أكاش دوشي: “إنه المال التاريخي.. يعود تاريخه إلى آلاف السنين كأصل حقيقي”.
تحت مبنى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في مانهاتن بنيويورك، يقع أكبر مخزون معروف من الذهب في العالم.
ورغم أن الولايات المتحدة قد تخلت عن معيار الذهب بشكل كبير خلال الكساد الكبير ، وأعلنت نخليها عنه رسميًا في السبعينات، إلا أن خزينة الذهب الشهيرة في الاحتياطي الفيدرالي تحتوي على حوالي 6,331 طنًا متريًا من الذهب، أي ما يعادل حوالي 507 آلاف سبيكة.
هذا المخزون يكفي لأكثر من مليار ميدالية ذهبية أولمبية (التي هي في الواقع مصنوعة أساسًا من الفضة)، وحوالي 750 ألف وعاء من الذهب المنتظر في نهاية كل موسم.
كما يمكن إنفاق 694 مليار دولار في كوستكو لشراء سبائك الذهب التي تزن أونصة واحدة، رغم أن السبيكة التي يبلغ سعرها 3,410 دولارات غير متوفرة حاليًا.
يواجه سعر الذهب تقلبات، لكن اعتبارًا من يوليو 2025، يمكن تقدير القيمة السوقية لجميع الذهب المخزن في خزينة بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بين 470 مليار دولار و680 مليار دولار، وذلك اعتمادًا على السعر الحالي للذهب الذي سجل أعلى مستوى له هذا العام، حسب ما أوضحته صحيفة “يو إس أيه توداي” الأمريكية.
من يملك الذهب المتواجد في خزينة الاحتياطي الفيدرالي؟
لكن لا يملك بنك الاحتياطي الفيدرالي أيًا من هذا الذهب، ومعظمه ليس أمريكيًا.
ففي عام 2021، أفادت وزارة الخزانة الأمريكية أنها تخزن فقط حوالي 13.4 مليون أونصة “تروي” من الذهب الخالص، أي حوالي 416 طنًا متريًا.
والبقية تعود إلى حكومات أجنبية وبنوك مركزية أخرى ومنظمات دولية رسمية، التي تثق في بنك الاحتياطي الفيدرالي للاحتفاظ به تحت الأرض على عمق 80 قدمًا.
في الواقع، تعتبر خزينة بنك الاحتياطي الفيدرالي واحدة من أكثر المنشآت أمانًا في العالم، وتنفيذ عملية سرقة هناك سيكون أمرًا شبه مستحيل.
وتخزن الولايات المتحدة ، الذهب في أماكن أخرى أيضًا، إذ يقع أكبر مخزن للذهب المملوك للولايات المتحدة في فورت نوكس بولاية كنتاكي، حيث يضم حوالي 147.3 مليون أونصة تروي من الذهب الخالص، أي حوالي 4,583 طنًا متريًا.
وتحتفظ دول أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا أيضًا بكميات كبيرة من احتياطيات الذهب.
لماذا يفضل الناس الذهب؟
بعيدًا عن لمعانه، يرى بعض المستثمرين والبنوك المركزية والحكومات أن الذهب هو أصل جذاب يعزز الثقة، حتى في الأوقات الاقتصادية الغامضة.
قال أكاش دوشي، رئيس استراتيجية الذهب العالمية لدى “ستيت ستريت إنفستمنت مانجمنت”: “إنه المال التاريخي.. يعود تاريخه إلى عدة آلاف من السنين كأصل حقيقي .. ويرجع إلى العصور التوراتية، حيث كان أحد الهدايا من الرجال الحكماء الثلاثة”.
في الوقت الحالي، ورغم أن الذهب لا يستخدم كوسيلة دفع واسعة النطاق، إلا أنه يعد أصلاً سائلاً للغاية لا يحمل خطرًا ائتمانيًا معينًا ولا يتم التحكم فيه مباشرة من قبل أي بنك مركزي، وفقًا لجوي كافاتوني، كبير الاستراتيجيين السوقيين لأمريكا في “مجلس الذهب العالمي”.
لكن بعض المستثمرين لا يزالون يرونه “مالاً حقيقيًا”، شيء لا يمكن طباعته، وتحوطًا ضد التقلبات الاقتصادية والسوقية.
لماذا ارتفع الطلب على الذهب؟
بينما لا يزال الدولار أو اليورو، بعيدين عن الزوال قريبًا، قال دوشي إن الطلب على الأصول الحقيقية التي تكمل العملات الورقية ارتفع في العقود القليلة الماضية، حيث زاد الدين العالمي وحصة الحكومات في هذا الدين.
عام 2024، تجاوز الذهب اليورو ليصبح ثاني أكبر أصل احتياطي عالمي بعد الدولار الأمريكي، وفقًا لتقرير صادر عن البنك المركزي الأوروبي في يونيو.
ذكر دوشي الأزمة المالية لعام 2008، وحرب التجارة بين الولايات المتحدة والصين، والتحولات في التحالفات التجارية مثل إعادة ترتيب اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، والعقوبات الموسعة كعوامل ساعدت في زيادة اهتمام بعض البنوك المركزية بالذهب، إذ يسعى البعض لتحقيق الاستقرار وسط الصدمات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية.
قال كافاتوني، إن إقدام وكالات التصنيف الائتماني الأخيرة، على خفض تصنيف الائتمان الأمريكي والمخاطر المرتبطة بالاحتفاظ بالسندات الأمريكية قد تكون في أذهان الناس، مضيفًا أن كثيرا من الطلب المتزايد يأتي من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة.
قفزات الذهب منذ بداية عام 2024
أوضح كافاتوني أن الذهب يتم تقييمه بشكل أعلى عندما يكون هناك عدم وضوح في السوق وارتفاع في حالة عدم اليقين، مضيفًا أن “هذا هو العالم الذي نعيش فيه الآن”.
وأضاف: “عندما تفكر في مستوى الاحتياطيات المطلقة، فهي لا تزال منخفضة للغاية مقارنة بالنسبة المئوية من الاحتياطيات الإجمالية. وأعتقد أن هناك فرصة لهم للاستمرار في النمو، لكنني أعتقد أننا نرى في بيانات الربع الثاني وفي بعض التصريحات الأخرى أنهم يراقبون عن كثب أداء الذهب وكيف سيبدو”.
