تعد الشراكة بين البنوك والجهات التنظيمية وشركات تكنولوجيا المدفوعات ضمانًا لتحقيق عوامل الثقة والأمان فى نظام المدفوعات الإلكترونية على المستوى القومى، خاصة بعد اعتماد مصر ودول المنطقة لجميع أشكال المدفوعات الإلكترونية.
تتزايد معدلات انتشار المدفوعات الإلكترونية فى مصر، مثلما يحدث أيضا على مستوى العالم. ومع تزايد معدلات انسياب الأموال القادمة للمنطقة وحولها، بدأ العديد من المواطنين العرب ذوى الدخول العالية والمستوى الكافى من الوعى الحد من اعتمادهم على الأموال الورقية التقليدية، والاتجاه للسداد بطرق الدفع الإلكترونية الحديثة.
ولكن ما هى العوامل التى تدفع المستهلكين للاتجاه نحو استخدام المدفوعات الإلكترونية؟ أولا، المستهلك المصرى بطبعه لا يحبذ فكرة الاقتراض، لذلك لا يفضل التعامل بمفهوم «اشترى الآن وادفع فيما بعد». وقد بدأت نظرة الأفراد تجاه شركات المدفوعات الإلكترونية مثل فيزا فى التغير، حيث تحولت من كونها مجرد «شركات بطاقات الائتمان» إلى كونها شركات تقوم بتوفير حلول تكنولوجية متنوعة – ليس فقط على مستوى الائتمان «ادفع فيما بعد» ولكن أيضا على مستوى الخصم «ادفع الآن» وحلول الدفع المقدم «ادفع مقدما». ويتم استخدام الحلول التكنولوجية، التى تقدمها شركات مثل فيزا، من خلال عدة قنوات «مثل الدفع عن طريق الانترنت، المحفظة الإلكترونية، والهواتف الذكية» مما أتاح للمستهلكين المصريين الذين يفضلون استخدام التكنولوجيا بدائل متعددة للسداد الإلكترونى. ثانياً، تعمل التكنولوجيا المتطورة على تحقيق مستوى أكبر من القبول لحلول المدفوعات الإلكترونية المتنوعة. فمع زيادة عدد مستخدمى الإنترنت يوما بعد يوم، تزداد فرص الوصول للمزيد من المستهلكين، من خلال معاملات التجارة الإلكترونية وغيرها من الحلول الأخرى مثل المدفوعات عن طريق الهواتف الذكية. ثالثا، هناك المزيد من الاعتياد على والثقة فى طرق السداد الإلكترونى بشكل أكثر من الماضي، وذلك عن طريق استخدام تكنولوجيا المعلومات بشكل أكبر والثقة فى أن النظم الخاصة بالمدفوعات هى نظم آمنة.
إن اعتماد نظم جديدة فى طرق السداد والحصول على الأموال تفتح الأبواب للعديد من الفرص الثمينة، كما أنها تخلق بعض المخاطر فى نفس الوقت، ليس فقط لشركات المدفوعات ولكن أيضا للمستهلكين والتجار والحكومات والمؤسسات المالية التى تتيح أدوات مختلفة للسداد الإلكتروني. لقد ساعدت المدفوعات الإلكترونية على اكتشاف شرائح جديدة وكبيرة من الأسواق الواعدة وطرحها أمام المؤسسات المالية والبنوك لتقدم لها خدماتها، وذلك لأن التكنولوجيا تبتكر طرقا جديدة لنقل وتبادل الأموال، عن طريق تقديم خدمات مالية آمنة للمزيد من المستهلكين حول العالم.
لقد أدركت الحكومات أهمية ومزايا المدفوعات الإلكترونية، كما اقتنصت عددا من الفرص عن طريق الشراكات التى أقامتها مع شركات مثل فيزا. وفى نفس الإطار، أشارت شركة Moody›s للتصنيف الائتمانى أن المدفوعات الإلكترونية أضافت تريليون دولار للاقتصاد العالمى فى الفترة من 2003 حتى 2008 وهو ما يوازى خلق 4.9 مليون وظيفة جديدة، أو ما يعادل 0.5% من إجمالى الناتج العالمي.
الخبر السار هنا أن معدلات الاحتيال فيما يتعلق بالمدفوعات الإلكترونية حول العالم تعد حاليا فى أدنى مستوياتها، بالرغم من ارتفاع حجم المدفوعات الإلكترونية على المستوى العالمي. وفى مصر أيضا بلغت جرائم الاحتيال الإلكترونية أدنى مستوياتها، حيث سجلت معدلات أقل من المناطق الأخرى. ومع تزايد اعتماد المستهلكين والبنوك على إتمام أعمالهم عن طريق المدفوعات الإلكترونية مع الحد من الاعتماد على النقود التقليدية؛ اصبح عقد شراكات أكثر بين الجهات المعنية بالمدفوعات الإلكترونية من الأمور الهامة، خاصة إذا ما أردنا بالفعل التعامل مع التهديدات التى تحيط بالمدفوعات الإلكترونية، فضلا عن التخلص منها نهائيا. وفى المجتمع الرقمى الذى نعيشه حاليا، أصبحت المعلومات المرتبطة بالمستهلكين أكثر قيمة من الأموال التى فى حوزتهم.
ولكن يظهر السؤال: ماذا نفعل للتعامل مع تلك القضية الخطيرة والخاصة بالتهديدات التى تحيط بالمدفوعات الإلكترونية؟ من أهم المبادرات التى يجب علينا القيام بها هو ضرورة التعاون مع الأطراف المعنية ونشر ثقافة المدفوعات الإلكترونية. وتبدأ تلك الحلقة الهامة من المبادرات بالمستهلك الذى يجب أن يفهم أن الخط الأول للدفاع هو الاحتفاظ بمعلوماته الشخصية فى مكان آمن طوال الوقت، مع ضرورة حرصه الشديد من الرسائل الإلكترونية الوهمية ذات الطبيعة الاحتيالية. على المستهلك أيضا مراقبة جميع الأنشطة والتعاملات غير المعتادة على حساباته المالية والقيام على الفور بالإبلاغ عنها. فى نفس الوقت، تقع مسئولية كبيرة على المؤسسات المالية والبنوك التى تعمل مع شركات المدفوعات الإلكترونية مثل فيزا. وتتمثل هذه المسئولية فى ضرورة نشر ثقافة المدفوعات الإلكترونية بين المستهلكين وكذلك وضع المزيد من المعايير المتعددة لتأمين المدفوعات الإلكترونية، والتى تضاف لما يتمتع به العميل من حرص عند إجراء المعاملات المختلفة.
بقلم : طارق الحسينى
مدير عام فندا مصر