تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول تخفيض دعم المواد البترولية ورفع اسعار البنزين بنسب متفاوتة حيث يرى المؤيدون للقرار انه يؤدى إلى وقف نزيف الاهدار فى المال العام ويمنع عمليات تهريب المواد البترولية التى انتشرت بسبب فارق الاسعار بين المدعم والحر بينما يرى الرافضون ان القرار يؤثر بشكل مباشر على محدود الدخل ويؤدى إلى اشتعال اسعار جميع السلع مؤكدين أن تحويل 500 ألف سيارة للعمل بالغاز الطبيعى بدلا من السولار يعمل على توفير 3.25 مليار جنيه سنويا دون التأثير على الطبقات الفقيرة وبالتالى فهى الحل الامثل.
واستبعد الدكتور جميل كمال زهدى استاذ اقتصاد تأثر محدودى الدخل بتخفيض دعم المواد البترولية ومضاعفة اسعار البنزين 90 و92 بالإضافة إلى بيع البنزين 95 بالسعر الحر مؤكداً أن استمرار الدعم على الوضع الحالى يؤدى إلى عجز كبير فى الموازنة العامة، كما ان العديد من المصانع تلجأ إلى استخدام المواد البترولية وتحقق ربحا كبيرا مطالبا بتشديد الرقابة على منتجات هذه المصانع حتى لا تقوم بتعويض هذا التخفيض عن طريق رفع أسعار منتجاتها.
اضاف زهدى ان الاسواق شهدت مؤخرا افتعال أزمات نقص المواد البترولية لصالح بعض المهربين ولذلك فان تخفيض دعم المواد البترولية لن يؤثر سلبا على الكميات المتوافرة من البنزين فى السوق المحلى ولكنه سيعمل على الحد من عمليات التهريب نظرا لاقتراب اسعار المنتج فى السوق الحر والمدعم.
وقال الدكتور كريم حسنين، خبير اقتصادى إن خفض دعم المواد البترولية لابد ان يكون منطقيا وتدريجيا نظرا لأن التسرع فى زيادة اسعار البنزين بهذه النسب سيؤدى إلى اثار سلبية وقد ينتج عنه تذمر شعبى مشيراً إلى أن ليس بالضرورة ان يكون مالك السيارة من اصحاب الدخول المرتفعة وذلك لان البعض يلجأ إلى امتلاك سيارة كوسيلة للتوفير ولتوصيل أبنائه إلى مدارسهم خاصة ان معظم فئات المجتمع لا تمتلك سوى سيارات متوسطة السعر لتتراوح أسعارها بين 50 و70 ألف جنيه.
واشار إلى انه فى حالة الغاء الدعم السلعى فلابد من تعويض الافراد من خلال الدعم النقدى أسوة بما يحدث فى الولايات المتحدة الامريكية والتى تحرص على تقديم الدعم السلعى والنقدى للافراد فعلى الدولة ألا تتخلى عن محدودى الدخل وان تراعى العدالة الاجتماعية فى الموازنة الجديدة خاصة ان معدلات الفقر فى المجتمع المصرى تجاوزت الـ 25%، وأن الحكومة تركز على زيادة الاستثمارات الحكومية وتعويض الفاقد فى استثمارات القطاع الخاص.
وأشار إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يكون من خلال إصلاح التشوهات فى منظومة الدعم، خاصة دعم الطاقة دون المساس باحتياجات المواطن اليومية خاصة محدود الدخل.
وقال عزمى مصطفى، مدير المكتب الفنى للصندوق الاجتماعى سابقا إن مصر تستورد بنزيناً وسولاراً بمبلغ 16 مليار جنيه سنويا، وان تحويل 500 ألف سيارة من العمل بالبنزين إلى الغاز يوفر 3.25 مليار جنيه سنويا، على اساس ان السيارة الواحدة توفر 500 جنيه شهريا.
اضاف ان تكلفة تحويل موتور السيارة من العمل بالبنزين إلى العمل بالغاز 5 آلاف جنيه، يمكن ان يحصل عليها المواطن فى صورة قرض، مشيرا إلى استعداد السعودية لتقديم قرض قيمته 750 مليون دولار، ولم تقدم له الحكومة دراسات جدوى مناسبة، يمكن استغلاله فى ايجاد حل دائم للمشكلة.
