توقع محللون اقتصاديون، أن تشهد قراءة التضخم لشهر أكتوبر الماضي، ارتفاعًا محدودًا نتيجة قرار رفع أسعار الوقود.
وأوضح محللون تحدثوا لـ”البورصة”، أن صدور القرار منتصف الشهر الماضي سيؤدي إلى انعكاس جزئي فقط على بيانات أكتوبر، بينما سيظهر الأثر الكامل لتحريك الأسعار في قراءة نوفمبر .
وكانت الحكومة المصرية، أعلنت في بيان رسمي صبيحة 17 أكتوبر، رفع أسعار الوقود بنحو 13%، ليصل سعر لتر بنزين 80 إلى 17.75 جنيه، وبنزين 92 إلى 19.25 جنيه، وبنزين 95 إلى 21 جنيهًا، كما تم رفع سعر السولار إلى 17.5 جنيه، و سعر متر الغاز المستخدم للسيارات إلى 10 جنيهات.
عبد النبي: التحريك الأخير يعيد التضخم إلى المسار التصاعدي
قال أحمد عبد النبي، رئيس قسم البحوث بشركة “مباشر” لتداول الأوراق المالية، إن الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود ستُنهي موجة التراجع التي شهدها معدل التضخم خلال الأشهر الأربعة الماضية، متوقعًا أن يشهد شهر أكتوبر ، عودة للارتفاع في مستويات التضخم.
وتراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 11.7% خلال سبتمبر الماضي، مقابل 12% في أغسطس 2025، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
أضاف عبد النبي أن زيادة مكون التعليم الموسمي الذي يحدث عادة في أكتوبر بنسبة تصل إلى 10%، مع استقرار أغلب مكونات المؤشر خلال الشهر السابق، قد يدفع معدل التضخم العام السنوي إلى مستوى يتراوح بين 12.8% و13.6%.
وتابع: “معدل التضخم الشهري قد يتأرجح بين 2.3% و 3% خلال أكتوبر 2025.
وأكد عبد النبي، أنه حال بلوغ التضخم إلى 13.6% خلال أكتوبر كأقصى تقدير، فإن مصر ستكون قريبة من مستهدف البنك المركزي.
وكان البنك المركزي المصري قد كشف في تقرير السياسة النقدية للربع الثالث 2025، عن توقعه باستمرار توجه معدل التضخم السنوي في مسار نزولي نحو مستهدفاته عند 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026، مرجحًا أن يبلغ متوسط المعدل السنوي للتضخم العام نحو 14% في عام 2025 و10.5% في عام 2026، مقارنة بـ28.3% في عام 2024.
كما أشار إلى أن أبرز المكونات المتوقع أن تقود الارتفاع تتمثل في مكون المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود، مما يعزز الضغوط التضخمية.
ويرى عبد النبي أنه رغم أن الزيادة الأخيرة في الأسعار كانت متوقعة إلى حد كبير من جانب البنك المركزي، إلا أنه حال تجاوز معدل التضخم لمستوى 13%، فمن المرجح أن يتوقف المركزي مؤقتًا عن سياسة التيسير النقدي لإعادة تقييم الأوضاع بعد الارتفاع.
وتوقع عبد النبي أن يخفض البنك المركزي خلال عام 2025 معدلات الفائدة بإجمالي 800 نقطة أساس، وهي الزيادة التي تم رفعها خلال عام 2024، في إطار سياسة تستهدف دعم النشاط الاقتصادي.
شفيع: التضخم قد يلامس 12% .. والتأثير الحقيقي سيظهر في نوفمبر
واستبعد مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، أن تعكس قراءة التضخم لشهر أكتوبر الأثر الكامل لزيادة أسعار المحروقات الأخيرة.
وأوضح أن القرار صدر في منتصف الشهر، وبالتالي لن يظهر تأثيره بصورة واضحة في قراءة شهر أكتوبر المنتظرة، بينما سيظهر الأثر الحقيقي في قراءة نوفمبر.
