يشهد قطاع التمويل العقاري في مصر، حالة من التفاؤل، في ظل اتجاه أسعار الفائدة نحو التراجع، وهو ما أعاد التمويل العقاري إلى دائرة الاهتمام لدى شريحة واسعة من العملاء بعد فترة من التباطؤ.
ويرى خبراء أن خفض الفائدة يمثل عاملًا حاسمًا في تقليل تكلفة الاقتراض، وتوسيع قاعدة المستفيدين من التمويل العقاري، بما يدعم نمو السوق خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توقعات بانتعاش ملحوظ في العام الجديد 2026.
عبدالحميد : القطاع يستهدف 50 مليار جنيه العام المقبل بنمو 25%
قال أيمن عبدالحميد العضو المنتدب ونائب رئيس شركة الأولى للتمويل العقاري، نائب رئيس شركة التعمير للتمويل العقاري، إن خفض أسعار الفائدة ينعكس بشكل إيجابي وقوي على نشاط التمويل العقاري، موضحًا أن كل تراجع بنسبة 1% في سعر الفائدة يقلل التكلفة على العميل بنسب تتراوح بين 6 ـ 10% من إجمالي قيمة التمويل.
وأوضح أنه خلال عام 2025 تراجعت أسعار الفائدة بنحو 7.25%، وهو ما انعكس على انخفاض تكلفة التمويل بنسب تراوحت بين 50 و70% من الزيادات التي كانت قد طرأت على التكلفة خلال الفترات السابقة.
وتوقع استمرار انخفاض أسعار الفائدة خلال عام 2026 بنسب تتراوح بين 6 ـ 8%، مرجعًا ذلك إلى التوقعات باستمرار تراجع معدلات التضخم خلال العام المقبل، وهو ما سيكون له أثر إيجابي على سوق التمويل العقاري وزيادة حجم التمويلات المقدمة.
أضاف عبدالحميد، أن خفض الفائدة لا ينعكس فقط على سوق العقارات، بل يمتد أثره الإيجابي إلى مختلف أنواع الاستثمارات، سواء للمستثمر العقاري أو الصناعي أو التجاري، نظرًا لاعتماد هذه القطاعات على الاقتراض البنكي، مشيرًا إلى أن كل خفض بنسبة 1% في الفائدة يفتح فرصًا أكبر للتوسع الاستثماري اعتمادًا على التمويل البنكي.
وأوضح أنه حال وصول أسعار الفائدة إلى مستوى 10%، فإنها ستكون مناسبة جدًا لنمو التمويل العقاري، معتبرًا أن هذا المستوى كان أحد أسباب نجاح مبادرات البنك المركزي السابقة، التي شهدت إقبالًا كبيرًا عندما كانت أسعار الفائدة أقل من 10%، مع بقاء التكلفة في نطاق مقبول.
وتوقع نمو معدلات التمويل العقاري خلال عام 2026 بنسب تتراوح بين 10 و25%، لتصل قيمة التمويلات إلى ما بين 45 و50 مليار جنيه.
أكد عبدالحميد، أن من أبرز التحديات التي تواجه سوق التمويل العقاري حاليًا غياب آلية واضحة لتمويل الوحدات تحت الإنشاء، رغم أنها تمثل نحو 97% من مبيعات العقارات سنويًا، موضحًا أن عدم السماح للبنوك بتمويل شركات التمويل العقاري على وحدات تحت الإنشاء يحرم السوق من شريحة كبيرة من النشاط، وحل هذه المشكلة سيسهم في معالجة العديد من التحديات القائمة.
أضاف أنه يجب علي العملاء إدراك الفروق الجوهرية بين التمويل عبر شركات التمويل العقاري والتقسيط المباشر من المطورين، لافتًا إلى أنه في ظل الخفض المستمر لأسعار الفائدة بالبنك المركزي، فإن سعر الفائدة لدى شركات التمويل العقاري يكون متغيرًا وينخفض مع كل تراجع في الفائدة، ما يصب في مصلحة العميل، حيث يتم منحه خيار تقليل مدة السداد أو خفض قيمة القسط، في حين أن الفائدة لدى المطور تكون غالبًا ثابتة من تاريخ التعاقد وحتى نهاية فترة السداد.
أضاف أن شركات التمويل العقاري لا تستهدف مشروعات بعينها، بل تقوم بتمويل أي وحدة عقارية داخل الدولة تتوافر لها السلامة القانونية واكتمال الملكية، مشيرًا إلى أن أي وحدة مستوفية للشروط القانونية تعد قابلة للتمويل.
وتوقع ارتفاع أسعار العقارات خلال عام 2026 بنسب تتراوح بين 10 و30% كحد أقصى، مؤكدًا أن الأسعار لن تشهد زيادات أكبر في ظل الاتجاه المتوقع لتراجع معدلات التضخم.
سمير: إعادة تفعيل التمويل للوحدات تحت الإنشاء .. أبرز التحديات
وقال محمد سمير، عضو مجلس إدارة شركة بيت مصر لخدمات التمويل العقارى، إن خفض أسعار الفائدة ينعكس بشكل إيجابي على نشاط التمويل العقاري، حيث يزيد إقبال العملاء مع انخفاض تكلفة التمويل مقارنة بفترات ارتفاع الفائدة.
وأوضح أنه كلما تراجعت أسعار الفائدة أصبح التمويل العقاري خيارًا أكثر جاذبية لشريحة أوسع من العملاء، مشيرًا إلى أنه حال انخفاض الفائدة إلى مستويات تتراوح بين 7 و8% – كما هو الحال في بعض الدول الأخرى – فإن ذلك يمثل عنصر جذب قوي لنمو السوق.
