الرئيس التنفيذى لشركة “جراب هاب” لديه أخبار قاسية لـ2800 موظف لديه، فرغم الطفرة التى شهدتها تطبيقات توصيل الطعام خلال جائحة كورونا، لكن 15% من موظفى الشركة سيفقدون اليوم أعمالهم.
وكتب هوارد ميجدال، فى بريد إلكترونى موجه لموظفى الشركة: “نحن نعمل فى بيئة شديدة التنافسية، وصناعة تتطور بالاستثمار، ونحتاج للنظر باستمرار فيما إذا كنا نسير فى الطريق الصحيح”.
والتطبيق الأمريكى، المملوك من قبل “جاست إيت” ومقرها أمستردام، ليس وحيدًا، فتطبيق “زوماتو” علق نشاطه فى أكثر من 225 مدينة هندية، وسحب تطبيق “دليفرو” عملياته من أستراليا، وخفض تطبيق “دور داش” العمالة لديه 6% أو ما يعادل 1250 موظف.
وفى حين أن “دومينوز” يقدم الطعام للعملاء لعقود، لكن التطبيقات اليوم أقحمت نفسها، فيما كان بالفعل نشاطا ذو هامش ربحى ضيق، لقد ربطوا بين العملاء الراغبين فى البقاء بالمنزل والسائقين والمطاعم، مع القدرة على خدمة المزيد من العملاء بشكل أكبر مما بوسعهم جذبه للغداء فى المطعم أو لعملاء “التيك أواى”.
وتشير التقديرات إلى أن حجم سوق توصيل الوجبات العالمى تتراوح بين 167 و300 مليار دولار، وقفزت الإيرادات خلال العامين الماضيين، بسبب عاملين رئيسيين، لكنهم اختفوا فى الوقت الحالى.
فالتوسع كان ممولا برأس المال الرخيص الذى غطى الفجوة بين التكلفة الحقيقية للتوصيل وما يدفعه العملاء، كما أن إغلاقات جائحة كورونا، حفزت النمو وحجمت المنافسة من قبل المطاعم وتقديم الوجبات داخلها.
ولقد كانت الفقاعة غير عادية، حتى أن العلامات التجارية الرائدة فى خدمات الطعام، مثل سلسلة البرجر الأمريكية الشهيرة “وينديز” والمجموعة الهندية البريطانية “ديشوم” حاولوا التوسع ليس فقط عبر إدراج مطاعمهم على التطبيقات، بل أيضًا فتح مطابخ للتوصيل فقط.
الآن هذه المحفزات قد اختفت، والربح المتاح من تناول الوجبات فى المنزل تآكل، بارتفاع أسعار الطعام والتكاليف الأخرى، وانخفاض ميزانيات الإنفاق على الطعام من الخارج.
ويرى بيتر باكمان، محلل مستقل بقطاع الغذاء، أن ساحة توصيل الطلبات مليئة بالمشاكل، حيث عاد الزبائن للغداء داخل المطاعم من جديد، وخفض عمولة التوصيل التى كانت مطبقة فى عصر الجائحة بدأ فى التلاشى، وباتوا أقل حماسًا تجاه الشراكات التى تكلفهم من 15 إلى 30%.
وتحولت العديد من المطاعم فى ضواحى نيويورك إلى تملك أنظمة لإتمام الطلبات عبر الإنترنت، حتى أن أحد مطاعم البيتزا الصغيرة تضع ملاحظة عندما طلبت من تطبيق “دور داش” مفادها أنه يمكننى توفير ما يقرب من 30% إذا اتصلت بهم مباشرة،
كما قلصت العلامات التجارية الأمريكية “وينديز” وأبل بى” من خطط المطبخ الخلفية المخصصة للدليفرى.
المحلل فى “جيفريز”، جيلز ثرون، مقتنع أن تطبيقات توصيل الطعام يمكنها خلق إيرادات مستدامة، بمجرد ما تختفى المقارنات مع فترة الجائحة.
ويقول إن هناك قطاعات عريضة فى المجتمع مستعدة لدفع 4 دولارات لشراء 45 دقيقة من وقتهم، لكن سيكون هناك معاناة بشأن خفض مصاريف التوصيل، إذ أن المستثمرين باتوا يطلبوا الأرباح أكثر من النمو.
ورغم أنه بوسع خفض الوظائف أن يخفض التكاليف، لكنها ليست كافية، فتطبيقات توصيل الطعام، تحتاج لإيجاد طرق أخرى لخفض التكاليف، خاصة إذا أرادوا التوسع فى مجالات أخرى دون الاعتماد على دعم مالى كبير.
وتحول البعض نحو تجميع الطلبات، بحيث يتوقف موصل واحد للطلبات عدة مرات، ويمكن أن ينجح هذا فى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان والمليئة بالمطاعم المزدحمة.
كما أنه يفسر سبب عرض “دور داش” و”أوبر إيتس” بشكل روتينى على العملاء إمكانية التوصيل لنقطة أخرى، لكن عملية التجميع التى يتم إجراؤها بشكل سيئ تنفر عملاء التطبيق الذين يشاهدون بشكل لحظى البرجر وهو يسلك طرقًا ملتوية وتصبح البطاطس المقلية فطيرة.
وقد تكون حماقة أن يكون هناك حل يناسب الجميع، فالمطاعم الصغيرة بوسعها تقوية أرباحها والحفاظ على سمعتها بتقديم طعام جيد عبر التركيز على تقديم الطعام داخلها أو من خلال “التيك أواى”.
وقد تكون مهمة أحمق أن تعد بتقديم كل شيء للجميع، ويمكن للمطاعم المحلية المعروفة تقوية أرباحها النهائية والحفاظ على سمعتها للطعام الجيد من خلال التركيز على تناول الطعام والوجبات الجاهزة.
ومن الناحية الواقعية، سينتهى الأمر بالعديد من المجتمعات بظهور إصدار جديد من المطابخ الخلفية، والتى تطبخ للغير، وتحت علامات تجارية افتراضية، وهذا يجعل من السهل جذب عدد كافٍ من العملاء القريبين للحفاظ على تكلفة التوصيل.
بقلم: بروك ماسترز
محررة اقتصادية فى “فاينانشيال تايمز”
المصدر: “فاينانشيال تايمز”









