زوال النظام الإيرانى

بقلم: ديفيد اميس

شهد النظام الايرانى هذا الشهر مرور 34 عاماً على الثورة الايرانية، ولكن ليس هناك ما يدعو للاحتفال بهذه الذكرى بالنسبة للنظام، فقد يكون هذا العام الأتعس فى تاريخ النظام الإيرانى نظراً لمواجهته عزلة دولية متنامية وركوداً اقتصادياً واضطرابات اجتماعية، كما تمثل الانتخابات الرئاسية المقبلة فى يونيو تحدياً جديداً للحكومة التى تفتقر إلى الدعم الشعبى أو الشرعية، ما يجعل العديد يتساءلون هل هذا هو العام الذى قد يشهد نهاية النظام الايرانى؟.

تعد ايران فى مفترق الطرق، فقد ظل النظام قائما على ثلاثة محاور رئيسية، اولا: برنامجها النووى الذى كان بمثابة العمود الفقرى لبقائه، ثانيا: تصديره الارهاب، حيث استخدم اثارة الفوضى وعدم الاستقرار فى جميع انحاء المنطقة كوسيلة للتأكيد على قوته الاقليمية، المحور الاخير والاكثر اهمية هو قمعه للمعارضة فى الداخل مستخدماً يداً من حديد لسحق أى معارضة أو تحد للسلطة.

ولكن تلك العناصر المحورية التى يقوم على اساسها النظام الايرانى بدأت فى الانهيار فقد استمر النظام بكثافة فى برنامجه النووى واستمر يشير اليه على انه احد اعظم انجازاته، وفى الوقت ذاته ظل النظام مضغوطا نظرا لعزلته الدولية حيث تسببت له معضلته النووية فى عزلة دبلوماسية وعقوبات وخيمة، وواجه على خامنئي، المرشد الاعلى للنظام، خيارا صعبا، إما ان يستمر فى برنامجه ويتصدى لمواجهة عسكرية من قبل الغرب، وإما أن يعلق البرنامج النووى ويواجه انقسامات داخلية وضياعاً لمصداقيته التى وصل اليها بشق الانفس، ويبدو انه يتعين على النظام فى كلتا الحالتين تحمل المخاطر والخسائر من أجل إطالة بقائه، ولكن ماذا سيكون الثمن؟.

كان تصدير ايران للارهاب فى الخارج ومساعدتها بعض الجماعات مثل حزب الله إحدى نقاط قوتها خاصة فى العالم العربي، ولكن منذ ان بدأ الربيع العربي، أعيد تقييم هذه السياسات كأشكال التدخل بشكل يتنافى مع المساعدات غير المؤذية، وقد أضر تورط طهران فى القمع الدموى للمعارضين فى سوريا بسمعة النظام داخل المنطقة بشكل لا يمكن إصلاحه، والآن مع لفظ الاسد لأنفاسه الاخيرة فى سوريا ومواجهة نورى المالكى لمظاهرات شعبية فى العراق، نجد ان البساط ينسحب من تحت أقدام النظام سريعا.

مع كل هذه المشاكل، تكمن المشكلة الكبرى للنظام الملالى مع مواطنيه، حيث أظهرت المظاهرات التى اندلعت فى عام 2009 مدى ضعف النظام فى مواجهة الاحتجاجات الشعبية، وخطر اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات لم يعد بعيدا، فقد أسس النظام سياسة وحشية من القمع بدءا من مراقبة الانترنت وبلغت ذروتها فى القيام بأعمال التعذيب والاعدام فى الشوارع، ولكن الاجراءات قصيرة الاجل التى يقوم بها النظام تضمن زواله على المدى الطويل، فكلما ازداد قمع النظام للشعب الايراني، ازداد السخط ضد الديكتاتورية وفى انتظار انفجار انتفاضة ناضجة تماما فى وجه هذا النظام.

ولكن ايران لديها شىء تفتقر اليه دول الربيع العربى وهو المقاومة المنظمة، حيث تعد منظمة مجاهدى الشعب الايراني، العنصر الرئيسى للمجلس الوطنى للمقاومة، اكثر المعارضين التى يخشاها النظام الايرانى على مدار الثلاثين عاما الماضية، وقد لعبت المنظمة دورا فعالا فى الانتفاضة عام 2009، ومازالت عاملا محفزا لمزيد من الاحتجاجات فى المستقبل.

كما قالت مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية، مرارا وتكرارا ان حل القضايا التى اثارها النظام الايرانى ليس فى الحرب او المفاوضات وانما يكمن فى الاطاحة بالنظام من قبل الشعب الايرانى ومقاومته المنظمة.

هذا لا يعنى التدخل العسكرى بل يتعين على الساسة التركيز على زيادة العقوبات ضد النظام الايرانى وعزل قاداته، كما ينبغى إحالة النظام إلى مجلس الامن التابع للامم المتحدة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية مع الشعب الايراني، والاهم من ذلك انه حان الوقت للاعتراف بالمقاومة الايرانية كممثلين حقيقيين للشعب.

سوف يكون الاستمرار فى التعامل مع ايران ونحن مغمضو الاعين كارثيا، فقد حان الوقت لقادة الغرب ان يقفوا بجانب الشعب الايرانى من اجل تغيير النظام.

إعداد: نهى مكرم
المصدر: الاندبندنت