تتصدر شركات “أوبن إيه آي”، و”ميتا”، و”ألفابت”، طفرة مراكز البيانات في الولايات المتحدة، في ظل محاولاتها مواكبة الطلب المحموم على الذكاء الاصطناعي والموارد الحاسوبية اللازمة لبناء نماذج متطورة بشكل متزايد، وبينما تستعد هذه الشركات لإنفاق مئات مليارات الدولارات على التوسعات، يلوح في الأفق عائق واضح.. العمالة.
في مجالات التصنيع والبناء والكهرباء، يتراجع عدد الكفاءات مع تقاعد العمال المهرة، دون أن يحل محلهم جيل أصغر، بحسب ما نقلته شبكة “سي إن بي سي” الإخبارية الأمريكية.
وبحسب بيانات “الجمعية الوطنية للمصنّعين” الصادرة مطلع هذا العام، قد تواجه الولايات المتحدة نقصاً يصل إلى 1.9 مليون عامل في قطاع التصنيع بحلول 2033، ووصفت الأمر بأنه “قضية اقتصادية وأمن قومي”.
في قطاع البناء، تتوقع “جمعية البنّائين والمقاولين” الحاجة إلى ما يقرب من نصف مليون عامل في عام 2025 وحده، ويضاف إلى النقص في الأيدي العاملة حالة عدم اليقين الناتجة عن الرسوم الجمركية الجديدة وتغيرات سياسات الهجرة، ما يجعل المشكلة شبه مستعصية، وفقاً للخبراء.
وقال كبير الاقتصاديين في جمعية البنّائين والمقاولين، أنيربان باسو : “أعتقد أن هذه المشاريع ستتجاوز الميزانيات ولن تلتزم بالمواعيد النهائية، لكن ذلك أمر معتاد في قطاع البناء الأمريكي، حتى في المشاريع الكبرى غير المعقدة. الآن لدينا طبقة إضافية من التعقيد والدقة التي لا نراها في بناء شقق سكنية أو مكاتب عادية .. هل لدينا القوى العاملة لذلك؟ بالتأكيد ليست بوفرة”.
تُظهر بيانات تراكم الأعمال في “جمعية البنّائين والمقاولين”، أن 14% من أعضائها تعاقدوا بالفعل على أعمال مرتبطة بمراكز البيانات، وهو مستوى مستقر منذ يونيو، فيما يبلغ متوسط تراكم المشاريع 8.5 أشهر.
في المقابل، تراجع معدل البطالة في قطاع البناء إلى 3.2% في أغسطس، وهو مستوى قياسي منخفض، مقارنة بـ3.4% في الشهر السابق، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي.
وأوضح جورج كاريّو، الرئيس التنفيذي لـ”مجلس البناء الإسباني”، أن النقص في العمالة بدأ بالفعل يؤثر على تطوير مراكز البيانات.
وأكد أن الشركات المملوكة لذوي الأصول الإسبانية هي الأسرع نمواً في البناء، مشيراً في دراسة حديثة إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات تقلص فترات إصدار التصاريح، وتسرع المدفوعات للمقاولين الصغار، وتوفر مسارات قانونية للعمل للعمالة المدربة.
وقال كاريّو: “تمثل هذه المشاريع استثمارات بتريليونات الدولارات لكنها تحتاج إلى ما هو أكثر من الصلب والخرسانة”، مشيراً إلى توقع عجز يبلغ 3.2 مليون عامل بناء بحلول 2030.
وأضاف أن “التقاعد، وسياسات الهجرة المقيدة، وتهديدات الترحيل تقلص حجم القوى العاملة، ما يخلق خطر تحول مراكز البيانات إلى أصول عالقة، أي مبانٍ بمليارات الدولارات لا يمكن تشغيلها”.
من جانبه، شدد مايك بيلامان، الرئيس التنفيذي لـ”جمعية البنائين والمقاولين”، على أن سرعة التنفيذ أمر بالغ الأهمية في بناء مراكز البيانات بسبب الطلب الفوري، ما قد يوفر فرصة كبيرة للعمال الأصغر سناً أو الداخلين الجدد إلى القطاع لتعزيز مهاراتهم والتدرج في المناصب.
وقال بيلامان: “بإمكانهم بسرعة أن يصبحوا خبراء في تركيب هذه الأعمال، لديهم فرصة ضخمة للحصول على تدريب عملي ومهني مكثف يجعلهم خبراء، بحيث نرفع المتدربين إلى مستوى الحرفيين في مهام محددة”.








