الركود كان مؤقتاً.. والمستثمرون يرغبون فى الاستفادة من مجمعات السيولة العميقة
تتدفق شركات التكنولوجيا الصينية إلى نيويورك، من أجل الطروحات العامة الأولية مرة أخرى، لتنتعش بذلك التدفقات القياسية التى تباطأت بعد سلسلة من الافتتاحات الضعيفة وسط الأسواق المهتزة.
ووضعت «فُل ترَك أليانس ـ Full Truck Alliance»، وهى شركة ناشئة فى مجال النقل بالشاحنات ومدعومة من «تينسنت هولدينجز» و»سوفت بنك»، اللمسات الأخيرة على أسعار طرحها العام الأولى لجمع ما يصل إلى 1.57 مليار دولار أمس الأول الإثنين، لتبدأ التداول فى بورصة نيويورك فى اليوم التالى.
تأتى هذه الخطوة عقب قيام «أيهويتشو إنترناشيونال ـ AiHuiShou International»، وهى منصة لبيع الإلكترونيات الاستهلاكية المستعملة بدعم من «جى.دى دوت كوم»، بجمع 227 مليون دولار وإغلاق أسهمها بارتفاع نسبته %22.9 فى أول ظهور لها فى بورصة نيويورك يوم الجمعة حتى مع انخفاض سهم «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار %1.3.
قبل أسبوع، شهدت «كانزهون ـ Kanzhun»، مشغل منصة التوظيف عبر الإنترنت «بوس زهيبين ـ Boss Zhipin» تضاعف أسهمها تقريباً عند إطلاقها فى بورصة ناسداك بعد أن جمعت 912 مليون دولار.
فى غضون ذلك، تعقد خدمة النقل السريع فى الصين «ديدى تشوكسينج» اجتماعات تمهيدية للمستثمرين لما سيصبح طرحاً أولياً فى نيويورك بقيمة 10 مليارات دولار، وفقاً لأشخاص مطلعين على خططها.
كما تستعد 20 شركة أخرى لطروحات أولية يمكن أن تساعدها فى جمع حوالى 6 مليارات دولار سوياً، حسبما نقلت مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية.
قال أحد الأشخاص المشاركين فى أحد الصفقات، إن الزخم عاد، فالمستثمرين يستعدون لمواجهة شركات التكنولوجيا الصينية مرة أخرى.
وأوضح هذا الشخص أن شركة «كانزهون» أثبتت بأن الركود كان مؤقتاً، وأن المستثمرين مازالوا حريصين على وضع أيديهم على الشركات الصينية سريعة النمو.
وأوضحت «نيكاى آسيان ريفيو»، أن إعادة إحياء تدفقات الاكتتاب العام الأولى الصينية إلى الولايات المتحدة، رغم التوترات الشديدة الناشبة بين البلدين، مدفوعة بالرغبة فى الاستفادة من مجمعات السيولة العميقة التى توفرها أكبر سوق رأسمالية فى العالم.
ويمكن لبورصات الولايات المتحدة، التى تعد موطناً لأكبر شركات التكنولوجيا فى العالم، أن تقدم لشركات التكنولوجيا تقييمات أعلى، حيث يمكن أن يفهم المستثمرون هناك نماذج أعمالهم بشكل أفضل.
قال الشريك الإدارى لشركة «ديلويت» بجنوب الصين، «إدوارد أو»: «الشركات المبدعة تهيمن على السوق الأمريكية، ويتمتع المستثمرون بفهم أكبر للمفاهيم الجديدة والشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا».
وأوضح أن المزيد من الشركات الناشئة العاملة فى مجال التكنولوجيا تختار إجراء طروحات أولية فى الولايات المتحدة أولاً ثم العودة إلى هونج كونج لإجراء طروحات أخرى.
تعمل شركات التكنولوجيا أيضاً على تفضيل الأسواق الأمريكية منذ أن شددت السلطات الصينية معايير الإدراج فى سوق شنغهاى للأوراق المالية لفحص الشركات التى لا تمتلك تكنولوجيات مبتكرة.
يذكر أن أكثر من 90 شركة سحبت طلبات الاكتتاب العام فى البر الرئيسى هذا العام.
بالنسبة للمستثمرين الذين يمتلكون النقد بفضل التحفيز العالمى، توفر الشركات الصينية إمكانية الدخول إلى واحد من أسرع الأسواق نمواً فى العالم.
ويقول مؤسس شركة الاستشارات «بى آند سى فينتشرز ـ P&C Ventures، فيليب إسبيناس، إن الداعمين الدوليين لشركات التكنولوجيا يفضلون أيضاً الإدراج فى الخارج لتحقيق مكاسب من استثماراتهم السابقة للاكتتاب العام.
وقال آيفى وونج، الذى يرأس مكتب «بيكر ماكينزي» لأسواق رأس المال فى آسيا والمحيط الهادئ، إن الشركات الصينية ترى أن التركيز العالمى هو أحد أفضل الخيارات اللازمة لتحقيق الاستقرار والإيرادات المتسقة.
وأضاف أن إدراج الأسهم فى سوق الولايات المتحدة يمكن أن يوفر لهم هذا الوصول إلى أسواق وعملاء جدد، ناهيك عن الفوائد المعتادة مثل قاعدة المستثمرين العريضة.
من المرجح أن تؤدى سلسلة صفقات الطروحات الأولية إلى رفع إجمالى قيمة الشركات الصينية فى نيويورك إلى ما يزيد على 13.5 مليار دولار فى العام الماضى، والذى يعتبر أعلى إجمالى مُسجل منذ عام 2014، والذى بلغ آنذاك 29.1 مليار دولار، وفقاً لبيانات منصة «ديلوجيك» (Dealogic).
نشأت هذه الثروة من قيام شركة «على بابا» باكتتاب عام أولى فى بورصة نيويورك بقيمة 25 مليار دولار.
وجمعت 29 شركة صينية ما يصل إلى 5.9 مليار دولار فى بورصة نيويورك منذ بداية 2021، بحسب بيانات «ديلوجيك»، وفى نفس الفترة من العام الماضى، جمعت 14 شركة ما يصل إلى 2 مليار دولار.
ورغم ذلك، تراجعت الإصدارات فى شهرى أبريل ومايو الماضيين إلى 645 مليون دولار فقط وسط حملة مكافحة الاحتكار على قطاع التكنولوجيا فى الصين وتراجع شهية المستثمرين للمخاطرة.
بموجب قانون صدر العام الماضى، تخاطر الشركات الصينية بطرح أسهمها فى البورصات الأمريكية بحلول عام 2023 إذا لم يُسمح للهيئات التنظيمية الأمريكية بمراجعة سجلات التدقيق الخاصة بهم.
وتحظر بكين مثل هذه المراجعات لأسباب تتعلق بالأمن القومى، لكن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بدأت الشهر الماضى خطوات نحو تطبيق القانون.
فى أواخر مايو، قدم السناتور الأمريكى ماركو روبيو وبوب كيسى «قانون عدم الاكتتاب العام للجهات الفاعلة غير الخاضعة للمساءلة» لحظر المزيد من عمليات الاكتتاب العام للشركات الصينية.
وفى حالة إقرار هذا القانون، فإنه سيوجه لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لإيقاف أى شركة لا تستطيع الامتثال لقواعد المحاسبة الأمريكية من الإدراج فى البورصة الأمريكية مباشرة أو عبر شركة استحواذ ذات غرض خاص.
