الهيئات الاقتصادية في مصر حملت الدولة حوالي 9.6 مليار جنية في العام السابق ومتوقع أن تتحمل الدولة حوالي 18 مليار جنية في العام القادم ، ما حقيقة هذه الهيئات ولماذا أصبحت عبأ على الدولة وعلى ميزانياتها حيث زادت أعباء الدولة في هذا العام أكثر من 8 مليار جنية مقارنة بالعام السابق .
لقد اعتمد الرئيس محمد أنور السادات قانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة ، حيث تقضي المادة الثالثة من القانون بأن تشمل الموازنة العامة للدولة جميع الاستخدامات والموارد لأوجه نشاط الدولة التي يقوم بها كل من الجهاز الإداري ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة وصناديق التمويل.
ومن جهة أخرى تنص نفس المادة على أن لا تشمل الموازنة العامة للدولة موازنات الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادي التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويعد بشأنها موازنات مستقلة تقدم من وزير المالية إلى مجلس الوزراء لإحالتها إلى السلطة التشريعية لاعتمادها، وتقتصر العلاقة بين هذه الموازنات المستقلة والموازنة العامة للدولة على الفائض الذي يؤول للدولة، وما يتقرر لهذه الموازنات من قروض ومساهمات.
أما دستور 2013 والذي أعتمده السيد عمرو موسى والرئيس عبد الفتاح السيسى واقره الشعب المصري ينص في مادته رقم 124 على وجوب أن تشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها ومصروفاتها دون استثناء .
والسؤال هنا هل الفترة السابقة منذ أقرار الدستور لم تكن كافية في أصلاح القوانين والتشريعات القديمة لتتناسب مع دستور مصرا لجديد وما يحمله من طموحات وأحلام للشعب المصري، ولقد شوق هذا النص الشعب المصري إلى أن تشمل إيرادات الدولة جميع إيرادات هذه الهيئات دون استثناء وهكذا المصروفات ، والسؤال هنا بقاعدة “ماذا لو ؟” ، ماذا لو شملت الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها ومصروفاتها دون استثناء ، فلو تكلمنا مثلا على الهيئات الاقتصادية دون أن نتكلم عن الصناديق الخاصة، هل فعلا بدخول إيرادات الهيئات الاقتصادية على إيرادات الدولة كان سيرفع إيرادات الموازنة العامة إلى أكثر من تريليون و250 مليار جنية بدلاً من 548 مليار ، حيث بلغ إجمالي الإيرادات المحققة لهذه الصناديق في الموازنة السابقة بنحو 623.8 مليار جنيه ، وهذا يعنى أن إيرادات الدولة عن في موازنة 2013-2014 كانت ستصل إلى تريلون و150 مليار جنية بدلاً من 506.6 مليار . وماذا عن دخول إيرادات الصناديق الخاصة التي تتعدى إيراداتها أل 100 مليار جنية ، وماذا لو تم ضم إيرادات القطاع الغير رسمي ، ماذا ستكون شكل موازنة جمهورية مصر العربية في حالة تنفيذ الدستور وضم كل هذه الإيرادات ؟ .
وكنا ننتظر من وزارة المالية أن تضم إيرادات ومصروفات تلك الهيئات الاقتصادية وما تشمله من إيرادات ومصروفات داخل الموازنة العامة للدولة وليس في بيانات مستقلة ترسل مباشرة إلى رئيس الجمهورية ، فمن حق الشعب أن يعرف تفاصيل إيرادات ومصروفات هذه الهيئات، ولكن اكتفت وزراه المالية بعرض العلاقة بينهم في مشروع الموازنة العامة،
في موازنة العام الماضي 2013-2014 فقد كان ما يؤول من الهيئات الاقتصادية في ويدخل لحساب الخزانة العامة يقدر بمبلغ 155.8 مليار جنيه، وما تتحمله الخزانة العامة لتلك الهيئات بمبلغ 165.4 مليار جنيه، أي تتحمل الدول مبلغ 9.6 مليار جنيه.
أم في الموازنة الحالية 2014-2015 أجمالي ما يؤول من الهيئات الاقتصادية ويخص الخزانة العامة للدولة يقدر بحوالي 151 مليار جنيه، أما ما تتحمله الخزانة العامة لتلك الهيئات بحوالي 169 مليار جنيه، أي تتحمل الدول حوالي 18 مليار جنيه قيمة هذا الفرق .
