فى وقت الأزمات الأوروبية والأمريكية، لا يمكن أن يطمح المستثمرون فى عائدات مرتفعة تلبى احلامهم وهو ما دفعهم إلى الخوض فى رحلة بحث عن أرباح قوية حتى لو كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر خاصة المخاطر الجيوسياسية.
كانت الأسواق شبه الناشئة الوجهة المشتركة لمعظم المستمرين المحبين للمغامرة خلال الفترة الأخيرة فبعدما تخلفت عن التيار الصعودى لمعظم الأسواق فى أفضل أوقات العقد الماضي، عادت لتقفز بنسبة 8% هذا العام، متفوقة بذلك على كل من الأسواق المالية فى الاقتصادات الناشئة والمتقدمة.
واتجه الكثير من صائدى الاستثمارات إلى البورصات الأفريقية حيث تتمتع بعض أكثر الأسواق خطورة بمكاسب عالية تغرى الباحثين عن الارباح الكبيرة والسريعة أيضا.
كما حظيت الأسواق فى فيتنام ودبى والارجنتين وكازاخستان ببداية قوية هذا العام، ومع ذلك يؤكد مديرو صناديق الاستثمار أن نجوم الأسواق الحدودية الحقيقية هى البورصات الأفريقية.
وقال ريتشارد جوس، مدير عمليات “بنك أوف أمريكا ميريل لينش” فى جنوب أفريقيا، إن هناك تدافعا نحو أفريقيا للمرة الثانية.
وتعد الأسواق الأكبر فى أفريقيا جنوب الصحراء هى المستفيد الأكبر، فقد حققت بورصة نيجيريا مكاسب بحوالى 63% بالدولار خلال الاثنى عشر شهرا الماضية، كما ارتفع مؤشر بورصة كينيا بنسبة 46%، وقفز سوق غانا بأكثر من 17%، أما الأسواق الأصغر مثل ناميبيا وزامبيا فتراجعت.
وقبل الأزمة المالية العالمية، فضل العديد من المستثمرين فى الأسواق شبه الناشئة أسواقا مثل فيتنام والمناطق الغنية بالبترول فى الخليج، لكنهم الآن يجوبون دول جنوب الصحراء الافريقية فيما يعد تحولا حقيقيا فى اتجاهاتهم.
ويعد الاستثمار فى بورصات القارة السمراء بمثابة السير فى طريق وعرة بسبب الأسهم المشروطة – التى ترتبط بشروط معينة مثل البيع والشراء فى أوقات بعينها – بالإضافة إلى تقلب أسعار الصرف، فعلى سبيل المثال ارتفع سوق ناميبيا بحوالى 8% خلال العام الماضي، بينما انخفض بنسبة 10% عند تقييمه بالدولار الأمريكي.
ويذكر تقرير لجريدة الفاينانشيال تايمز أن المكاسب الاقتصادية للعديد من الدول الأفريقية ترتبط بانتعاش تصدير السلع، ويحذر المتشككون من تلاشى آمال المستثمرين وانخفاض النمو فى حال انتهاء تلك الانتعاشة.
كما يعد صغر أحجام تلك الأسواق تحديا، وتقدر شركة “آشمور”، المتخصصة فى استثمارات الأسواق الناشئة وشبه الناشئة، عدد الشركات فى 17 بورصة – باستثناء بورصة جنوب أفريقيا – بـ 250 شركة تبلغ قيمتها تقريبا 250 مليار دولار، وهذا يجعل حجم تلك الأسواق مجتمعة أصغر من الدنمارك وفى نفس حجم الفلبين تقريبا.
وتعتبر أحجام التداول منخفضة للغاية وفقا للمعايير الدولية، حتى إن نيجيريا، أكثر البورصات زخما فى دول جنوب الصحراء يبلغ متوسط التداول فيها يوميا 40 مليون دولار.
ومع ذلك، يبقى العديد من المستثمرين منجذبين إلى الأسهم الأفريقية، ففى ظل مواجهة الغرب سنوات من سبات اقتصادى وأزمة ائتمانية مؤلمة، ومعاناة الأسواق الناشئة من تباطؤ الاقتصاد، يتمتع العديد من الدول الأفريقية بنهضة اقتصادية.
ولفتت جولى ديكسون، مديرة صندوق فى “آشمور”، النظر إلى إن متوسط العائدات فى أفريقيا يبلغ 6%، مقارنة بـ 3% فقط فى الأسواق الناشئة.
ومع ذلك، أثبت التاريخ أن شهية المستثمرين الدوليين للأسواق الحدودية مثل تلك فى أفريقيا متقلبة، فإذا تبخرت شهيتهم للمخاطر مرة أخرى، فسوف تتدفق الأموال خارج تلك الأسواق بسرعة كبيرة.
اعداد: رحمة عبد العزيز