وقف الاستيراد وخفض جمارك المستلزمات أبرز مطالب المصنعين
قرض تحديث الصناعة يؤخر زيادة إنتاج مصنع «ليندا» لـ2000 زوج يومياً
مطالب بتأسيس رابطة للعاملين بقطاع الجلود
تحولت عمارات سكنية فى باب الشعرية بحى العتبة إلى ورش لصناعة الجلود بفعل الزمن، حتى أطلق عليها قلعة صناعة الجلود.
أكبر ورشة عبارة عن شقة من دور أو دورين فى عمارة بالية، لا يتجاوز عدد العاملين فيها الـ 20، يعملون بأدوات يدوية بسيطة، كل فى تخصصه بداية من تفصيل الجلد إلى مراحل التشطيب النهائية.
رصدت «البورصة»، فى جولة بالمنطقة معاناة العاملين بالمهنة ومطالبهم التى تتلخص فى القضاء على المنتجات المستوردة حتى يستطيع هذا الجيش من العاملين الإنتاج.
«أبرز مطالب المصنعين»
قال سامح أنور، صاحب مصنع «تيتو» للأحذية الأولادى، إن مصنعه ينتج أسبوعياً 50 زوج أحذية فقط، نتيجة ركود السوق وإغراقه بالمنتجات المستوردة، مقابل 200 زوج طاقته الإنتاجية الفعلية حال تحسن الأوضاع بالسوق.
وطالب بضرورة ضبط الأسعار، خاصة فى ظل تلاعب التجار بحجة ارتفاع قيمة الخامات ومستلزمات الإنتاج.
وشدد على ضرورة دعم المصانع المحلية وتشديد الرقابة على المنافذ الجمركية، وحظر دخول الواردات الأجنبية التى لها مثيل محلى.
وأوضح أنور أن منطقة باب الشعرية بها العديد من الورش العشوائية، ولكنها تحتوى على عمالة تنتج وتبدع فى منتجاتها بأقل الإمكانيات ولا ينقصهم سوى الإمكانيات.
قال إن نتائج تطبيق شهادة الـ «ciq» وفرض الأسعار الاسترشادية على الواردات لن يظهر تأثيره على السوق قبل 6 أشهر، بسبب استيراد التجار منتجات تكفى احتياجات موسم الصيف القادم.
كانت وزارة التجارة والصناعة قد أصدرت القرارات بفرض الأسعار الاسترشادية التى أعدتها الغرفة على المنتجات المستوردة، بحد أدنى للأحذية بـ 35 جنيهاً، بدلاً من 6 جنيهات، و56 جنيهاً للشنط، بالإضافة إلى تطبيق شهادة الـ «CIQ» الخاصة بمنع دخول منتجات واردة من الخارج غير مطابقة للمواصفات، وسوف تطبق تلك القرارات مطلع أبريل المقبل، وتهدف هذه القرارات إلى الحد من المنتجات الردئية التى تدخل الأسواق المصرية بكميات كبيرة.
قال عماد السماك، صاحب مصنع «التركى»، سورى المولد ويعمل فى مصر منذ 15 عاماً، إن المشكلة تكمن فى عدم تطوير الصناعة المحلية، ولجوء الكثير من أصحاب المهنة إلى الاستيراد.
طالب بضرورة تخفيض أسعار الجمارك على مستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى أنه يستورد سنوياً مستلزمات بقيمة مليون جنيه، كما طالب بزيادة الجمارك على المنتجات الواردة ومكتملة الصنع التى لها بديل محلى.
«تحديث الصناعة»
قال محمد حسن السيد، صاحب مصنع «ليندا» للأحذية الأولادى، إن الأوضاع سيئة بسبب تصدير الجلد الخام، وندرة العمالة المدربة، بالإضافة إلى عدم توافر الإمكانيات اللازمة لميكنة المصنع.
