تأرجحت توقعات المحللين بشأن القرار المتوقع للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي حول أسعار الفائدة، وذلك قبيل اجتماع اللجنة الثامن والأخير في 2025 والمقرر له الخميس المقبل .
ويأتي هذا التباين في ظل تراجع التضخم العام في نوفمبر الماضي، واستمرار الضغوط التضخمية في قطاعات رئيسية، فضلاً عن التطورات العالمية، مثل قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة.
أكد عدد من المحللين لـ”البورصة”، أن “المركزي” قد يستفيد من المساحة المتاحة لتخفيض الفائدة، في حين توقع آخرون التثبيت للحفاظ على استقرار الأسواق ومراقبة أثر السياسة النقدية الحالية على التضخم.
نافع: استمرار الضغوط في الخدمات والطاقة يفرض قدرًا مرتفعًا من الحذر
بداية، رجّح مدحت نافع، عضو اللجنة الاستشارية المتخصصة للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، أن تُبقي لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغيير ، بهدف الحفاظ على جاذبية العائد الحقيقي في مصر للتدفقات الاستثمارية بأدوات الدين، في ظل استمرار ارتفاع التضخم الأساسي وتأثيرات قرارات تحريك أسعار المحروقات.
واعتبر نافع أن التراجع المسجل في معدل التضخم العام خلال نوفمبر، لا يتجاوز كونه هدوءًا إحصائيًا مؤقتًا، و”إن حمل دلالة إيجابية محدودة، إلا أنه لا يعكس تحسنًا هيكليًا حقيقيًا في بنية المستوى العام للأسعار”.
وأوضح أن تقييم البنك المركزي، قبيل اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير للعام، لا ينبغي أن يستند إلى قراءة شهرية منفردة أو إلى التأثر بتحركات استثنائية لبعض المجموعات السلعية ذات الوزن النسبي المرتفع، وإنما إلى المسار المتوقع لمعدلات التضخم خلال الأشهر المقبلة.
وشدد على أن استمرار الضغوط التضخمية الكامنة في قطاعات الخدمات والطاقة والنقل والرعاية الصحية يفرض قدرًا مرتفعًا من الحذر على قرارات السياسة النقدية، حتى وإن بدت بعض المؤشرات الشهرية مطمئنة في ظاهرها.
وتراجع معدل التضخم العام لإجمالى الجمهورية إلى 10% خلال نوفمبر الماضى، مقارنة بـ10.1% فى أكتوبر 2025، وفق بيانات صادرة أمس، عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
كما تراجع معدل التضخم فى المدن إلى 12.3% فى نوفمبر مقابل 12.5% فى أكتوبر، رغم رفع أسعار المحروقات.
وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصـري في اجتماعها خلال نوفمبر الماضي، الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 21% و22% و21.5%، على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 21.5%.
أحمد: “المركزي” يمتلك مساحة كافية لخفض 100 نقطة أساس
وفي اتجاه مغاير، قالت إسراء أحمد، اقتصادي أول بوحدة بحوث “رامبل” في شركة ثاندر لتداول الاوراق المالية، إن البنك المركزي قد يفضل استغلال المساحة المتاحة حاليًا للمناورة النقدية، عبر خفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس إضافية خلال اجتماعه الأخير للعام الحالي، مستندًا إلى التحول العالمي نحو سياسات نقدية أكثر تيسيرًا، لا سيما عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي خفض سعر الفائدة في اجتماعه، وهو ما يدعم فرص التحرك في الاتجاه نفسه محليًا.
وتوقعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” أن يخفض البنك المركزي المصري سعر الفائدة 100 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر 2025.
كما ترى أن البنك المركزي سيخفض سعر الفائدة بنسبة 9.75% على مدار عام 2026، فيما توقعت أن تنخفض أسعار الفائدة في مصر بنسبة 3% إلى 8.25% بنهاية عام 2027.
عبدالنبى: قرار الفيدرالي الأمريكي وتباطؤ التضخم يعززان خيار الخفض
ورجح أحمد عبدالنبي، رئيس قسم البحوث بشركة “مباشر” لتداول الأوراق المالية، أن يميل البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس خلال اجتماع الخميس، مدعومًا بقرار “الاحتياطي الفيدرالي” خفض أسعار الفائدة، إلى جانب التباطؤ الملحوظ في معدل التضخم خلال نوفمبر، وهو ما يعزز هامش التحرك أمام السياسة النقدية.
وخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس، يوم الأربعاء الماضي 10 ديسمبر، للمرة الثالثة والأخيرة في عام 2025.
كما خفضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التابعة للبنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي على الاقتراض لليلة واحدة بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح ضمن نطاق 3.5% إلى 3.75%.
شفيع: أتوقع 50 – 100 نقطة أساس لدعم السياسة النقدية التوسعية
ورجح مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة «عربية أون لاين» لتداول الأوراق المالية، استمرار السياسة النقدية التوسعية للبنك المركزي، مع احتمال خفض أسعار الفائدة بنحو 50 إلى 100 نقطة أساس خلال الاجتماع الأخير 2025.
وأوضح أن هذا التوجه يستند إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها قرار الاحتياطي الفيدرالي الأخير بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وثانيها قراءة التضخم لشهر نوفمبر التي أظهرت تراجعًا وانحسارًا في الضغوط السعرية، وثالثها استقرار سعر الصرف وتوافر العملات الأجنبية.
عز العرب: خفض تدريجي حتى يظهر أثر السياسة النقدية على معدلات التضخم
وقال هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، إن خفض أسعار الفائدة في مصر سيتم بشكل تدريجي حتى يظهر أثر السياسة النقدية على معدلات التضخم، متوقعًا أن تتراجع أسعار الفائدة في مصر إلى ما بين 12% و14% بنهاية العام المقبل، مع استقرار معدل التضخم بين 8% و10% خلال الفترة ذاتها، ما يعني تحسنًا كبيرًا في الاقتصاد.
عبد الحكيم: اضطرابات الأسواق العالمية تدعم التثبيت في مصر
وقال محمد عبد الحكيم، العضو المنتدب بشركة إنسايت القابضة للاستثمارات المالية، إن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي تميل إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعها الأخير، نظرًا للاضطرابات الحالية في الأسواق والحاجة إلى مراقبة أثر معدلات الفائدة الحالية على استمرار معدلات التضخم المنخفض.
وأوضح أن البنك المركزي يحتاج إلى فترة أطول لملاحظة مدى استدامة الانخفاض في التضخم قبل اتخاذ أي تعديل في السياسة النقدية.
أضاف عبد الحكيم، أن قرار البنك المركزي الياباني المقرر يوم الجمعة 19 ديسمبر برفع الفائدة سيكون أحد أبرز العوامل التي تدفع البنك المركزي المصري نحو تثبيت أسعار الفائدة، لتجنب أي تدفقات محتملة لرؤوس الأموال الساخنة وضغوط إضافية على الأسواق المحلية.
وتترقب الأسواق العالمية اجتماع بنك اليابان المقرر عقده يوم الجمعة المقبل، وسط توقعات واسعة بقيام البنك برفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 0.75%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1995.