وتوقع سمير زيادة ملحوظة في الإقبال على التمويل العقاري خلال عام 2026، مدفوعًا بانخفاض أسعار الفائدة، وزيادة عدد شركات التمويل العقاري، إلى جانب طرح وحدات سكنية أوشك تنفيذها على الانتهاء .
وأشار إلى أبرز التحديات التي تواجه السوق حاليًا هي إعادة تفعيل التمويل للوحدات تحت الإنشاء، بالاضافة إلي حل مشكلات الملكية العقارية والتسجيل، وتسريع إجراءاتها بما يسهم في تنشيط السوق.
أضاف أن بعض الشركات بدأت بالفعل في توظيف الحلول التكنولوجية في منظومة التمويل والتسجيل العقاري، وهو من شأنه إحداث تغيير ملحوظ في شكل السوق خلال الفترة المقبلة.
وأكد سمير أن طول مدة السداد، وسعر الفائدة، وجودة الخدمة، وسرعة تنفيذ الإجراءات تعد من أهم العوامل المؤثرة في قرار العميل عند المفاضلة بين التمويل البنكي والتقسيط المباشر من المطورين.
وتوقع ارتفاع أسعار العقارات خلال عام 2026 بنسبة تتراوح بين 10 و15%، مرجعًا ذلك إلى ارتباط أسعار العقار بتكلفة مدخلات الإنتاج، وعلى رأسها أسعار مواد البناء مثل الحديد والأسمنت، إلى جانب تأثير سعر صرف الدولار.
إدريس: الأعباء التمويلية وصلت قبل قرارات الخفض إلى 30% من التكلفة
وقال المهندس محمد إدريس، رئيس مجلس إدارة شركة مباني إدريس، إن عام 2025 مثّل نقطة تحول إيجابية في مسار السياسة النقدية، بعد أن شهد خفضًا تراكميًا في أسعار الفائدة بلغ نحو 7.25%، وهو مايمثل دفعة للقطاع العقاري وتحفيزاً للمطورين .
وأوضح أن قرار لجنة السياسة النقدية الأسبوع الماضي خفض أسعار الفائدة بنسبة 1% لا يحمل فقط أثرًا ماليًا مباشرًا، بل يبعث برسائل طمأنة قوية للمستثمرين المحليين والأجانب، ويعكس توجهًا واضحًا نحو دعم النمو الاقتصادي وتحريك عجلة الاستثمار، خاصة مع التوقعات الإيجابية باستمرار دورة التيسير النقدي خلال عام 2026.
وأشار إدريس، إلى أن السوق يشهد حالة من الترقب والانتظار لمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، لما لذلك من دور حاسم في زيادة تدفقات الاستثمارات، وتشجيع الشركات على التوسع وتنفيذ مشروعات جديدة من خلال الحصول على تمويلات بنكية بفوائد أقل، بما يسرّع من وتيرة تنفيذ الخطط التوسعية ويعزز من معدلات التشغيل.
أضاف أن القطاع العقاري يُعد من أكثر القطاعات استفادة من خفض الفائدة البنكية، موضحًا أنه مع تراجع العائد على الادخار، يتجه أصحاب المدخرات للبحث عن أوعية استثمارية بديلة تتسم بالأمان والاستقرار، ويأتي العقار في مقدمتها، نظرًا لقدرته على الحفاظ على قيمة الأموال في مواجهة التضخم، إلى جانب تحقيق عوائد متزايدة ومستقرة على المديين المتوسط والطويل.
وأكد إدريس أن خفض أسعار الفائدة ينعكس أيضًا بشكل مباشر على تحسين الهيكل المالي للمشروعات العقارية، حيث يسهم في تقليل تكلفة التمويل، وامتصاص جزء من تأثير الأعباء الأخرى التي يتحملها المطورون، وعلى رأسها الرسوم المختلفة، والارتفاعات المستمرة في أسعار مواد البناء والطاقة والخدمات.
وأوضح أن الأعباء التمويلية كانت قد وصلت، قبل قرارات خفض الفائدة، إلى نحو 30% من إجمالي تكلفة المشروعات، وهو ما شكّل ضغطًا كبيرًا على المطورين وأثر على تسعير الوحدات وخطط الطرح.
وشدد على أن استمرار خفض الفائدة سيساعد المطورين على إعادة هيكلة تكاليفهم، وتحسين هوامش الربحية، بما ينعكس إيجابًا على السوق ككل، سواء من حيث زيادة حجم المعروض، أو تنويع المنتجات العقارية، أو طرح نظم سداد أكثر مرونة تلائم مختلف شرائح العملاء.
وتوقع المهندس محمد إدريس انطلاقة قوية للقطاع العقاري عام 2026 مع استمرار خفض الفائدة واتخاذ اجراءات داعمة للسوق .
وكان البنك المركزي المصري قد قرر خفض سعر الفائدة بنسبة 1% خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الثامن والأخير لعام 2025، ليصل سعر الفائدة إلى 20% للإيداع و21% للإقراض، في خطوة تعكس استمرار توجه الدولة نحو دعم النشاط الاقتصادي وتحفيز الاستثمار.
وبذلك يكون إجمالي خفض أسعار الفائدة منذ بداية عام 2025 قد بلغ 7.25%، تم تنفيذها عبر خمس مرات، بواقع 2.25% في أبريل، و1% في مايو، و2% في أغسطس، و1% في أكتوبر، و1% في الاجتماع الأخير.







