دخلت سوق العمل في بريطانيا مرحلة تُوصف بأنها الأقسى بين دول مجموعة السبع، بعد أن تسببت سياسات وزيرة الخزانة راشيل ريفز في تراجع التوظيف على نحو غير مسبوق، وفق بيانات حديثة لمنصة التوظيف “انديد”.
وأظهرت الأرقام أن إعلانات الوظائف الجديدة في المملكة المتحدة انخفضت بنسبة 12.3% منذ أول ميزانية لريفز أواخر أكتوبر من العام الماضي، في أكبر هبوط توظيفي بين اقتصادات G7، فيما لم تتوافر بيانات مماثلة لليابان.
ونقلت صحيفة “التليجراف” عن الخبير الاقتصادي في المنصة، جاك كينيدي، إن السياسات الحكومية شكلت “ضربة ثلاثية” أثّرت مباشرة على قرارات التوظيف، موضحًا في تصريحاته: “رفع مساهمات التأمين الوطني على أصحاب العمل، والزيادات الكبيرة في الحد الأدنى للأجور، وقانون حقوق العمل… كلها عوامل صنعت حذرًا غير مسبوق لدى الشركات.”
وأضاف: “إنها عاصفة ثلاثية تدفع أصحاب العمل للتريّث، بل ولتجميد خطط التوظيف.” وتراجع مؤشر الوظائف التي لا يتجاوز عمر إعلانها أسبوعًا بنسبة 12.3% مقارنة بأكتوبر 2024، وهو مقياس يُستخدم كمؤشر غير مباشر للتوظيف الجديد.
وعلى سبيل المقارنة، انخفضت الإعلانات الجديدة بنسبة 5.4% في ألمانيا، و4.4% في فرنسا، و3.2% في الولايات المتحدة، و1.9% في إيطاليا، و9.9% في كندا، بينما سجلت منطقة اليورو ككل تراجعًا بنسبة 4.5%.
وأكد كينيدي أن الوظائف منخفضة الأجر كانت الأكثر تضررًا، بخلاف دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، حيث “ما زالت وظائف الأجور الدنيا أكثر صمودًا.” ويُعزى ذلك إلى الضغوط الضريبية وارتفاع تكلفة التوظيف، خصوصًا في قطاعات تعتمد على العمالة الموسمية وبدوام جزئي مثل الضيافة والتجزئة.
ويأتي هذا التراجع رغم نفي ريفز وجود صلة بين سياساتها وارتفاع البطالة، التي بلغت 5.1%، في أعلى مستوى خلال خمس سنوات، بينما سجلت التسريحات العمالية أعلى معدلاتها منذ الجائحة.
وتُظهر بيانات اقتصادية موازية أن الاقتصاد البريطاني انكمش 0.1% في أكتوبر، ودخل حالة ركود فعلي منذ مايو، ما عزّز ما يسميه الخبراء “ركودًا توظيفيًا”.
ومع خفض بنك إنجلترا الفائدة إلى 3.75%، يرى كينيدي أن “خفض تكلفة الاقتراض قد يعيد بعض الثقة للشركات ويخفف الركود خلال الأشهر المقبلة.”








