يعد شارع الزهار من أقدم المناطق السياحية بالغردقة ويحتوى على أكثر من 1500 بازار إلى جانب المحال التجارية الأخرى التى تعتمد على الرواج السياحى بالمدينة.
«البورصة» تجولت فى الشارع الشهير يوم الاثنين الماضى فى ليلة رأس السنة الميلادية لرصد الحركة السياحية بالمدينة وتأثيرها على غيرها من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالقطاع.
عبدالرحمن السوهاجى، شاب فى العقد الثانى من عمره، اسمه يدل على الإقليم الذى وفد منه، حيث جاء للغردقة عقب تخرجه عام 2006 للبحث عن «لقمة عيش» وأقام بها بشكل شبه دائم، وفقاً لعبد الرحمن بدلاً من الذهاب إلى القاهرة والإسكندرية، كما فعل أقاربه من قبل إلا أنهم كما يقول «فضلوا العمل فى السياحة».
يفترش عبدالرحمن ببضاعته من الملابس ناصية شارع الجامع امتداد شارع الزهار أو كما يقول أهل الغردقة «الدهار» الذى يعد قلب المدينة القديمة ويحتوى البازارات ومحال التحف والسجاد والجلود.
بحسب السوهاجى، كان هذا الشارع عامراً بالحركة التجارية إلا أنه مع مرور الوقت أصبحت تتضاءل إلا أن هذا الانخفاض لم يكن ملموساً كما الوقت الحالى بعد ثورة 25 يناير التى أطاحت بشارع الزهار.
وقال: «كنت أمضى فترة الإجازة الصيفية فى الغردقة وأعمل بائعاً للملابس، وكانت المبيعات اليومية تتجاوز 5 آلاف جنيه، إلا أنها فى الوقت الحالى لا تتجاوز 400 جنيه نتيجة ضعف حركة البيع بالشارع.
وأضاف أن الحركة التجارية لم تصبح كما الأيام الماضية نتيجة انهيار السياحة التى تعد أساس حركة البيع والشراء فى المدينة وتتحكم فى حركة المدينة صعوداً وهبوطاً.
وأشار إلى أنه رغم أن العام الماضى كان عام الثورة فإن حركة البيع والشراء كانت أفضل من 2012 التى شهدت عودة الكثير من الأصدقاء للسفر مرة أخرى إلى الإسكندرية للعمل فى الميناء أو إلى الزراعة فى بلدانهم بالوادى.
وتنتمى غالبية العمال بمدن الغردقة ومرسى علم والقصير وسفاجا إلى محافظات الصعيد، خاصة «طائفة المعمار» والتى تعد أكثر القطاعات التى جذبت أبناء محافظتى قنا وسوهاج خلال السنوات الست.
وأكد أن يومية العامل فى «المعمار » كانت تتجاوز فى 2010 حاجز 150 جنيهاً خاصة الموجودين بمرسى علم بالنسبة للنجار المسلح والكهربائى، فى حين يعمل خريجو الجامعات فى الفنادق أو البازارات.
وواصل عبدالرحمن، قائلاً: «اليوم هو ليلة رأس السنة والشارع فاضى كما ترى لا يوجد سياح أو مصريون من أهل المدينة أو وافدين إليها لقضاء الكريسماس بها ولا يتوقع أن تتحسن حركة البيع خلال الأسبوع المقبل مع احتفالات الأقباط بأعيادهم».
على بعد خطوات من عبدالرحمن أمام الجامع القديم يقف أشرف على، تاجر سجاد يرقب سيدتين تنظران إلى السجاد يخاطبهما ويوضح مزايا بضاعته وجودتها، تقتربان السيدتان منه تفاصلانه فى الأسعار، إلا أنهما تتركانه ويخاطب أخاه الذى يعمل معه «عليه العوض.. البلد ماتت».
تقترب «البورصة» للتعرف على الأوضاع من أشرف عن قرب، قال إن حركة البيع انخفضت خلال 2012 بأكثر من 80% عن عام 2010 التى كانت السنة الأفضل فى المبيعات للتجار نتيجة الرواج السياحى.
