خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس دعماً لسوق العمل الأميركية بعد بدء ظهور تصدعات، متخلياً عن سياسة الترقب التي انتهجها منذ نهاية العام الماضي.
صوّتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، اليوم الأربعاء، لصالح خفض سعر الفائدة المرجعي إلى نطاق 4% و4.25%، ليُعد بذلك الخفض الأول لمعدلات الاقتراض منذ تولي دونالد ترمب الرئاسة، بعدما أبقت عليه دون تغيير في 5 اجتماعات متتالية.
قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم يأتي موافقاً توقعات السوق التي تترقب قراراً طال انتظاره، خاصة بعد إشارة جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، من “جاكسون هول” في أغسطس إلى تحول أنظار مسؤولي السياسة النقدية إلى سوق العمل.
وقال باول حينها إن المخاطر الحالية المتغيرة “قد تستدعي إعادة النظر في أسعار الفائدة”، وأضاف أن استقرار معدل البطالة يسمح “بالتحرك بحذر بينما ندرس تغييرات في موقف السياسة النقدية”، وهو ما اعتبرته السوق إشارة واضحة بأن الاحتياطي الفيدرالي يميل لتيسير السياسة النقدية في اجتماع سبتمبر.
بالفعل، بدأت تظهر تصدعات في سوق العمل الأميركية في تقرير الوظائف لشهر أغسطس، والذي كشف عن إضافة أرباب العمل 22 ألف وظيفة فقط الشهر الماضي، فيما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%. ما رسخ توقعات بتحرك مسؤولي السياسة النقدية لدعم سوق العمل، رغم بقاء التضخم في الولايات المتحدة فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% واحتمال ارتفاعه بفعل الرسوم الجمركية.
وفي إشارة واضحة لتضرر سوق العمل الأميركية، كشفت البيانات أن سوق العمل الأميركية كانت أضعف مما بدت في التقديرات الأولية، إذ كشفت البيانات المحدثة عن تعديل أرقام سوق العمل بخفض 911 ألف وظيفة وفقاً للمراجعة المعيارية الأولية التي أجراها مكتب إحصاءات العمل الشهر الحالي، وهو ما اعتبرته السوق تمهيداً لسلسلة من خفض أسعار الفائدة.
ضعف سوق العمل الأميركية يأتي بالتوازي مع استقرار معدلات التضخم في الولايات المتحدة فوق مستهدف الاحتياطي الفيدرالي، إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين العام 2.9% على أساس سنوي في أغسطس، كما صعد مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 3.1%، موافقين التوقعات. ورغم بقاء التضخم فوق الهدف، فإن الاطمئنان إلى أن الزيادات الجمركية لا تشعل تصعيداً واسعاً في الضغوط السعرية عزّز التوقعات بأن يتجه الاحتياطي الفيدرالي لتيسير سياسته النقدية.
قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم يعد بمثابة أول خفض للفائدة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي طالب مراراً وتكراراً بخفض الفائدة “بقوة” بما لا يقل عن 300 نقطة أساس خلال العام الحالي.
ويأتي قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم بعد ضغوط حثيثة من البيت الأبيض لحث مسؤولي السياسة النقدية على خفض الفائدة بشتى الطرق، فبجانب وصف الرئيس الأميركي لجيروم باول بـ”المتأخر للغاية” تقريباً بعد كل بيان اقتصادي متعلق بالتضخم أو بالنمو الاقتصادي أو التوظيف، شنّ البيت الأبيض هجوماً عنيفاً على بعض محافظي الفيدرالي، أبرزهم ليزا كوك، التي قرر ترمب عزلها من منصبها على خلفية اتهامات متعلقة بالاحتيال في الرهن العقاري، إلا أنها استأنفت ضد القرار للاستمرار في ممارسة مهامها لحين البت في الدعاوى القضائية، وهو ما أيدته المحكمة.
كما عيّن ترامب المستشار الاقتصادي ستيفن ميران عضواً في مجلس الاحتياطي الفيدرالي قبل الاجتماع مباشرة. وتجدر الإشارة إلى أن ميران رفض الاستقالة من رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، مكتفياً بالحصول على إجازة غير مدفوعة، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى استقلاليته في عمله داخل الفيدرالي.
ويعمل ترامب على اختيار خليفة لباول، الذي تنتهي ولايته كرئيس للبنك الفيدرالي في مايو، إذ يجري مفاضلة بين عدد من المرشحين لشغل المنصب الأهم في السياسة النقدية الأميركية، منهم مستشار الاقتصاد في البيت الأبيض كيفن هاسيت، وعضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، وعضو مجلس الاحتياطي السابق كيفن وورش. وقال ترمب الأسبوع الماضي: “يمكن القول إن هؤلاء هُم المرشحون الثلاثة الأفضل”. كما أوردت “بلومبرغ” أن ريك ريدر، المدير التنفيذي في شركة “بلاك روك”، يتقدم في قائمة المرشحين لتولي منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.








