يعد قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما منح مصر 250 مليون دولار في صورة مساعدات تصويتاً للثقة في بلد يلعب دوراً بالغ الأهمية في تحقيق الاستقرار بالمنطقة ولكنها تترنح أيضاً علي حافة الانهيار الاقتصادي، والأمر الآن في أيدي الحكومة المصرية والمعارضة لخلق توافق سياسي واقتصادي من شأنه أن يمكنها من الاستفادة من الأموال الأمريكية من أجل تغييرمسار دولتهم التي تعاني أزمات متتالية.
وأعلن جون كيري ، وزير الخارجية الأمريكي عن تلك المساعدات أثناء زيارته إلي القاهرة يوم الأحد الماضي، لكنه أكد أن مسئولية إيجاد أرضية مشتركة بين الحكومة والمعارضة تقع أولاً علي عاتق الرئيس محمد مرسي، لأن مهمة مرسي هي إقناع المعارضة السياسية بمشاركته في مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والتي من شأنها أن ترفع الضرائب وتخفض دعم الطاقة ومن ثم تمهد الطريق للحصول علي حزمة من القروض أكبر بكثير من 4.8 مليار دولار يجري التفاوض بشأنها مع صندوق النقد الدولي، وفي المقابل سوف يفتح الصندوق الباب أمام المزيد من المساعدات والاستثمارات من قبل المؤسسات المالية والدول الأخري.
ويعد التعاون أيضاً مطلوباً من قبل المعارضة، لأن مصر في أمس الحاجة إلي مؤسسات ديمقراطية قوية واقتصاد أكثر قوة من أجل تصحيح مسارها والسير نحو مستقبل أفضل، لكن المعارضين بمختلف طوائفهم حصروا أنفسهم في دائرة مفرغة من الأزمات السياسية والاقتصادية المتكررة، وهم بذلك يخونون الثورة التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك عام 2011، ووقعت آخر تلك الإخفاقات الأسبوع الماضي عندما أعلنت كتلة المعارضة الرئيسية في مصر، جبهة الإنقاذ الوطني مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي من المقرر انعقادها في أبريل المقبل، وذلك لأن حكومة مرسي، لا تضمن حرية ونزاهة التصويت وفقاً لرؤية المعارضة.
وتعد هذه المخاوف شرعية، إذ إن الرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة التابع له بدلاً من أن يعملا علي تشكيل حكومة ائتلافية استوليا علي السلطة وأصدرا قانوناً للانتخابات معيباً ومتنازعاً عليه، علاوة علي ذلك عرض قانون جديد من شأنه أن يحد من حقوق التظاهر السلمي ويشجع علي المزيد من الانتهاكات التي يقوم بها جهاز الشرطة، ولكن المعارضة لم تقدم أي بديل قوي من الممكن أن يتحدي الإخوان المسلمين في صندوق الاقتراع، فضلاً عن أن مقاطعة الانتخابات البرلمانية تبدو وكأنها هزيمة ذاتية بالنسبة لها.
وبعد أن حثت وزارة الخارجية الأمريكية جميع الأحزاب علي المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، رفض بعض قادة المعارضة مقابلة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي بذريعة أنهم يرفضون الضغط الأمريكي إلا أن هذا يعد أيضاً هزيمة أخري ذاتية للمعارضة، وفي حقيقة الأمر، فقد بات من الصعب حقاً معرفة ما تريده المعارضة في مصر من واشنطن، حيث إنها تحذر في لحظة من التدخل الأمريكي، وفي اللحظة التالية تعيب علي الأمريكيين عدم كونهم أكثر شدة وحزم مع الرئيس محمد مرسي.
وقد حث كيري جميع المصريين علي الوقوف صفاً واحداً حتي يتمكنوا من مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد، وأكد لهم أن الولايات المتحدة غير منحازة لأي حزب أو شخص أو وجهة نظر سياسية بعينها، ولكنها تناصر الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والموضوعية، وقد أصاب بذلك كيري الهدف من زيارته.
إعداد: نهي مكرم
المصدر: نيويورك تايمز