أضاف أنه يواجه صعوبة فى الإجراءات منذ 4 أشهر للحصول على قرض مركز تحديث الصناعة باتحاد الصناعات بقيمة 2 مليون جنيه من البنك الأهلى، لشراء 3 ماكينات من إيطاليا وأخرى من الصين، لزيادة إنتاج مصنعه إلى 2000 زوج من الأحذية يومياً، لسد احتياجات السوق وتصدير الفائض.
وقال إن التوسعات التى استهدفها سوف تسهم فى توفير فرص عمل، خاصة أنه يخطط للعمل بنظام الـ 3 ورديات كل واحدة 8 ساعات، مطالباً بضرورة توفير العمالة المدربة وإضافة أقسام لتعليم صناعة الجلود بمدارس التعليم الفنى، على أن يدرس الطالب أسبوعياً 3 أيام فى المدرسة ويتدرب فى الورش والمصانع فترة مماثلة، متعهداً بدفع مرتبات للطلاب شهرياً.
أشار إلى أنه سبق وطالب مركز التدريب الصناعى بعمال مدربين، ودفع 2000 جنيه مقابل إمداده بـ 10 عمال، إلا أن مستواهم غير جيد.
قال إن قوة المصنع 20 عاملاً، ويحقق إنتاج بطاقة تقدر 500 زوج فى الأسبوع، وتنخفض فى بعض الأحيان إلى 200 فى حالة ركود الأسواق، مشيراً إلى أن عام 2014 يعد أعلى سنة ركود، نتيجة الأوضاع الاقتصادية وتراجع القوة الشرائية.
وقال إن هناك صعوبة فى الحصول على الجلد الخام بجودة عالية، وأن سعر القدم يصل إلى 25 جنيهاً، أى أن تكلفة زوج الحذاء من الجلد فقط تصل إلى 50 جنيهاً، بدون إضافة أسعار الخامات وأجور العمال، مما يؤدى إلى ارتفاع المنتج النهائى.
أوضح أن تطبيق نظام الأسعار الاسترشادية يحد من الواردات بنسبة %30، وهو ما يعد فرصة للصناعة المحلية، متمنياً عودة الصناعة كما كانت فى السابق.
«معاناة العاملين»
يعانى العاملين بورش باب الشعرية، من ضعف الدخول، نظراً لارتباط أجرهم بالإنتاج مع توقف العمل لفترات طويلة، واحتياجهم لتأمين صحى ومعاش اجتماعى يكفل حياة كريمة، فى ظل ارتفاع متطلبات الحياة.
قال «صبحى محمدى» 74 سنة، إن مستوى المهنة ينحدر باستمرار بسبب الاستيراد من الصين، وإنه يعمل بنظام الإنتاج وليس مرتب ثابت، ولظروف السوق فإنه يمكن أن يعمل أسبوعاً فى الشهر أو أسبوعين على الأكثر، وأقصى مبلغ يمكن تحقيقه فى الأسبوع 300 جنيه.
وأوضح أن العامل يتعرض لمخاطر عديدة، نتيجة استخدام السخان الكهربائى، الذى يسبب أمراض فى الصدر، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجسم وتعرضه للهواء بعدها، بالإضافة إلى إصابة فقرات الظهر، نتيجة الجلوس أكثر من 10 ساعات.
«الصين خربت بيتنا عاوزين نشتغل»، هكذا وصف على عاشور، أحد العمال بمنطقة باب الشعرية وضع السوق.
واتهم عاشور المستوردين والتجار بزيادة حجم الواردات الأجنبية للسوق المحلى من منطلق الحفاظ على مصلحتهم الشخصية دون النظر لمصلحة السوق.
وأضاف أن الأحذية المصرية كانت تصدر فى الستينيات إلى دول روسيا وألمانيا والمجر، ولكن الآن تتوقف الورش والمصانع أكثر من 5 شهور فى السنة بسبب المستورد.
«رابطة للعاملين»
يسعى مجموعة من العاملين بصناعة الأحذية بمنطقة باب الشعرية، إلى تأسيس رابطة، تهتم بشئونهم، والحفاظ على حقوقهم، وتحديد مواعيد وعدد ساعات محددة للعمل.
