برزت مصر في خريطة نشاط الدمج والاستحواذ بمنطقة الشرق الأوسط، خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، إذ سجلت صفقات ملحوظة في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، بالإضافة إلى السياحة والفنادق، ما يعكس قدرة الاقتصاد المصري على استقطاب استثمارات عربية وأجنبية تبحث عن أصول مدرة للعملة الصعبة، بحسب تقرير صادر عن “آرنست آند يونج”.
وأضاف التقرير أن السوق المصرية استفادت من الرواج الإقليمي الذي شهدته المنطقة، إذ أسهمت الصفقات العابرة للحدود في تعزيز حجم النشاط وتنوعه.
وأشار التقرير إلى أن مصر كانت ضمن أفضل خمسة أسواق من حيث عدد وقيمة الصفقات، الأمر الذي يعكس جاذبية الأصول المحلية واستقرار البيئة الاستثمارية مقارنة بالأسواق الإقليمية الأخرى.
ويؤكد التقرير أن هذا النجاح يعتمد على توافر بيئة قانونية وتنظيمية واضحة وشفافة، إضافة إلى تسهيل الإجراءات وتقليل البيروقراطية، ما يعزز قدرة السوق المصرية على المنافسة.
وسجلت الصفقات العابرة للحدود نحو ثلاثة أرباع قيمة الصفقات الإجمالية في المنطقة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، وهو ما يوضح الدور المحوري للمستثمرين الدوليين في السوق المصرية.
وأشار التقرير إلى أن البنوك والمؤسسات المالية لعبت دورًا مهمًا في تمويل هذه الصفقات، ما ساعد في زيادة حجم النشاط ودعم حركة السوق.
النشاط الإقليمي: حجم الصفقات وتوزيعها
وفقًا للتقرير، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجيل 649 صفقة خلال أول تسعة أشهر من 2025، بقيمة إجمالية بلغت 69.1 مليار دولار، وهو ما يمثل ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأوضح التقرير أن غالبية الصفقات كانت صفقات عابرة للحدود، إذ شكلت نحو 54٪ من عدد الصفقات و76٪ من قيمتها، وهو أعلى مستوى للنشاط العابر للحدود خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعكس رغبة المستثمرين الدوليين في البحث عن فرص استثمارية متنوعة مع التركيز على القطاعات الاستراتيجية.
وسجلت الإمارات العربية المتحدة أعلى عدد وقيمة للصفقات الواردة، حيث بلغت 171 صفقة بقيمة 29 مليار دولار، ما يعكس قوة السوق الإماراتية واستقرار البيئة الاستثمارية فيها.
ورغم ذلك، يبرز التقرير مكانة مصر ضمن أفضل خمسة أسواق في المنطقة، مما يؤكد استمرار جاذبيتها وقدرتها على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
القطاعات الرئيسية للصفقات
أوضح التقرير أن قطاعات الطاقة والبتروكيماويات شكلت محور الصفقات الكبرى، حيث استحوذت على حصة كبيرة من قيم الصفقات. وقد أسهمت هذه الصفقات في تعزيز الاستثمارات طويلة الأجل وضمان استقرار العوائد للمستثمرين، وهو ما يعكس أهمية هذه القطاعات في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
كما شهدت قطاعات التكنولوجيا والخدمات الاستهلاكية والبنية التحتية نشاطًا متزايدًا، ما يدل على تحول المستثمرين نحو قطاعات تحقق عوائد مستدامة وتواكب التطورات الاقتصادية العالمية.
ويرى التقرير أن هذا التحول يعكس إدراك المستثمرين لقيمة الاستثمارات المرنة التي تستجيب للتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن الصفقات المتوسطة والصغيرة تشكل قاعدة واسعة للنشاط الاستثماري، إذ ساعدت في دعم السوق المحلي وتمكين المستثمرين من تنويع محافظهم الاستثمارية وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار في صفقات ضخمة.
كما أشار التقرير إلى الدور المتزايد لصناديق الثروة السيادية والجهات الحكومية في دعم الصفقات الكبرى، سواء من خلال توفير السيولة أو المشاركة في هيكلة الصفقات، وهو ما يعكس الدور الاستراتيجي لهذه الصناديق في توجيه الاستثمارات نحو مشاريع ذات أولوية اقتصادية.
تمويل الصفقات واستدامة النشاط
أكد التقرير أن البنوك والمؤسسات المالية لعبت دورًا محوريًا في تسهيل إتمام الصفقات، من خلال تقديم التمويل اللازم للمستثمرين المحليين والدوليين، وهو ما أسهم في زيادة حجم النشاط ودعم حركة السوق خلال الأشهر التسعة الأولى من العام.
ويشير التقرير إلى أن هذا الدعم المالي عزز قدرة السوق على استيعاب صفقات متنوعة الحجم، ما ساهم في الحفاظ على استقرار الأسواق المحلية والإقليمية.
وفي مصر، شكلت التمويلات المصرفية جزءًا أساسيًا من نجاح الصفقات في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات والسياحة، حيث ساعدت على إتمام صفقات استحواذ كبيرة ومتوسطة، ما يعكس مدى تطور آليات التمويل والقدرة على تنفيذ الصفقات المعقدة بنجاح.
الصفقات العابرة للحدود ودور المستثمرين الدوليين
كانت الصفقات العابرة للحدود المحرك الرئيسي للنمو في مصر والمنطقة، حيث شكلت نحو ثلاثة أرباع قيمة الصفقات الإجمالية خلال الأشهر التسعة الأولى.
ويشير التقرير إلى أن المستثمرين الدوليين لعبوا دورًا متزايدًا في الاستحواذ على شركات ومنشآت في مصر، ما يعكس تزايد ثقتهم في القدرة على تحقيق عوائد مجزية.
ويؤكد التقرير أن هذا الاتجاه يسهم في تعزيز الروابط الاقتصادية بين مصر والأسواق العالمية ويزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
كما أشار التقرير إلى أن الصفقات العابرة للحدود عززت من تنويع الاستثمارات في مصر، إذ شملت صفقات في قطاعات متعددة، مثل الصناعة والزراعة والخدمات والفنادق والسياحة، وهو ما يزيد من قوة الاقتصاد المصري وقدرته على امتصاص التحديات الاقتصادية.
التحديات والفرص المستقبلية
حذر التقرير من أن التحديات الاقتصادية قد تؤثر على قدرة السوق على امتصاص الصفقات، مشيرًا إلى ضرورة مواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال لضمان استمرار الزخم الاستثماري.
كما أكد التقرير على أهمية تطوير البنية التحتية وتسهيل الوصول إلى التمويل، بما يدعم استدامة النشاط الاستثماري في المستقبل.
وتوقع التقرير استمرار ارتفاع نشاط الدمج والاستحواذ في بقية العام، مع استمرار الطلب على الأصول المدرة للعملة الصعبة، وزيادة اهتمام المستثمرين الأجانب بالمناطق ذات النمو المستدام، بما فيها مصر.
كما أشار التقرير إلى أن القطاعات التي تشهد تحولًا رقميًا واستثمارات مستدامة ستظل محور اهتمام المستثمرين، نظرًا لقدرتها على تحقيق عوائد مجزية وتقليل المخاطر على المدى الطويل.







