تواصل البنوك سباقها لريادة تمويل المشروعات المرتبطة بخفض انبعاثات الكربون ومواجهة التغير المناخي.
واستعرضت البنوك المشاركة في مؤتمر “الناس والبنوك”، الذي عقد الأسبوع الماضي، جهودها في مواجهة التغير المناخي وتعزيز التمويل المستدام، بما يتماشى مع المعايير الدولية ورؤية مصر 2030.
قالت سوزان حمدي، رئيس قطاع الشمول المالي والاستدامة في بنك مصر، إن مصر من أكثر الدول تأثرًا بالتغيرات المناخية، مشيرة إلى أن خفض درجة واحدة مئوية في درجات الحرارة، ينعكس بنحو 6% على إنتاج القمح.
وأضافت خلال مؤتمر “الناس والبنوك” في دورته التاسعة عشر خلال جلسة تحت عنوان “دور البنوك في معركة التغير المناخي”، أن القطاع المصرفي المصري، كونه جزءًا لا يتجزأ من الدولة، ينهج تحولا واضحا نحو الاستدامة، من خلال تغيير استراتيجيات ونماذج العمل، بشكل مبتكر، في التوسع الائتماني والاستثماري.
أكدت حمدي، أن بنك مصر يعمل على دمج مستهدفات الشمول المالي بالاستدامة، من خلال تصميم منتجات خضراء مبتكرة، مثل القروض الملزمة بتحقيق أهداف مستدامة، فضلًا عن تقديم استشارات فنية وتدريب، خاصة لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتمكينهم من التحول الأخضر والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.
وكشفت أن “بنك مصر” يقترب من توفير تمويلات للسيارات الكهربائية، إلى جانب التمويل الشخصي الذي يقدمه البنك حاليًا لتأسيس أنظمة الطاقة الشمسية بالمنازل.
وأضافت أن مصر لديها فرص كثيرة للتوسع في مجالات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والزراعة المستدامة، مشيرة إلى توجه الحكومة نحو شراء أغلب إنتاج المصانع في مصر من السيارات الكهربائية للسنوات الخمس المقبلة، ما يتوافق مع إحلال المركبات في القطاع العام.
وذكرت أن أبرز التحديات التي تواجهها البنوك في خطاها نحو التحول المستدام، هو عدم تمكين العملاء المتقدمين للحصول على تمويلات من استيفاء الشروط المتعلقة بالحفاظ على البيئة، ما يحتم على البنوك المفاضلة بين تحقيق عوائد والحفاظ على التمويل المستدام.
وأضافت حمدي، أن نقص توفير البيانات المتعلقة بالبيئة وحجم الانبعاثات في تقارير الشركات المتقدمة لطلب ائتماني، يجعل المشهد ضبابيا أمام البنوك.
وتابعت: “افتقار الكوارد المصرفية للمعرفة والوعي بمخاطر المناخ يمثل أحد التحديات”، مشددة على ضرورة توفير البنوك لدورات تدريبية توعوية لموظفيها.
رفاعي: “التنمية الصناعية” يركز على البنية التحتية للطاقة الشمسية وتحلية المياه
وقال حسين رفاعي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك التنمية الصناعية، خلال الجلسة النقاشية، إن قضية المناخ والاستدامة لم تعد موضوعًا اختياريًا أو تكميليًا، بل أصبحت قضية تنموية عالمية تتطلب تضافر الحكومات والقطاع الخاص والبنوك والمجتمع المدني.
وأوضح أن البنوك يقع على عاتقها دور محوري في دعم التحول نحو الاقتصاد المستدام من خلال وضع أهداف قابلة للقياس وتوجيه رؤوس الأموال نحو القطاعات المستدامة، إلى جانب تعزيز الشمول المالي وتنفيذ البرامج التنموية الداعمة للتحول الصناعي المستدام.
أضاف رفاعي أن البنوك في حاجة إلى إتاحة مصادر تمويل منخفضة التكلفة بالتعاون مع المؤسسات الدولية، بما يخدم التحول البيئي.
وأكد أن بنك “التنمية الصناعية” يعمل على توجيه تمويلاته بشكل أكبر للصناعات النظيفة، بل وتحويل المصانع كثيفة الانبعاثات إلى الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، ضمن برامج معالجة التلوث الصناعي، بالإضافة إلى تمويل مشروعات تدوير النفايات والبنية التحتية المرتبطة بمحطات الطاقة الشمسية ومحطات تحلية المياه.
وأضاف رفاعي أن البنك يستثمر في أدوات مالية مرتبطة بأهداف التنمية المستدامة مثل الصكوك الخضراء وسندات التوريق، إلى جانب المساهمة في مشروعات بيئية رائدة، ومنها مشروعات تستهدف حماية بحيرة قارون وتحسين التوازن البيئي بالمناطق المحيطة.
ولفت إلى أن البنك يشارك في العديد من المبادرات بالتعاون مع الجهات الحكومية والمؤسسات الدولية، من بينها برامج الالتزام البيئي. كما يتشارك مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة والوكالة الألمانية GIZ في تنفيذ منظومات للطاقة الشمسية، إلى جانب دعم مشروعات متعلقة بالطاقة الموفرة.
الشافعي: “القاهرة” حقق نموًا ملحوظًا في تمويل حماية البيئة والطاقة النظيفة
وقال بهاء الشافعي، نائب الرئيس التنفيذي لبنك القاهرة، إن البنك يعمل من خلال أسس وضعها منذ 3 سنوات لتطبيق مبادئ الاستدامة في مختلف أنشطته لتمويل مشروعات التنمية المستدامة.
وأكد أن البنك نجح في توفير تمويلات من جهات مانحة دولية مهتمة بالمشروعات المستدامة، إلى جانب تقديم الدعم الفني والاستشارات اللازمة، ووضع سياسة ائتمانية متكاملة تتيح تمويل هذا النوع من الأنشطة.
أضاف الشافعي، أن البنك أطلق منصات متخصصة وبرامج تمويل متنوعة تستهدف تمويل المشروعات الصغيرة والحرف البسيطة المحافظة على البيئة والمعتمدة على الطاقة النظيفة وترشيد استهلاك الموارد، فضلًا عن الصناعات الكبرى مثل تمويل السيارات الكهربائية، مؤكدًا أن تلك الجهود شكّلت بداية قوية لمسار الاستدامة، بما يتماشى مع توجهات الدولة والبنك المركزي نحو الاقتصاد الأخضر.
ولفت إلى أن البنك استقبل منحا دولية مخصصة لبرامج الاستدامة، وقد أظهرت نتائج المراجعة أن جزءًا كبيرًا من محفظة البنك الائتمانية يتوافق بالفعل مع معايير الاستدامة البيئية.
وأوضح أنه تم تعيين مسؤول مختص داخل إدارة المخاطر لمتابعة تطبيق المعايير البيئية والاجتماعية على مستوى العمليات الائتمانية، مؤكدًا أن الاستدامة أصبحت اليوم عنصرًا أساسيًا في قرارات بنك “القاهرة” وليست مجرد بند استشاري أو تمويلي.
وأشار إلى أن بنك القاهرة حقق خلال العامين الماضيين نموًا ملحوظًا في محفظة تمويل المشروعات الخضراء، خاصة تلك المرتبطة بحماية البيئة والطاقة النظيفة.







