ارتفعت قيمة توزيعات الأرباح النقدية من الشركات المدرجة فى البورصة على مدار الأعوام الخمس الماضية متأثرة بصورة أساسية بنمو أرباح الشركات المدرجة التى شهدت نموًا مطردًا مدفوعة بعدة عوامل على رأسها حركة سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وتشير البيانات الرسمية إلى نمو توزيعات الأرباح بشكل ملحوظ، إلا أن تأثير قفزات العملة على هذه التوزيعات لا يبدو موحدًا بين جميع الشركات، إذ يعتمد على طبيعة النشاط ومصادر الإيرادات وسياسات التوزيع لكل شركة.
تعد التوزيعات النقدية للأرباح من أهم الأدوات التي تعكس صحة الشركة المالية واستقرارها، فهي تمثل جزءًا من الأرباح التي تقرر الشركة توزيعها على مساهميها كعائد مباشر على استثماراتهم، وتُظهر التوزيعات النقدية التزام الشركة بمكافأة مساهميها وتعزز من ثقتهم في استراتيجيتها المستقبلية.
أما عن المستثمرين، تعتبر التوزيعات النقدية مؤشرًا هامًا على جودة الإدارة المالية وقدرة الشركة على تحقيق تدفقات نقدية مستدامة، كما توفر مصدر دخل منتظم، خاصة للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد مستقرة وطويلة الأجل، مما يجعلها عاملاً جذابًا عند اتخاذ قرارات الاستثمار.
وتباينت آراء المتعاملين حول مدى ارتباط توزيعات الأرباح في البورصة المصرية بتحركات سعر الصرف، في ظل تراجع الجنيه مقابل الدولار خلال السنوات الأخيرة.
جنينة: الشركات صاحبة الإيرادات الدولارية توزيعاتها منتظمة
قال هاني جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، إن اتجاه توزيعات الأرباح في البورصة المصرية يتماشى إلى حد كبير مع تحركات سعر الصرف، مشيراً إلى أن جزءًا كبيرًا من الشركات التي توزع أرباح بانتظام هي شركات مملوكة للدولة أو تمتلك الدولة فيها الحصة الأكبر، وهو ما يجعلها تميل إلى توزيع أرباح نقدية لدعم الموازنة العامة.
وأضاف جنينة، أن غالبية هذه الشركات ترتبط أرباحها بسلع أو إيرادات مقومة بالدولار، مثل شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، وقناة السويس للتوكيلات الملاحية، وشركات الأسمدة، إلى جانب شركات البتروكيماويات مثل سيدي كرير و«أموك».
وأشار إلى أن الإيرادات الدولارية لهذه الكيانات ترتفع مع صعود سعر الصرف، وهو ما ينعكس بدوره على نمو الأرباح ومن ثم زيادة توزيعاتها توازياً مع حركة الدولار في السوق.
ووفق المسح، تطورت نسبة التوزيعات النقدية إلى إجمالى أرباح شركات EGX30 لتقفز من 55% فى عام 2016 إلى 58% فى عام 2024، فيما بلغت نحو 71% خلال عام 2017، و78% خلال عام 2018، و104% خلال عام 2019، و77% خلال عام 2020، و35% خلال عام 2021، ونحو 44% خلال عام 2022، و51% خلال عام 2023.
وشهد عام 2019 قفزة فى توزيعات الأرباح حيث تخطت نسبة التوزيعات إجمالى أرباح أكبر 25 شركة مدرجة فى المؤشر الرئيسي – محل المسح- خلال العام.
وحققت الشركات المدرجة بـEGX30 باستثناء البنوك نحو 118 مليار جنيه أرباحًا خلال العام الماضي، مقارنة بنحو 100 مليار جنيه فى العام الأسبق، فيما سجلت الأرباح نحو 82 مليار جنيه خلال 2022، و51 مليار جنيه خلال عام 2021.
وبلغت الأرباح 26 مليار جنيه خلال 2020، و23 مليار جنيه خلال 2019، و37 مليار جنيه خلال 2018، فيما سجلت نحو 28 مليار جنيه خلال 2017، ونحو 22 مليار جنيه في 2016.
