يشهد سوق الإعلانات فى مصر، تحولا ملحوظا مع توسع الاعتماد على التكنولوجيا والمنصات الرقمية، ما أدى إلى زيادة الاستثمارات فى التسويق الإلكتروني وتراجع الحصة التقليدية للإعلانات الورقية والبصرية.
وتواجه الشركات القديمة ضغوطا لإعادة هيكلة خدماتها بما يواكب تغير سلوك الجمهور وارتفاع الطلب على أدوات أكثر دقة فى القياس وتحقيق النتائج، فيما يعيد السوق حاليا توزيع حصصه وفق قدرة الشركات على مواكبة التحول الرقمي.
وبحسب دراسة أجرتها شركة «Ken Research» حول سوق التسويق الرقمي فى مصر، فقد تبين أن قيمة السوق تقدر بنحو 2.3 مليار دولار، فيما أظهرت الدراسة أن 73% من الشركات المصرية زادت ميزانياتها المخصصة للإعلانات الرقمية خلال السنوات الأخيرة، مما يعنى أن غالبية الشركات أصبحت تعطى أولوية أكبر للتسويق الرقمي فى خططها التسويقية.
عرفان: 50% من الشركات تتجه بشكل متسارع نحو الحلول الرقمية
قال هيثم عرفان، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدعاية والإعلان باتحاد الصناعات، إن أكثر من 50% من شركات القطاع بدأت تتجه بشكل متسارع إلى الحلول الرقمية ووسائل التسويق الإلكتروني، سواء لتحسين قدرتها التنافسية وتعزيز حضورها فى السوق، أو للحفاظ على مستويات النشاط التى حققتها سابقا، فى ظل التحولات المتلاحقة فى سوق الإعلانات.
وأضاف لـ «البورصة»، أن ثمة توجه متزايد داخل الشركات لتطبيق تقنيات تكنولوجية حديثة تتيح مراقبة أداء الإعلانات على تطبيقات الهواتف المحمولة والمنصات الإلكترونية بشكل لحظي، بما يتيح قياسا أدق للعائد وفاعلية الحملات.
وتوقع عرفان، أن تسجل سوق الإعلانات الرقمية نموا سنويا بنسبة 10%، مدفوعة بتوسع قاعدة العملاء وزيادة الاعتماد على أدوات التحليل والتتبع.
وأشار إلى أن عدد الشركات العاملة فى سوق الدعاية والإعلان يتجاوز حاليا 80 ألف شركة داخل السوق المحلي، موضحا أن الغرفة تستهدف ضم 10 آلاف شركة جديدة إلى عضويتها خلال الدورة الحالية، ضمن خطة لإعادة تنظيم السوق.
أكد عرفان، أن قرار فصل شعبة الدعاية والإعلان عن غرفة الطباعة وتأسيس غرفة مستقلة للقطاع، يمثل خطوة داعمة لعملية التحول نحو سوق أكثر تنظيما واحترافية، بالإضافة إلى فتح أسواق وفرص جديدة أمام الشركات العاملة فى المجال، خاصة فى ظل المنافسة المتنامية والتحول الرقمى المتسارع داخل السوق.
عز: حصة القطاع تتجاوز حاليا 60% من ميزانيات الإنفاق التسويقي
وقال همام عز رئيس شركة نيو ستار للدعايا والإعلان، إن التحول الرقمي خلال العامين الماضيين أعاد تشكيل خريطة سوق الإعلانات فى مصر، بعد انتقال شريحة واسعة من العملاء إلى القنوات الرقمية التى تتيح استهدافا أدق وقياسا مباشرا لنتائج الحملات، مما قلص الاعتماد على الوسائل التقليدية.
أضاف لـ «البورصة»، أن حصة الإعلانات الرقمية ارتفعت لدى العديد من العملاء إلى أكثر من 60% من ميزانيات الإنفاق التسويقي، خاصة في القطاعات التي تعتمد على المبيعات المباشرة والتواجد على الإنترنت، فيما مازالت الإعلانات التقليدية تحتفظ ببعض حضورها فى قطاعات مثل العقارات والسلع الاستهلاكية لكنها لم تعد الخيار الأول.
وأشار عز، إلى أن شركات الإعلان توجه استثمارات متزايدة نحو منصات تحليل البيانات، وتطوير فرق متخصصة فى صناعة المحتوى وإدارة الحملات عبر منصات التواصل الاجتماعى.
وأكد أن أدوات القياس الدقيقة دفعت العملاء لاتخاذ قرارات أسرع وأكثر حساسية للعائد الفعلى من كل حملة دعائية.
ولفت إلى أن القطاع يشهد منافسة جديدة مع دخول شركات التكنولوجيا والمنصات الرقمية التى استحوذت على حصة ملموسة من الإنفاق الإعلاني، مما يفرض على الوكالات التقليدية إعادة هيكلة نماذج عملها للتحول من مجرد تنفيذ الحملات إلى تقديم حلول متكاملة تعتمد على البيانات وإدارة رحلة العميل.
وتوقع عز، أن يسجل سوق الإعلانات الرقمية فى مصر نموا يتراوح بين 20 و30% سنويا خلال العامين المقبلين، مقابل استقرار أو تراجع طفيف فى الإعلانات التقليدية، مع استمرار إعادة توزيع الحصة السوقية لصالح الشركات الأكثر قدرة على الاستثمار فى التكنولوجيا وتقديم نتائج قابلة للقياس.
محمد: التحول الرقمى يخفض التكاليف ويعزز مردود الحملات
وقال وائل محمد، مدير شركة سمارت ساينز، إن التطور التكنولوجي غير شكل الصناعة بالكامل، بعدما أصبحت الحملات الإعلانية تعتمد على منصات رقمية وأدوات تحليل متقدمة تتيح للشركات إدارة المحتوى وقياس النتائج بصورة لحظية، بدلا من الاعتماد فقط على الوسائل التقليدية التى يصعب قياس تأثيرها بشكل دقيق.
وأضاف لـ «البورصة»، أن التحول الرقمي أسهم فى خفض جزء من تكاليف الحملات مقارنة بالطرق التقليدية مثل الإعلانات المطبوعة أو الخارجية، إذ بات إنفاق الشركات موجها بشكل أكثر دقة إلى الفئات المستهدفة، وهو ما أدى إلى مردود أسرع على الإنفاق الإعلاني وتحقيق نتائج ملموسة فى وقت أقصر.
أشار محمد، إلى أن التحول التكنولوجي انعكس أيضا على دورة العمل داخل الشركات، حيث باتت تتطلب كوادر ذات مهارات جديدة فى مجالات تحليل البيانات، تطوير المحتوى الرقمى وإدارة الحملات عبر المنصات التفاعلية، في مقابل تراجع الطلب على بعض المهارات التقليدية.
وأوضح أن الاعتماد على التكنولوجيا فتح آفاقا جديدة أمام العديد من الشركات للتوسع فى أسواق خارجية من خلال استهداف عملاء دوليين دون الحاجة إلى وجود فعلى خارج السوق المحلي، وهو ما رفع من فرص نمو الشركات خلال السنوات الأخيرة.