ما يؤول من الهيئات الاقتصادية للموازنة العامة للدولة البالغ 151 مليار ،يتم تقسية إلى أولاً : فائض الحكومة البالغ 66 مليار جنية بزيادة قدرها 2.7 مليار عن العام السابق ، ولولا انخفاض الفائض في هيئة قناة السويس لتعدت الزيادة 5 مليار جنية ، ( حيث يتم تقسيم هذا الفائض إلى الهيئة العامة للبترول بحوالي 42.7 مليار جنية بزيادة قدرها 3.8 مليار جنية عن العام الماضي ، وأيضاً هيئة قناة السويس بحوالي 19 مليار جنية بانخفاض حوالي 2.5 مليار جنية عن العام السابق ، أما ما يؤول من باقي الهيئات الاقتصادية حوالي 4.3 مليار جنية بزيادة 1.4 مليار جنية عن العام السابق) .ثانياً : ضرائب الدخل والإتاوة المحصلة من هذه الهيئات بحوالي 75.4 مليار بعد أن كانت 83.7 مليار في العام السابق ،اى بانخفاض 8.3 مليار ،وهذا الانخفاض كبير جدا بسبب الانخفاض الكبير في ضرائب الدخل الخاصة بالشريك الأجنبي بأكثر من 6.2 مليار جنية .ثالثاً : بعض الرسوم والبنود الأخرى بحوالي 9.6 مليار جنية بزيادة حوالي مليار عن العام السابق .
أما ما تتحمله الدولة ويؤول لهذه الهيئات بحوالي 169 مليار ، وهذا العبء يزيد عن ما تحملته الدولة في العام الماضي بحوالي 3.7 مليار جنية ، وهذا الرقم يعنى أن أعباء الدولة تجاه هذه الهيئات تزيد من عام إلى أخر .وعند التمعن في هذا الرقم تجد أنة يصرف في صورة دعم أو إعانات تمثل العب الأكبر بحوالي 165.7 مليار جنية ومساهمات أخرى لا تتعدى 5 مليار جنية ، حيث يتم تقسيم 165.7 مليار على النحو التالي (دعم الهيئة العامة للبترول 100 مليار ، ودعم هيئة السلع التموينية 31.5 مليار ،ودعم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالقطاع الحكومي 16.8 مليار ، ودعم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بقطاع الأعمال العام والخاص 14.7 مليار ، أما دعم باقي الهيئات بحوالي 2.2 مليار جنية ). ولقد زاد هذا العبء عن العام الماضي بحوالي 5 مليار جنية (ما يخص منهم الزيادة في دعم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بقطاع الأعمال العام والخاص 3.2 مليار جنية ) ، والباقي يتمثل في بند يطلق علية ” مساهمات ” حيث تتحمل الدولة حوالي 2.4 مليار دون اى إشارة في الموازنة إلى تحليل لهذا الرقم ومن هي الهيئات المستفيدة منة ، والباقي متمثل في إتحاد الإذاعة والتليفزيون بحوالي 1.1 مليار جنية ورسوم وعمولات بحوالي 9 مليون تخص الهيئة القومية للبريد .
أن إصلاح الأوضاع المالية للهيئات الاقتصادية وإعادة النظر في هياكلها المالية وأساليب إدارتها أصبح ضرورة ، ففي ظل عجز متزايد في الدين العام للدولة تقدر نسبته حاليا بنحو 10% من الناتج المحلى الإجمالي وتفاقم للمشكلات الاقتصادية لم يعد من الممكن السكوت على الوضع الحالي للهياكل المالية للهيئات الاقتصادية ، ويجب إعادة النظر في أسلوب إدارة الهيئات الاقتصادية وفصل الجانب الاجتماعي عن الجانب الاقتصادي فيما تقدمه من خدمات وما تنتجه من سلع وبضائع، حتى يمكن محاسبة تلك الهيئات بصورة حقيقية عن نتائج أعمالها ،وحتى نتمكن من عمل تقييم حقيقي لأداء هذه الهيئات. حيث أن هناك بعض الهيئات الاقتصادية هي ما يجب أن يعاد ، فلا يعقل أن تستمر هيئات في تحقيق عائد هزيل على أموالها دون وجود دراسة حقيقية في مدى جدوى هذه الهيئات ، وللأسف الشديد في ظل غياب تقارير محايدة وشفافية توضح قيمتها الحقيقية ، فهناك مثلا هيئة السكك الحديدية وهيئة الثروة المعدنية وهيئات مواني مصر وغير ذلك من الهيئات الاقتصادية التي لو أحسن إدارتها ستحقق أضعاف أرقامها .
جميل جمال