وقال إن لدينا 60 مركزاً لتحويل موتور السيارات من البنزين إلى الغاز، ونحتاج إلى رفعها إلى 120 مركزاً، لتنفيذ المشروع الذى يسمح بتوفير 15 ألف فرصة عملك ما يجب زيادة عدد محطات التموين التى تبلغ حوالى 150 محطة فقط حالياً.
اوضح ان 40% من الغاز تذهب لتوليد الكهرباء و20% للصناعة و6% لتغذية المنازل و2% لتموين السيارات و%30 للتصدير أو لاستخدامات اخرى مما يجعلنا قادرين على توفير الغاز اللازم لتموين هذا العدد من السيارات، مشيرا إلى ان عدد السيارات فى مصر 5.2 مليون سيارة، 3 ملايين منها ملاكى تعمل بالبنزين يمكن البدء بنصف مليون منها على ان يمتد المشروع لبقية انواع السيارات وعددها 150 ألف اتوبيس و100 ألف ميكروباص ومليون موتوسيكل.
وقال الدكتور نادر نورالدين، المستشار السابق لوزير التموين إن الخطة تستهدف رفع سعر لتر البنزين «80» من 80 قرشاً إلى 1.25 جنيه، بنسبة زيادة قدرها اكثر من 50%، وزيادة سعر لتر البنزين 90 من جنيه إلى 1.5 جنيه، ولتر البنزين 92 من 185 قرشاً إلى 2.8 جنيه وهى ارقام مبالغ فيها، ولتر البنزين «95» من 3 جنيهات إلى 5 جنيهات.
اوضح ان كل التجارب السابقة على مدى 10 سنوات تؤكد أن رفع سعر البنزين لم يصاحبه انخفاض فى معدلات الاستهلاك بل تنخفض لمدة شهر وسرعان ما تعود إلى معدلاتها بعد مرور شهر، ولكنها سترفع دخل الخزانة بما يساعد الدولة على تدبير الموارد اللازمة للاستيراد حيث نستورد 25% من استهلاكنا من البنزين و50% من السولار.
استنكر اتخاذ القرار فى التوقيت الحالى بعد صدور تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات بارتفاع اسعار الغذاء بمعدل 40% خلال الربع الأول من 2012، وان معظم الاعتصامات الفئوية قامت بالأساس للمطالبة بزيادة رواتب العاملين فكيف نرفع المرتبات ونرفع معدلات الاستهلاك فى نفس الوقت مما سيؤدى إلى احداث حالة تضخم فى السوق لأنها سلعه جرارة سترفع اسعار معظم السلع الأخرى، مشيرا إلى ان اغلب الاضطرابات فى العالم قامت بسبب ارتفاع اسعار الغذاء أو الطاقة.
قال محمد النجار، أستاذ اقتصاد بجامعة بنها إن رفع الدعم عن المنتجات البترولية الذى يعد من اهم مصادر الطاقة يعد اعلاناً للمجتمع ككل برفع اسعار جميع السلع مشيرا إلى ان رفع الدعم يعنى ارتفاع اسعار البنزين مماسينعكس على جميع قطاعات الدولة، مشيرا إلى ان الحكومة تحاول سد عجز الموزانة من جانب المواطنين.
قال إيهاب الدسوقى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات ان رفع الدعم عن المنتجات البترولية ان لم تصحبه حزمة من الاجراءات من جانب الحكومة والزامها للمصانع بعدم رفعها لأسعار منتجاتها أيا كانت كرد فعل لخفض الدعم على المنتجات البترولية وبالتالى زيادة اسعاره سيؤدى حتماً إلى ارتفاع عدد كبير من السلع بالاضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل مما يؤدى بالتالى إلى ارتفاع معدلات الضخم بسبب ارتفاع اسعار السلع الغذائية.
كتب – محمد عبد المنصف وانعام العدوي وبسمة ثروت