“ابقى قابلنى ” ..جملة من المؤكد ستسمعها فى حوارتك الجانبية مع مسئول كبير او حتى مواطن عادى ، وذلك عندما يتعلق الامر بايجاد حل لمشكلة دعم المنتحات البترولية التى تستلقف النصيب الاكبر من ميزانية الدولة المصرية حيث وصلت العام الماضى فقط ، لما يقرب من 130 مليار جنيه .
والمشكلة هنا ليست فى تكلفة الدعم الذى يجب ان يحصل عليه من يستحقه ، ولكن كل المشكلة تكمن فى ان الدعم لايصل لمستحقيه بل ان غالبيته تصل لمن ليس له الحق فيه ،سواء كان بطريقة مشروعة او بواسطة التهريب .
ومنذ عشرات السنين تطل علينا الحكومات المختلفة باخبار وتصريحات ومؤتمرات ، تؤكد ان مشكلة الدعم فى طريقها للحل ، فى نفس الوقت الذى نعلم جميعا ، ان مجرد التطرق لموضوع ، يمثل خط احمر لجميع الحكومات، تخشى الاقتراب منه وذلك حتى لايعجل بنهايتها شعبيا او رسميا ، وتترك الامر برمته لخلفائها ، املا ان يجدوا مفرا من هذا الطريق الوعر .
ومادفعنى لكتابة هذا المقال ، تصريح لوزير البترول المهندس شريف إسماعيل ، قال فيه :” ان حل ازمة الدعم ليست فقط فى ترشيده ، بل هناك اليات اخرى ، ابرزها زيادة معدلات الانتاج المحلى من خلال خلق بيئة إستثمارية مناسبة للشركات الاجنبية والمصرية وتعديل بعض بنود الاتفاقيات الدولية المجحفة بحق مصر” ، مما يؤكد على تغيير ولو بسيط فى بوصلة الحكومة ، التى تخلصت قليلا من مرض الاسقاط الذى يدفعها لالقاء عب كل المشكلات على جهات اخرى، اولها الشعب نفسه .
ولكن احب ان اضيف حلولا اخرى لوزير البترول ، قد تكون كفيلة بانهاء مشكلة الدعم ووصوله فعلا لمستحقيه ، منها مشروع للمهندس احمد عبيد ، ينقسم لقسمين الاول وهو تتبع المنتجات البترولية من معامل التكرير او خزانات الاستيراد الي اماكن التوزيع والحساب للمنع التام للتهريب وصولا لخزانات التوزيع ومنها محطات توزيع الوقود سولار او بنزين او غاز طبيعي او نقل انواع الوقود الاخري عبر السيارات او الانابيب الموصلة لمحطات الكهرباء او المصانع او غيره ونظام المعلومات الجغرافية GIS سيمنع تماما تهريب المنتجات البترولية وصولا الي قياس مستوي الخزانات بعد التفريغ اذ انه لامعني له مطلقا الا مع وصول ونقل ما وصل بطريقة آلية لادخل فيها من البشر لمنع التلاعب تماما .
يلي هذا كما يضيف عبيد ،عدة محاور واحد منها رئيسي وهو استخدام القوات المسلحة في حفر ورصف الطرق لمواسير الغاز الطيبعي الرئيسية بالشوارع الرئيسية والفرعية وصولا الي المنازل مع التوصيل الحالي من خلال وزارة البترول وعدم تدخل شركات القطاع الخاص نهائيا في مشروعات توصيل الغاز لتخفيض قيمة التوصيل واجراء عدة معادلات ستوفر على الدولة مايقرب من 41 مليار جنيه ، وبنهاية تطبيق المشروع نا ستكفي كمية البوتجاز التي تنتجها معامل التكرير بل وستزيد ومن الممكن تصدير الباقي والقضاء نهائيا علي استيراد البوتجاز من الخارج مع تقليل مقايسات التوصيل للمطاعم والمصانع تشجعيا لتوصيل الغاز .
اما اذا كانت عقدة الخواجة مازالت متحكمة فى وزارة البترول ، فالاولى بنا الاقتداء بالتجربة الايرانية فى ترشيد الدعم ، خاصة وان الظروف متشابهة بين البلدين ،وكانت إيران قد بدات في تنفيذ إصلاح رئيسي لنظام الدعم منذ 3 عقود من خلال زيادة حادة في أسعار منتجات الطاقة والمنتجات الزراعية في ديسمبر 2010 وإزالة ما يقارب من 60 مليار دولار امريكي (نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي) من مبلغ الدعم السنوي لهذه المنتجات وفي الوقت ذاته بدأت الحكومة في تسليم تحويلات نقدية شهرية ممولة من الإيرادات الناجمة عن زيادة الاسعار في الطاقة تستهدف أفقر المواطنين لتحل محل الدعم وقد ارتفعت أسعار الخبز بنسبة لا تقل عن 25% وتضاعفت أسعار البنزين إلي أربعة امثالها بيد أن المستوي العام للاسعار لم يتغير.
واخيرا فان هناك ثمة حلول داخلية وخارجية قد عرضت بعضها ، و كلها تقول لوزير البترول ” ابقى قابلنى ” ، لعلك تجد عند مقابلتى مايشفى ظمأك لحل ازمة الدعم .
بقلم : محمد الفرماوى رئيس لجنة الشئون السياسية بالنقابة العامة للمحامين