تعتزم الحكومة إدخال هامش سماح للفروق في الكميات الخاصة بالمدخلات الإنتاجية للمصانع العاملة بالمناطق الحرة، وذلك من خلال تعديل تشريعي لقانون الجمارك، بحسب مصادر حكومية تحدثت لـ”البورصة”.
أضافت المصادر، أن الهامش سيتراوح بين 3% و5% من الهالك أو الفاقد الطبيعي، ضمن حزمة تعديلات تشريعية وإجرائية واسعة في المنظومة الجمركية الفترة المقبلة، تستهدف بالأساس دعم المشروعات الإنتاجية العاملة بالمناطق الحرة وتحسين بيئة الاستثمار، مع معالجة عدد من التحديات التي تواجه المستثمرين الصناعيين.
وتستهدف الحكومة معالجة الفروقات الطفيفة في الخامات أو مستلزمات الإنتاج، والتي كانت تُعامل سابقاً على أنها تهريب، ما خلق أعباء على الشركات وأثر سلباً على بيئة الاستثمار.
أوضحت المصادر أن “الجمارك” عند إجراء الجرد الدوري للمصانع كانت تعتبر أية فروق بين الأرصدة الفعلية والمخزنية ضمن حالات التهريب، إلا أنه من المنتظر أن يتم استحداث نسبة تسامح تتراوح بين 3% و5% .
ووفقا للمصادر، ستُعامل هذه النسبة باعتبارها مخالفة إدارية وليست تهريباً، بينما ستظل الفروق التي تتجاوز تلك النسبة مصنفة تحت بند التهريب الجمركي.
وقال محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، إن تحديد نسب التسامح والهالك وفقاً لطبيعة كل قطاع مهمة، مشيرًا إلى أن هناك صناعات يصعب فيها قياس نسب الفقد بدقة، مثل قطاع الدخان أو الصناعات الكيماوية، وهو ما يتطلب مرونة ومواءمة بين القواعد العامة وخصوصية كل صناعة.
أضاف لـ”البورصة”، أن لجنة الجمارك بالاتحاد تعقد اجتماعات دورية مع ممثلي الحكومة لتبادل الرؤى بشأن التحديات التي يواجهها القطاع الصناعي، مؤكداً أن التعديلات المزمع تطبيقها ستسهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركات العاملة في المناطق الحرة وتخفيف الأعباء عن كاهل المستثمرين.
إبراهيم: المناطق الحرة تخضع لرقابة مزدوجة ويجب تبنى آليات أسرع للتعامل مع التالف
ويرى بدوي إبراهيم، الخبير الجمركي، أن عملية التصنيع بطبيعتها ينتج عنها هالك وتالف، وتقبل هيئة الاستثمار ذلك بشرط توافق النسب مع اشتراطات هيئة الرقابة الصناعية، لافتًا إلى أن النسب التي تحددها الرقابة الصناعية لا تعكس الواقع الفعلي لحجم الفاقد، رغم الجهود المبذولة لتقنين الوضع.
أضاف أن لجان الإتلاف تخضع لإجراءات بيروقراطية معقدة، قد تستغرق أكثر من شهرين لإصدار القرار، وهو ما يعرقل سير العمل داخل المصانع ويؤدي إلى تراكم الخامات التالفة دون استفادة، مطالباً بتسهيل هذه الإجراءات بما يتناسب مع طبيعة النشاط الصناعي ومتطلباته.
وشدد إبراهيم على ضرورة تحقيق مرونة في قبول نسب العجز الناتجة عن عملية التصنيع داخل المناطق الحرة، لاسيما أنها تخضع لرقابة مزدوجة من الجمارك وهيئة الاستثمار، موضحاً أن الشركات العاملة بهذه المناطق كيانات كبرى وذات أهمية اقتصادية، ولا تمثل نسب الهالك والتالف لديها تهديداً أو مجالاً للتهريب.
وبحسب المصادر، فإن هذه الحزمة تأتي في إطار خطة أوسع لتحديث المنظومة الجمركية بحلول 2030، بما يحقق التوازن بين مكافحة التهرب وتسهيل حركة التجارة، فضلاً عن رفع كفاءة بيئة الأعمال في مصر بما يتماشى مع المعايير الدولية.
وبحسب وثيقة حكومية اطلعت عليها “البورصة”، سيتم بحلول يوليو 2027 منح المشروعات الإنتاجية ميزة تقسيط الضريبة الجمركية المستحقة على مستلزمات الإنتاج المستوردة، بما يخفف الأعباء المالية عن الشركات ويوفر لها سيولة أكبر للتوسع والإنتاج. كما سيتم تحديد نسبة واضحة للتسامح في العجز داخل المصانع، بما يعزز الشفافية ويضع إطاراً منضبطاً لمتابعة الواردات والاستخدام الفعلي لها.
وأكدت الوثيقة الحكومية أن الإجراءات الجديدة تشمل أيضاً توحيد آليات الإفراج الجمركي عبر جميع الموانئ والمنافذ، من خلال إلزام استخدام قاعدة بيانات الأسعار المرجعية عبر نظام التقييم الآلي، ويستهدف هذا النظام القضاء على التقديرات غير الموحدة التي كثيراً ما أثارت اعتراضات المستثمرين، مع تقليص فرص التهرب الجمركي.








