لكل إنسان معاييره فى الحكم على نجاح الثورة أو فشلها. ولو كان لى أن أطرح معاييرى فى الحكم على نجاح الثورة أم لا، فسألخصها فى سبعة أمور.
أولاً، تفشل الثورة حين تتحول عند قطاع واسع من المصريين كمرادف للفوضى والدمار والإفقار، ويرى الناس أن ما كان سابقاً عليها كان أفضل مما هو لاحق عليها.
ثانياً، تفشل الثورة حين لا يكون هناك من يمثل الميدان فى البرلمان والديوان، بعبارة أخرى حين لا أرى ما يكفى من قيادات وشباب الثورة وقد أتيحت لها فرصة تمثيل الأمة فى البرلمان والمشاركة فى العمل الوزارى والحكومى وفقاً لكفاءتها.
ثالثاً، تفشل الثورة حين نعود إلى عصر الاستبداد السياسى والذى له ثلاثة مظاهر أساسية: تركز السلطة فى يد فرد أو مجموعة أفراد، تأبيد السلطة بأن يظل الشخص أو الحزب الحاكم فى السلطة على غير إرادة الموطنين، وتزييف إرادة الناخبين فى انتخابات غير تنافسية، غير حرة، غير نزيهة، غير تعددية، غير سرية، غير مباشرة، لا يحترم فيها القانون.
رابعاً، تفشل الثورة حين يكون بيننا من هو فوق المحاسبة السياسية والجنائية بحكم المنصب أو الثروة أو النفوذ الاجتماعى. وطالما أن كبيرهم الذى علّمهم السحر يقف أمام منصة القضاء متهماً ثم مداناً، فقد نجحت الثورة فى خلق بيئة سياسية أكثر محاسبة وأكثر شفافية وأكثر مساءلة.
خامساً، تفشل الثورة حين نتحول إلى أعداء يسب بعضنا بعضا وينال بعضنا من بعض، نتنابز بالألقاب ونتبارى بالسباب فنقد رأس مالنا الاجتماعى القائم على الثقة والاحترام والوفاء بالوعد وافتراض أن أى مواطن مصرى يساوينا أخلاقياً وسياسياً وقانونياً.
سادساً، تفشل الثورة حين أجد فى دستورنا القادم نفس العوار الذى كان موجوداً فى دستور 1971 من ربط كل الحقوق والحريات بقرارات من السلطة التنفيذية أو وضع قيود عليها من قوانين تنال منها، وحين أجد فى دستورنا القادم التقسيم الفئوى للمؤسسات المنتخبة بما يضمن نسبة الخمسين بالمائة من العمال والفلاحين، وحين لا نستفيد من عشرات الدساتير الحديثة فى العالم التى أرست مبادئ مهمة تتعلق بالمؤسسات المستقلة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية وكيفية تحقيق التوازن بين السلطات والرقابة المتبادلة بلا شلل للحياة السياسية وبعيداً عن عدم الاستقرار المحتمل فى عمل مؤسساتها.
سابعاً، تفشل الثورة حين يفقد الإنسان المصرى قدرته على الأمل والنظر للغد بعين الرغبة والتطلع لغد أفضل. تفشل الثورة حين لا ندرك أن الغد فى ضمير الغيب يستوى السادة والصعاليك فى ترقبه، ولم يبق إلا اليوم الذى يعيش العقلاء فى حدود الاجتهاد فيه، فالمرء حين يترك العنان لمخاوفه تتحول إلى هواجس مقبضة ومشاعر محيرة.
لقد أنجز أبناء هذا الجيل الكثير، ولهم أن يفخروا به، وأن يحولوا طاقات العطاء داخلهم من الاعتراض على ما يفعله الآخرون إلى طاقة مبادرة لإصلاح أوضاع المجتمع والناس. ولهذا وبهذا ستنجح الثورة بإذن الله.
بقلم : معتز بالله عبد الفتاح – الوطن