وأضاف أن الفترة الماضية شهدت نمواً كبيراً فى قطاع التشييد بالمدينة ما جعل الشباب يقبلون على الزواج وما ترتب على ذلك من تأسيس بيوت جديدة شهدت معها تجارة السجاد رواجاً كبيراً، خاصة السجاد الشعبى الذى يناسب الأسر متوسطة الدخل.
الشايب جميل، بائع فى محل للمصنوعات الجلدية، قال: «أحياناً نمضى بالثلاثة أيام دون أن نبيع أى قطعة واحدة، خاصة أن نوعية السائح الذى يزور مصر فى الوقت الحالى متدنية الإنفاق وأصبح يفاصل فى السعر كما يفعل المصريون».
وأضاف أن الأجور انخفضت أكثر من 50% مقارنة بالأجر الذى كان يحصل عليه قبل الثورة ولا تتجاوز 800 جنيه فى الشهر حالياً والكثير من البائعين لم يوافقوا على خفض أجورهم وتركوا العمل بحثاً عن نشاط آخر.
ويؤكد الشايب أن المحال التركية التى غزت الغردقة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كان لها دور رئيسى فى انهيار نشاط بيع المصنوعات الجلدية فى شارع الزهار، حيث تعد هذه المحال فروعاً كبيرة لسلاسل علامات تجارية تركية مشهورة خاصة فى السوقين الألمانى والروسى.
رأفت سعيد، بائع فى محل مصنوعات جلدية، قال: «أعمل فى المحل منذ تخرجى فى كلية الألسن عام 2007، وفضلت العمل مع والدى لأننى أعشق التعامل مع الأجانب وبالفعل حققت نسبة كبيرة من المبيعات خلال الفترة الماضية».
وواصل رأفت كلامه: «الوضع أصبح فى قمة السوء نتيجة احتكار بعض شركات السياحة الكبرى العمل السياحى، حيث تتفق مع المحال التركية للشراء منها بدلاً من المحال المصرية».
وأكد أن المصنوعات الجلدية المصرية لا تقل جودة عن التركية إلا أن هناك بعض السلبيات التى توجد لدى الباعة فى التعامل مع السائح ولكن يمكن معالجتها بتكثيف التدريب للبائعين على التعامل مع الأجانب.
وأشار إلى أن الكثير من محال الجلود يحتضر بسبب المحال التركية التى تنافس المصرى فى السعر والجودة، خاصة فى ضوء الاتفاقات التى تبرم بين أصحاب الشركات والمحال التركية للشراء منهم.
وأوضح أن نسبة العمولة للشركات السياحية التى تتعامل مع المحال التركية تتراوح بين 30 و60%، وهو ما لا يستطيع التجار المصريون تقديمه للشركات بسبب ارتفاع الإيجارات التى تتراوح بين 3000 و16 ألف جنيه شهرياً حسب مساحة المحل.
من ناحيته، قال مؤمن شملول، صاحب بازار «جفت شوب» وعضو ائتلاف «لا للاحتكار السياحى» إن شركات السياحة الكبرى تعمل على إحكام قبضتها على العمل السياحى فى البحر الأحمر نتيجة ضعف رقابة الدولة فى الوقت الحالى. وتشكل ائتلاف لا للاحتكار السياحى من أصحاب بازارات وشركات سياحة ومراكز غوص ومرافقى المجموعات السياحية للدفاع عن مصالح هذه الفئات.
وأشار إلى أنه رغم المقابلات التى أجروها مع المحافظ الحالى محمد كامل لنقل سوق الزهار إلى مكان آخر وكسر حالة الاحتكار من قبل شركات السياحة الكبيرة، إلا أن هذه الاجتماعات لم تثمر عن أى إجراءات لردع سياسة الاحتكار التى تسود الغردقة فى الوقت الحالى.
وهدد شملول بتنظيم وقفات احتجاجية أمام مطار الغردقة الجوي ما لم يتدخل وزير السياحة ويوقف احتكار الشركات الكبيرة للنشاط، مشيراً إلى أن شريف إسماعيل، المستشار القانونى لهشام زعزوع، وزير السياحة وعدهم بدراسة مطالبهم إلا أنه لم يف بوعده.
كتب – عبد الرازق الشويخى