ويرى شفيع أن تأثير زيادة أسعار الوقود على معدل التضخم خلال أكتوبر سيكون محدودًا للغاية، متوقعا أن يسجل ارتفاعًا طفيفًا إلى نحو 12%.
وأضاف أن القراءة الأبرز ستكون في شهر نوفمبر المقبل، متوقعًا أن تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم يتراوح بين 1.5% و2%، نتيجة التأثير المباشر لزيادة أسعار السولار بالأساس، إلى جانب البنزين.
أشار شفيع إلى أن تأثير الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود بدأ يظهر بالفعل بشكل تدريجي ومباشر على الأسعار، موضحًا أن الأسواق اعتادت التفاعل السريع مع مثل هذه التحركات، كما حدث قبل نحو سبعة أشهر عند رفع أسعار المحروقات.
وأكد شفيع أن القطاعات الأكثر تأثرًا بارتفاع التضخم ستكون في مقدمتها المواد الغذائية، باعتبارها تمثل النسبة الأكبر من مكونات سلة التضخم، يليها قطاعات الأسمدة والبتروكيماويات والنقل والاتصالات والأدوية.
من جانب آخر، توقع بنك “جولدمان ساكس” تراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى نحو 10% بنهاية 2025، فيما توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تباطؤ معدل التضخم في مصر إلى 12.5% في نهاية السنة المالية 2025، على أن يتراجع إلى 10.6% في يونيو 2026 بدعم تأثير سنة الأساس واستقرار سعر الصرف.
كما رجحت الوكالة تراجع الضغوط التضخمية أكثر في 2026 إلى متوسط 10.5% على أساس سنوي، منهيًا العام عند 9.3%.
أما صندوق النقد الدولي، فتوقع أن يقترب معدل التضخم العام في مصر من 16% بحلول نهاية السنة المالية 2024/2025، مع استمرار السياسة النقدية التشددية التي تحافظ على أسعار الفائدة المرتفعة.
ميخائيل: استقرار سعر الصرف والعوائد الدولارية يدفعان نحو تحقيق مستهدفات “المركزي”
وقالت سالي ميخائيل، رئيس قسم الاستراتيجيات بشركة تايكون لتداول الأوراق المالية، إن رفع أسعار البنزين ومشتقاته متوقع أن يؤدي إلى ارتفاع نسبي في معدلات التضخم خلال أكتوبر، دون أن يشكل قفزة طفرية في المؤشر العام.
وأرجعت ميخائيل ذلك إلى تزامن قرار رفع أسعار المحروقات مع استقرار سعر صرف الدولار، ما يجعل تأثير الزيادة على التضخم محدودًا ومتناسبًا مع نسبة تحرك أسعار الوقود، موضحة أن تقلبات العملة الأجنبية كانت العامل الأبرز وراء موجة التضخم القياسية التي شهدتها البلاد عام 2024 عقب قرار التعويم.
وتوقعت ميخائيل أن يرتفع معدل التضخم السنوي بنحو يتراوح بين 2% و3% خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، مشيرة إلى أن التأثير الأكبر للزيادات الأخيرة سيظهر في قراءة نوفمبر، بعد أن تستوعب الأسواق بالكامل انعكاسات التغيرات في الأسعار.
وأضافت أن قطاع النقل سيكون الأكثر تأثرًا بقرار رفع أسعار المحروقات، يليه قطاعا الأغذية والملابس، موضحة أن انعكاس الزيادات سيشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، وإن كان الارتفاع في الأسعار سيظل محدودًا نسبيًا.
وأكدت ميخائيل، أن الوصول إلى مستهدفات البنك المركزي لمعدلات التضخم يعتمد على عاملين رئيسيين؛ فاعلية السياسة النقدية واستقرار سعر الصرف، إلى جانب توافر العوائد الدولارية التي تتيح الحفاظ على استقرار الأسعار أو دفعها نحو التراجع، مشيرة إلى أن هذه الحالة تُعد استثنائية في مصر خلال العام الحالي.








