عادت مجموعة “سوفت بنك”، الحوت الذي زاد ثراء كثير من أثرياء آسيا، لتُثير حماس المستثمرين بإصدار سندات دولارية عالية العائد.
وستكون إصدارات مؤسسها ماسايوشي سون، الأخيرة التي يبلغ حجمها 2.9 مليار دولار، مكلفة له.
فهذه السندات الهجينة، التي تسمح للشركة بتأجيل دفعات قسيمة الفائدة وتخضع لشروط الديون الممتازة، يجب أن تقدّم عوائد إضافية لجذب المستثمرين.
وستدفع “سوفت بنك” عائداً بنسبة 8.25% لإصدار مستحق في عام 2065، على أن يكون أول تاريخ لإعادة التعيين في عام 2035. بالمُقارنة، يُتداول عائد سندات عام 2035 بفائدة 6.8% فقط.
سوفت بنك والاستثمار في الذكاء الاصطناعي
تُسارع “سوفت بنك” كي تحقق استثمارها في أسهم “أوبن إيه آي”.
في أبريل، قادت جولة تمويلية قيّمت الشركة الناشئة بنحو 300 مليار دولار، ووعدت باستثمار 30 مليار دولار بحلول نهاية العام، لكنها لم تستثمر سوى 7.5 مليار دولار حتى الآن.
كما أن لجوء سون إلى إصدار سندات هجينة عالية التكلفة مُقومة بالدولار واليورو ينبئ باليأس.
في الواقع، كانت “سوفت بنك” منشغلة جداً بالبحث عن التمويل حديثاً. فهي تتفاوض لتوسيع قروض الهامش مدعومةً بحصتها في شركة “إيه آر إم هولدينجز”، كما أنها تبيع أسهم شركة “تي موبايل يو إس”، بل إن الشركة استقطبت مستثمرين محليين أفراد، وأصدرت سندات مقومة بالين بقيمة 4.1 مليار دولار، وهي الأكبر على الإطلاق في اليابان.
لكن ما كان غائباً إلى حد كبير وسط كل هذا التحرك هو القروض المصرفية التقليدية الجيدة.
فبصفتها شركة استثمار قابضة، لا تملك “سوفت بنك” تدفقات نقدية تشغيلية موثوقة تعرضها عند طلب صفقات تمويل ضخمة.
هل أضعفت صناديق “رؤية” قدرة سون على جمع القروض؟
نتيجةً لذلك، اضطر سون إلى الإقبال على الأسواق العمومية.
بحد ذاته، حتى نهاية يونيو، كان حجم السندات لدى الشركة يفوق ضعف قروضها المصرفية.
كما يغيب، بالطبع، جمع الأموال من رأس المال الاستثماري وقد حدّ الأداء الضعيف لصناديق “رؤية” قدرة سون على جذب المستثمرين الأثرياء.
تضع هيكلية “سوفت بنك” كمجموعة، شركة سون في موقفٍ غير مواتٍ في سباق الذكاء الاصطناعي، وفيه تزداد الصفقات سوءاً يوماً بعد يوم.
على سبيل المثال، جاء في تقارير إخبارية، أن شركة “إنفيديا” همّشت “سوفت بنك”، وأبرمت صفقة مركز بيانات بقيمة 100 مليار دولار مع شركة “أوبن إيه آي” لبناء ما وصفه الرئيس التنفيذي جنسن هوانج بأنه “أكبر مشروع حوسبة في التاريخ”.
وتراقب وكالات التصنيف الائتماني بحذر ما يُسمى نسبة القرض إلى القيمة لدى سوفت بنك، وهي مقياس رئيسي لقياس الجدارة الائتمانية للشركات.
وقالت شركة “ستاندرد آند بورز جلوبال” إنها ستنظر في خفض تصنيفها الائتماني إذا تجاوزت نسبة القرض إلى القيمة وهي 25%، وفقاً لتعريف الشركة، وهو أمرٌ واردٌ تماماً إذا ما أخذت في الاعتبار حصة شركة “أوبن إيه آي”، والاستحواذ على شركة “أمبيري كومبيوتنج” لتصميم الرقائق بقيمة 6.5 مليار دولار، والاستثمارات غير المُعلنة في شركة “ستارجيت”.
مما يزيد الطين بلة على شركة سون، أن نسبة القرض إلى القيمة لدى “سوفت بنك” أصبحت أكثر شفافية، لذا تقلّ فرص الهندسة المالية الذكية.
بنهاية يونيو، كان أكثر من 70% من إجمالي أصولها مدرجاً في البورصة.
بالمُقارنة، تتمتع شركة “أوراكل”، عملاق برمجيات قواعد البيانات وشريكة “سوفت بنك” في “ستارجيت”، بوضع أسهل بكثير.
فهي تحتفظ بتصنيف استثماري، على الرغم من ارتفاع الرافعة المالية واستمرار التدفق النقدي الحر السلبي.
وقد أثيرت تساؤلات كثيرة حول كيفية تمكن شركة “أوبن إيه آي”، وهي شركة ناشئة حديثة العهد، من سداد عقد الحوسبة السحابية بقيمة 300 مليار دولار الذي وقعته مع “أوراكل”، لكن عملاق قواعد البيانات يتمتع بنشاط تجاري حقيقي، وبحسب وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني لديها “مكانة رائدة في العديد من أسواق برمجيات المؤسسات والبنية التحتية السحابية”.
باعت “أوراكل” سندات بقيمة 18 مليار دولار أواخر الشهر الماضي. وكان سعر سنداتها المستحقة في عام 2035 نحو 5.2% فقط.
لا شك أن سون يتجه بقوة نحو الذكاء الاصطناعي، ولكن هل سيتمكن من مواكبة الطموحات الكبرى لسام ألتمان، المؤسس المشارك لشركة “أوبن إيه آي”؟
سيكون الأمر صعباً نظراً لأن “سوفت بنك” تُعاني من نقص في السيولة النقدية.