وسجل إجمالي توزيعات الأرباح النقدية عن الشركات المدرجة خلال عام 2024، ارتفاعا إلى 68.79 مليار جنيه مقارنة بعام 2023 الذي سجل 51.22 مليار جنيه، فيما ارتفع إجمالي توزيعات الأرباح النقدية عن الشركات المدرجة خلال عام 2022، وسجل إجمالي توزيع الأرباح النقدية بقيمة 36.32 مليار جنيه مقارنة بعام 2021 الذي سجل 17.5 مليار جنيه.
وبلغ إجمالي توزيعات الأرباح النقدية عن الشركات المدرجة خلال عام 2017 نحو 19.67 مليار جنية، مقارنة بعام 2016 الذي شهد 11.79 مليار جنيه توزيعات أرباح.
الألفي: الزيادات توازي قفزات سعر الصرف لكن بشكل جزئى
ومن جانبه، قال عمرو الألفي، رئيس قطاع استراتيجيات الأسهم بشركة «ثاندر» لتداول الأوراق المالية، إن العلاقة بين ارتفاع سعر الصرف وزيادة توزيعات الأرباح جزئية، موضحاً أنه على الرغم من وجود ارتباط إلا أن الزيادة في التوزيعات عادة ما تكون أقل من نسبة الزيادة في سعر الصرف.
متولي: القيمة الحقيقية للتوزيعات بالدولار تراجعت رغم زيادتها بالجنيه
وأوضح على متولي، محلل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإحدى شركات الاستشارات في لندن، أن توزيعات الأرباح في البورصة المصرية لم ترتفع بما يوازي الزيادة الكبيرة في سعر الصرف خلال السنوات الأخيرة، مبينًا أن أغلب الشركات فضّلت الاحتفاظ بالسيولة بدلاً من توزيعها، نتيجة الضغوط الاقتصادية التي تعرض لها الاقتصاد خلال الأعوام الخمسة الماضية.
أشار إلى أن معدلات نمو أرباح الشركات تراوحت بين 20% و120% وفقاً لطبيعة كل قطاع، وهو ما يعني أن توزيعات الأرباح ارتفعت بالفعل خلال تلك الفترة، لكنها لم تشهد نمواً يتناسب مع حجم تراجع العملة المحلية خلال السنوات الخمس الماضية
وضرب مثلاً على ذلك بسهم كان يوزع جنيهاً واحداً في عام 2020، وأصبح يوزع ما بين 1.5 إلى جنيهين في الوقت الحالي، إلا أن قيمته الحقيقية المقومة بالدولار انخفضت رغم زيادته الاسمية.
وبيّن أن معظم الشركات الصناعية والخدمية تعتمد على خامات ومدخلات إنتاج بالدولار، ما دفعها إلى توجيه جزء أكبر من أرباحها نحو تعزيز السيولة اللازمة لشراء المواد الخام، وخفض المديونيات، وزيادة رأس المال العامل، بالإضافة إلى تغطية فروق تقييم العملة، وهو ما قلل قدرتها على رفع التوزيعات.
وأوضح متولي أن المستفيد الأكبر من صعود الدولار كان قطاعا الأسمدة والبتروكيماويات لاعتماد منتجاتهما على التسعير بالدولار، إلى جانب البنوك التي استفادت من ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة الأرباح التشغيلية.
في المقابل، تعرضت قطاعات أخرى مثل العقارات والصناعات والأغذية والخدمات لضغوط واضحة حدّت من نمو التوزيعات.
كما أكد أن الشركات ذات التوزيع المنتظم مثل الشرقية للدخان وبعض البنوك والمصرية للاتصالات لم تربط سياستها التوزيعية بتحركات سعر الصرف، إذ تعتمد تلك السياسات في الأساس على الأرباح الفعلية المحققة. وبذلك لا توجد علاقة مباشرة أو خطية بين انخفاض قيمة الجنيه ومستوى توزيعات الأرباح في السوق.








