تتجه الأنظار في اليابان إلى اجتماع بنك اليابان المركزي المقرر في 19 ديسمبر الجاري؛ وسط تصاعد ملحوظ في التوتر السياسي والمالي، في وقت يرجح فيه محللون أن يقدم البنك المركزي على رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.75%.
وذكرت وكالة الأنباء اليابانية كيودو، أن القرار المحتمل يضع محافظ البنك المركزي الياباني كازو أويدا في قلب مواجهة غير معتادة مع الحكومة اليابانية، مع تزامن تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم مع صعود قوي في عوائد السندات الحكومية.
وشهد سوق السندات اليابانية ضغوطا متزايدة، بعدما قفزت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2007، مدفوعة بمخاوف المستثمرين من استمرار التضخم قرب 3% على أساس سنوي، متجاوزا هدف البنك المركزي البالغ 2%، ما يعزز الدعوات لمزيد من التشديد النقدي.
كما زاد تراجع الين باتجاه 160 ينا مقابل الدولار من الضغوط الداعية إلى إنهاء حقبة طويلة من أسعار الفائدة الصفرية والتيسير الكمي، استمرت لنحو ربع قرن.
وفي المقابل، تبدي رئيسة الوزراء ساناي تاكاييتشي معارضة واضحة لتشديد السياسة النقدية في الوقت الراهن، في ظل سعي حكومتها إلى تحفيز الاستهلاك المحلي عبر نمو الأجور.
ويستند هذا الموقف إلى مؤشرات اقتصادية سلبية، أبرزها انكماش الاقتصاد بنسبة 2.3% على أساس سنوي في الربع الثالث، وتراجع الأجور الحقيقية بنسبة 1.4% في سبتمبر، مسجلة تاسع شهر متتال من الانخفاض.
ويرى مسؤولون حكوميون أن رفع الفائدة حاليا قد يزيد الضغوط على الاقتصاد ويعمق مخاطر الدخول في ركود، في وقت لا يزال فيه التعافي هشا.
وتزداد هذه المخاوف مع استمرار تفاقم عبء الدين العام، إذ تجاوزت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 200% بنهاية الربع الثالث، بينما تشير تقديرات أخرى إلى اقترابها من 260%، إلى جانب حزمة تحفيز مالي أخيرة بقيمة 18.3 تريليون ين (نحو 137 مليار دولار).
وفي المقابل، يبدو أن محافظ بنك اليابان ماض في مسار الخروج التدريجي من السياسات النقدية شديدة التيسير، ساعيا إلى تنفيذ ثاني رفع للفائدة هذا العام.
وكان البنك المركزي الياباني قد أنهى أسعار الفائدة السلبية والتحكم في منحنى العائد في 2023، وبدأ تقليص مشتريات السندات الحكومية تدريجيا.
غير أن محللين يحذرون من أن تعمق الخلاف بين البنك المركزي والحكومة قد يؤدي إلى قفزات حادة في عوائد السندات وقيمة الين، ما قد يربك تجارة «الكاري تريد» ويترك تداعيات أوسع على الأسواق العالمية.
ويعكس هذا المشهد تحديات هيكلية طويلة الأمد، إذ أدى اعتماد اليابان المستمر على التحفيز النقدي منذ عام 2001 إلى تضخم ميزانية بنك اليابان لتتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي البالغ 4.2 تريليون دولار، فيما لا يزال سعر الفائدة الأساسي عند المستويات نفسها المسجلة في عام 2007، آخر مرة بلغت فيها عوائد السندات هذه المستويات المرتفعة.








