والمجتمعات المستدامة، والهدف 13 الخاص بالعمل المناخي.
واعتبرت أن التجربة في هرم خوفو يمكن أن تكون نموذجًا يُحتذى به لتطبيق تقنيات مشابهة في مواقع أثرية أخرى مثل مقابر الأقصر، بما يسهم في تحسين تجربة الزائر والحفاظ على التراث المصري عالميًا.








