شهدت أسعار الذهب العالمية تحولًا بارزًا خلال الأسبوع الأخير، إذ أدى الهبوط الحاد في قيمتها إلى سباق محموم بين المستثمرين والأفراد لاقتناص الفرص، بعدما تكبّد المعدن النفيس أكبر خسارة أسبوعية منذ أكثر من عقد، ما أشعل موجة شرائية واسعة قادها ما يُعرف بـ«صائدو الصفقات» في مختلف الأسواق العالمية.
وأفاد تقرير لوكالة «بلومبرغ»، اليوم الأحد، بأن ثقة المستثمرين والأفراد في المعدن الأصفر لم تتأثر بالتراجع الحاد، بل تحوّل الهبوط المفاجئ إلى حافز قوي لموجة شراء جديدة. وشهدت متاجر الذهب في آسيا والولايات المتحدة وأوروبا إقبالًا كثيفًا من المتعاملين، في وقت يرى فيه محللون أن التصحيح الأخير قد يمهّد لانطلاقة جديدة في مسار الصعود.
وسجّل الذهب، بعد ارتفاع قياسي تجاوز 4380 دولارًا للأوقية مطلع الأسبوع الماضي، تراجعًا بنحو 6.3% لينهي تداولات الأسبوع عند 4113.05 دولارًا للأوقية، خاسرًا نحو 138.77 دولارًا في أسبوع واحد — في أكبر انخفاض أسبوعي منذ عام 2013 — نتيجة عمليات جني أرباح مكثفة من صناديق التحوط ومخاوف من تضخم المراكز الشرائية.
وقالت نيكي شيلز، رئيسة قسم الأبحاث في شركة MKS Pamp SA لتكرير المعادن الثمينة، إن «الذهب شهد تصحيحًا طبيعيًا بعد فترة من المبالغة في الشراء»، موضحة أن «الأسواق الصاعدة تحتاج أحيانًا إلى فترات استراحة قصيرة لتصحيح الاتجاه واستعادة التوازن».
وفي السياق ذاته، أشار مارك ليفرت، المتعامل في شركة Heraeus Precious Metals، إلى أن المعدن الأصفر كان في «منطقة تشبّع شرائي مفرط» قبل الهبوط الأخير، لافتًا إلى أن «عمليات جني الأرباح من قبل صناديق التحوط كانت المحرك الرئيسي للانخفاض».
من جانبه، قال بيت والدن، نائب الرئيس التنفيذي لشركة BullionStar في سنغافورة، إن شركته شهدت أحد أكثر أيامها ازدحامًا على الإطلاق، مضيفًا أن «الكثيرين رأوا في تراجع الأسعار فرصة مغرية للشراء».
وفي الولايات المتحدة، ذكرت شركة Money Metals Exchange LLC أن الطلب تجاوز قدرتها التشغيلية نتيجة الإقبال الكبير من المستثمرين الأفراد الباحثين عن الصفقات.
وفي سياق متصل، استقطب مؤتمر المعادن الثمينة السنوي في مدينة كيوتو اليابانية نحو ألف من كبار المتعاملين والمحللين وخبراء الذهب من مختلف أنحاء العالم، في وقت تشهد فيه الأسواق حالة من التفاؤل الحذر إزاء آفاق المعدن النفيس خلال المرحلة المقبلة.
ويرى محللو بنك «جي بي مورغان» أن التراجع الحالي يمثل «تصحيحًا مؤقتًا» في مسار صعودي طويل الأجل، متوقعين أن يظل الطلب على الذهب قويًا من جانب البنوك المركزية والمستثمرين الفعليين، وأن تتجاوز الأسعار مستوى 5000 دولار للأوقية بحلول الربع الأخير من عام 2026.
ويؤكد محللون أن استمرار تقلبات الأسواق المالية، وارتفاع مستويات الديون العالمية، وتنامي التوترات الجيوسياسية، سيُبقي الذهب ملاذًا آمنًا مفضلًا لدى المستثمرين، رغم التذبذبات السعرية المتوقعة على المدى القصير.








