تتجه الهيئة العامة للرقابة المالية لإقرار تعديلات تنظيمية جديدة تتيح لشركات السمسرة مزاولة أنشطة صانع السوق وموفّر السيولة والمفوّض المعتمد، في خطوة تستهدف رفع كفاءة سوق المال المصري وتعميق قاعدة أدواته الاستثمارية، بما يعزز من استقراره وجاذبيته للمستثمرين المحليين والأجانب.
ووفقًا للهيئة، فإن مشروع القرار ما زال قيد التشاور مع أطراف السوق، ويهدف بالأساس إلى تمكين السوق من جميع الآليات الكفيلة باستدامة كفاءته وقدرته التنافسية، وليس فقط إلى زيادة حجم التداولات.
كما تدرس الهيئة منح حوافز للشركات الراغبة في مزاولة الأنشطة الجديدة، تشمل تخفيض رسوم الخدمات المقدمة من البورصة المصرية وشركة مصر للمقاصة، مع استمرار مساهماتها في صندوق حماية المستثمر، دعمًا لتوسيع نشاطات السيولة بالسوق.
وسيتولى صانع السوق توفير أسعار بيع وشراء مستمرة للحفاظ على وتيرة التداول، بينما يتدخل موفّر السيولة عند ضعف الطلب لضمان استمرار التعاملات، في حين يساعد المفوض المعتمد الشركات المصدرة على رفع سيولة أسهمها والتعامل على أدوات مثل صناديق المؤشرات والصناديق السلعية. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة تطوير شاملة تمهّد لإطلاق المشتقات المالية خلال المراحل المقبلة، بما يدعم توازن العرض والطلب ويزيد من تنافسية السوق المصري عالميًا.
وقالت راندا حامد، العضو المنتدب لشركة «عكاظ لإدارة الأصول»، إن إدخال هذه الأدوات يُعد خطوة محورية لتعزيز كفاءة السوق ورفع مستوى السيولة، موضحة أن وجود موفّر للسيولة سيُنشّط التداول على الأسهم ضعيفة السيولة عبر تقليص الفجوة بين أسعار الشراء والبيع وضمان توافر أوامر دائمة في السوق.
وأضافت أن المفوّض المعتمد سيلعب دورًا حيويًا في دعم أدوات الاستثمار الحديثة مثل صناديق المؤشرات والصناديق السلعية، بما يزيد من تنوع المنتجات وجاذبية السوق. وأكدت أن هذه الإجراءات سترفع رأس المال السوقي وتدعم بقاء البورصة المصرية ضمن مؤشرات مورجان ستانلي للأسواق الناشئة، مشيرة إلى أن التجارب المماثلة في السعودية والإمارات والولايات المتحدة وأوروبا أثبتت نجاح هذه الآليات في تعزيز كفاءة الأسواق واستقرارها.
وأوضحت حامد أن السوق رغم التطور التنظيمي الكبير، ما زال بحاجة إلى “بضاعة جديدة” متمثلة في طروحات حكومية وشركات كبرى، ما سيزيد من عمق السوق ويخلق تداولات مستدامة.
مسعود: الإجراءات تستهدف تعميق السوق وتوفير مشترٍ دائم
من جانبه، قال محمد فاروق مسعود، العضو المنتدب لشركة «جلوبال إنفست» لتداول الأوراق المالية، إن الخطوات التنظيمية الجديدة تعزّز قدرة السوق على امتصاص الصدمات وتقلل هشاشته أمام الأخبار السلبية، موضحًا أن الهدف هو ألا تتأثر السوق المصرية بهبوط حاد عند أي تراجع، كما يحدث في الأسواق العالمية التي لا تتجاوز خسائرها عادة 1% في الأزمات.
وأشار إلى أن الأدوات المزمع تطبيقها ستوفر عمقًا سعريًا عند كل مستوى، بما يضمن وجود مشترٍ دائم عند أي تراجع، وهو ما يحقق استقرارًا أكبر في حركة التداول.
رشاد: موفّر السيولة يقلل التذبذب ويعزز ثقة المستثمرين
أما إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة «مباشر كابيتال»، فأكد أن موفّر السيولة يمثل أداة رئيسية في ضمان توافر الطلبات والعروض بشكل مستمر، ما يعزز جاذبية الأسهم للمستثمرين ويقلل الفجوة السعرية بين أوامر الشراء والبيع.
وأضاف أن دوره الحيوي يكمن في تحجيم التقلبات الحادة وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، ما يمنح المستثمرين ثقة أكبر في تنفيذ تعاملاتهم في أي وقت.
وأوضح رشاد أن المفوّض المعتمد يختلف في مهامه عن موفّر السيولة، إذ يركز على تنفيذ الأوامر نيابة عن الشركات أو العملاء وتقديم خدمات استشارية، فيما يظهر تأثير موفّر السيولة بشكل مباشر في تنشيط التداول وزيادة سيولة الأسهم.
أبوغنيمة: الخطوة تمهّد لتفعيل البيع المكشوف وتدعم ربحية شركات الوساطة
وقال باسم أبوغنيمة، رئيس قسم التحليل الفني بشركة «عربية أون لاين»، إن إدخال أدوات جديدة إلى السوق ستكون له انعكاسات إيجابية على شركات الوساطة بدرجة أكبر من المتعاملين، إذ تتيح فرصًا لزيادة ربحية الشركات من خلال تراخيص وأنشطة جديدة بجانب العمولات التقليدية.
وأشار إلى أن المحفزات التي تقدمها الهيئة خطوة مشجعة، ستدفع العديد من الشركات إلى التقدم للحصول على التراخيص الجديدة، خاصة مع اقتراب السوق من تفعيل آلية البيع على المكشوف (الشورت سيلينج)، التي ستسهم في زيادة التداولات وخلق فرص ربحية أكبر في فترات الهبوط، عبر تمكين المستثمرين وشركات الوساطة من تحقيق عوائد من انخفاض الأسعار.
وأكد أبوغنيمة أن الهيئة تسير بخطى ثابتة نحو تطوير أدوات السوق بما يمهد لإطلاق منظومة تداول أكثر شمولًا وتوازنًا، قادرة على جذب رؤوس أموال جديدة وتحقيق نقلة نوعية في أداء البورصة المصرية.