وقال هانى عمر، «عامل» إن مجموعة من العاملين أجروا شقة كمقر للرابطة، وجار دعوة الأعضاء للانضمام وتشكيل الرابطة بـ 5000 عضو.
أضاف أن الدوافع التى أدت إلى التفكير فى إنشاء رابطة للعاملين، ما يتعرض له العمال بعد تدهور أوضاع المهنة، خاصة فى عام 2014، وزيادة حجم الاستيراد من الصين، الذى يدفع أصحاب الورش والمصانع إلى تقليل عدد العمالة، أو تخفيض الإنتاج.
قال إن الرابطة سوف تعمل على تحديد مواعيد للعمل بمتوسط 10 ساعات يومياً، نظراً لأن ظروف العمل أحياناً تضطرهم للعمل 24 ساعة متواصلة، خاصة أنهم لا يعملون بشكل منتظم طوال السنة، نتيجة التوسع فى الاستيراد من الصين، الذى ساهم فى تفاقم حالة الركود فى المصانع والورش المحلية، قائلاً: «عايز اشتغل كل يوم، أنا رأسمالى دراعى لو تعبت يوم مش هلاقى أكل».
وأضاف أن الرابطة ستعمل على توفير نظم التأمين الصحى للعاملين والمعاش الاجتماعى، والحفاظ على كرامة العاملين بالمهنة، وتحسين صورتهم أمام المجتمع.
أشار إلى تعرض العاملين لمضايقات أمنية، يومياً نظراً لأن أغلب أوقات عملهم فى الليل، وألقى القبض على العديد منهم، وأحياناً يضطرون إلى دفع أموال فى مقابل إطلاق سراحهم.
من جانبه، قال جمال السمالوطى، رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، إن الغرفة على استعداد تقديم جميع التسهيلات لاستكمال إجراءات تأسيس الرابطة، والمساهمة بنسبة %50 من التكاليف الكلية.
وكان السمالوطى، أعلن فى اجتماع مع بعض من ممثلى العاملين بمنطقة باب الشعرية بمقر الغرفة باتحاد الصناعات خلال الأسبوع الماضى، إن الغرفة ليس من دورها الاهتمام بشئون العاملين، ولكنها ستقدم جميع الدعم لحل مشاكل العمال.
وأعطى السمالوطى مهلة لممثلى العاملين بورش باب الشعرية إلى 15 مارس الحالى، لدعوة الأعضاء وبدء إجراءات التأسيس، وعقد اجتماع لبحث اقتراحات ووجهات نظر العاملين بالصناعة.
وأوضح، أن الغرفة سوف تتعاون بشكل كامل مع الرابطة لتفعيل دورها فى خدمة الصناعة والتكامل بين الصناع والعاملين، لتتولى الغرفة تنظيم التدريبات اللازمة للعمال.
تطبيق شهادة «CIQ» بداية أبريل المقبل
وصف جمال السمالوطى، رئيس غرفة صناعة الأحذية باتحاد الصناعات، الوضع فى باب الشعرية بالكارثة، خاصة فى الوقت الذى بدأت الغرفة عدة خطوات من تحسين الوضع الحالى لصناعة الأحذية والمنتجات الجلدية فى مصر، ولا يعلم أهل الصناعة شيئاً عن هذه الغرفة من الأساس.
أضاف، أن أعضاء مجلس الإدارة غير متعاونين معه، وسوف يعمل خلال الفترة القادمة للوصول إلى هذه الورش والمصانع، وسوف ينظم اجتماعات ومؤتمرات وندوات فى باب الشعرية لتعريف أهل الصناعة بالغرفة ومساعدة الورش على تحسين وتقنين أوضاعها.
أوضح السمالوطى، أن على هذه المصانع الانضمام إلى عضوية الغرفة حتى تتمكن من خدمتها وتدعيم موقف الغرفة أمام الجهات الحكومية.
