قفزت أسعار البن في الأسواق الأمريكية مسجّلة أعلى ارتفاع سنوي منذ أكثر من 28 عامًا، وذلك نتيجة للتعريفات الجمركية المفروضة على البرازيل، أكبر منتج للبن في العالم، ما أربك الإمدادات العالمية بسبب نقص المعروض من حبوب البن، وزاد كلفة فنجان القهوة على الأمريكيين.
وسجّلت أسعار البن المطحون في الأسواق الأمريكية رقمًا قياسيًا بلغ 8.87 دولار للباوند في متاجر البقالة خلال شهر أغسطس، فيما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك للبن بنسبة 21% على أساس سنوي، وهي أعلى وتيرة ارتفاع منذ عام 1997، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز، أن أسواق البن العالمية شهدت ارتفاعات حادة في الأسعار على مدار العام الماضي، بعدما أدى ضعف المحاصيل في عدد من الدول الكبرى المنتجة إلى انخفاضات في الإنتاج بوجه عام.
وفي الولايات المتحدة، التي تعتمد محامصها على الواردات لتلبية معظم احتياجاتها، ارتفعت التكاليف أكثر منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوليو الماضي رفع التعريفات الجمركية على البرازيل بنسبة 50%.
وتُعد البرازيل أكبر منتج لبن “الأرابيكا” الفاخر، وقد اعتادت تزويد الولايات المتحدة بثلث الاستهلاك السنوي من حبوب البن.
وكشفت شركة “فيزيون” لخدمات تتبع الشحن أن شحنات البن من البرازيل إلى الولايات المتحدة انخفضت إلى النصف منذ بداية العام، وتسارع هذا التراجع في أغسطس، إذ هبطت الصادرات بأكثر من 75% مقارنة بأغسطس 2024. كما تؤكد بيانات الشركة أن واردات البن من دول أخرى كفيتنام وكولومبيا لم تنجح في سد الفجوة.
وقال الخبير الاقتصادي في مؤسسة “آي إن جي”، ثيزجس جيجر: “من المعتاد أن تُخفف فوائض المخزون من الصدمة، لكن عند نقطة معينة، إذا واصل الأمريكيون استهلاك القهوة بمعدلاتهم الطبيعية، فإن مثل هذه الاحتياطيات ستتضاءل أيضًا، وبالتالي يجب توفير شحنات إضافية، لكن السؤال: من أين ستأتي؟”.
وأشارت فاينانشيال تايمز إلى أن أسعار العقود الآجلة للبن تشهد قفزات فعلية في الأسواق، بفعل التغيرات المناخية القاسية التي ضربت البرازيل وفيتنام، فقد أدى ضعف الإنتاجية في البرازيل المهيمنة على “الأرابيكا”، وفيتنام المورّد الرئيسي لبن “الروبوستا” الأرخص (المستخدم في القهوة الفورية)، إلى مزيد من الضغط على الإمدادات العالمية.
في المقابل، يحاول قطاع البقالة في الولايات المتحدة الضغط على صانعي القرار من أجل إعفاء المنتجات التي لا يمكن إنتاجها محليًا من الرسوم الجمركية.
وقد أصدر البيت الأبيض الأسبوع الماضي قائمة منتجات – من بينها البن – قد تُخفض تعريفاتها الجمركية إذا توصّلت الولايات المتحدة إلى اتفاقات جديدة مع المصدّرين.
ويرى جيجر أن المستهلك الأمريكي ربما لم يشعر بعد بكامل تأثير الرسوم الجمركية، موضحًا أن شحن البن من ميناء سانتوس البرازيلي إلى الموانئ الأمريكية يستغرق نحو 20 يومًا، ثم يُنقل إلى المحامص، وأضاف: “يبقى السؤال: هل ستمرر المحامص الزيادات دفعة واحدة أم بشكل تدريجي؟”.
وتتوقع الأسواق أن ينعكس الأثر الأكبر على الأسعار في متاجر التجزئة خلال أكتوبر أو نوفمبر. ويُذكر أن ثلثي البالغين في الولايات المتحدة يتناولون القهوة يوميًا، وفق مسح أجراه “اتحاد البن الوطني”.
وقال رون سارجينت، الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة “كروجر” – أكبر سلسلة متاجر في الولايات المتحدة – إن شركته حاولت امتصاص أثر زيادات التكلفة قدر الإمكان، مضيفًا: “في بعض الأحيان، يكون للتعريفات الجمركية تأثير مباشر على أسعارنا”.
وتُظهر بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي أن ارتفاع أسعار البن يُعد جزءًا من موجة تضخم واسعة في أسعار الأغذية داخل الولايات المتحدة، إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في أغسطس بنسبة 2.9% على أساس سنوي، وهي أعلى زيادة منذ يناير الماضي.
كما زادت أسعار الأغذية المستهلكة داخل المنازل بنسبة 0.6% في أغسطس مقارنة بيوليو، بعد تراجع نسبته 0.1% في يوليو.