أشار إلى القرار الذى اتخذه منفرداً بمنح حق العضوية فى الغرفة بدون مقابل لمدة سنة، كنوع من المساهمة فى تشجيع أصحاب الورش والمصانع على تقنين الأوضاع والدخول فى الاقتصاد الرسمى.
أضاف أن الغرفة سوف تقدم المساعدة للورش التى لا تملك سجلاً تجارياً ولا بطاقة ضريبية واستخراج سجل صناعى، من خلال الشئون القانونية بالغرفة.
نوه إلى أن الغرفة توفر مزايا عديدة للورش والمصانع، منها نظم تأمين صحى باشتراكات فئوية تصل إلى 100 جنيه فى السنة مقابل الحصول على 15 ألف جنيه علاج.
قال السمالوطى، إن الغرفة سوف تعمل خلال الفترة القادمة على حل مشكلة الجلد وتوفيره للسوق المحلى بأسعار مناسبة، والحد من تصديره فى صورته الأولية، خاصة بعد التعاون الواضح من قبل علاء عبدالكريم رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.
أضاف أن الوقفة التى نظمها العاملين بـ «باب الشعرية»، دعمت موقف الغرفة أمام المسئولين الذين شعروا بالخطر الذى يداهم الصناعة، مؤكداً أن الوقفة لعبت دوراً رئيسياً فى تنفيذ قرار تطبيق الأسعار الاسترشادية على الواردات.
وأوضح أن هناك 3 معامل بمصر حاصلة على شهادة «الإيلاك» لفحص الواردات، فى العين السخنة وبورسعيد والإسكندرية، ويمكن أن نستغنى عن الشهادة من الصين، ولكن الغرفة رفضت ذلك، مضيفاً أن الجانب الصينى طالب بمهلة 6 أشهر لتجهيز معاملها لفحص المنتجات قبل توريدها إلى مصر، على أن تطبيق هذه الشهادة بنهاية شهر مارس، مؤكداً أن مطلع أبريل المقبل لن تدخل منتجات صينية إلا بشهادة «CIQ»، التى تنص على أن المنتجات مطابقة للمواصفات والجودة.
توحيد طرق المحاسبة الضريبية
قال السمالوطى، إن الغرفة سوف تعمل خلال الفترة القادمة على إبرام بروتوكول مع مكتب الإرشاد الضريبى باتحاد الصناعات، لتوحيد نظم المحاسبة الضريبية التى تعانى منها أصحاب الورش والمصانع.
أضاف أن المشاكل الخاصة بالضرائب التشريعية أكثر منها صناعة، ولذلك سوف نتعاون مع لجنة الضرائب باتحاد الصناعات برئاسة محمد البهى، لعرض المشاكل فى النهائية التى يستدعى حلها تشريعياً.
أعدت الغرفة دراسة قدمتها لوزارة المالية ومصلحة الجمارك، تتضمن تفاصيل صناعة الجلود، والعاملين فيها وحجم الإنتاج السنوى، حيث يوجد فى مصر 17 ألفاً و600 منشأة، منها %80 للأحذية بعدد 13.600، و%20 مصنوعات أخرى بعدد 4 آلاف.
يبلغ عدد المصانع الكبيرة 1360، بمتوسط حجم إنتاج يومى 500 زوج، بطاقة سنوية 204 ملايين.
ويبلغ عدد الورش الصغيرة ما يزيد على 12 ألفاً بمتوسط إنتاج يومى 150 زوج حذاء، وحجم إنتاج سنوى 550 مليوناً، أى أن طاقات المصانع والورش المحلية 700 مليون زوج حذاء فى حالة العمل بطاقتها القصوى.
يبلغ متوسط الاحتياجات السنوية للسوق المحلية 270 مليون زوج، استوردت مصر منها عام 2014 نحو 114 مليوناً، وانتجت المصانع المحلية 80 مليوناً، بنسبة %20 من حجم الاستهلاك.