قال أحمد هيكل ، رئيس شركة القلعة للاستشارات المالية، أن الشواهد تؤكد أن العالم على أعتاب الحقبة الافريقية، حيث تتميز القارة بوجود سوق استهلاكي يتجاوز حجمه مليار نسمة، وهي مقبلة على التحول إلى المركز الرئيسي للقوى العاملة في العالم بحلول عام 2040.
ورهن هيكل، أثناء مشاركته في قمة الاستثمار المباشر بأفريقيا تحت رعاية منظمة الاستثمار المباشر في الأسواق الناشئة (EMPEA) ومؤسسة فاينانشال تايمز الدولية، تحول الفرص الإستثمارية الضخمة التي توفرها إلى مشروعات ناجحة، بالقدرة على توفير رأس المال الذي يعد العامل المحرك لعجلة التنمية خاصة في شمال وشرق أفريقيا، حيث أصبحت القطاعات الاقتصادية الرئيسية ملعبًا مفتوحًا للجميع، مما يتعين معه زيادة إقبال الشركاء العموميين على بناء المشروعات الجديدة والاحتفاظ بها لمدة زمنية أطول نسبيًا عن المتعارف عليه في الأسواق الغربية.
أضاف ان أسواق شمال وشرق أفريقيا تزخر بفرص غير مسبوقة لشركات الاستثمار المباشر بشرط القدرة على وجود نموذج أعمال ونموذج تمويل قادر على توظيف هذه الفرص، وأن الشركاء العموميين الذين يمتلكون الخبرة الفعلية، والقدرة على تحجيم مخاطر الاستثمار، بإمكانهم هيكلة وتنفيذ المشروعات الاستثمارية الضخمة والاستفادة من الأسس الجذابة في قارة تبحث عن رأس المال اللازم لنمو أي مشروع اقتصادي.
لفت هيكل إلى منطقة شرق أفريقيا ،على وجه التحديد، التي تطرح فرصًا استثمارية جذابة يدعمها القاعدة السكانية الضخمة ووفرة الموارد الطبيعية، ووجود بنية أساسية أفضل حالًا عن مناطق عديدة أخرى بالقارة، فضلا عن أسواق شمال أفريقيا، لما تطرحه من حاجة ملموسة لتطوير وتنمية البنية الأساسية، وتتميز بالأسس الكلية الجذابة مثل مصر والجزائر.
تابع رئيس شركة القلعة، أكبر شركات الاستتثمار المباشر في مصر والمنطقة، أن التوظيف الأمثل لهذه الفرص الاستثنائية يفترض وجود القدرة على هيكلة الصفقات الاستثمارية المعقدة، وتوفير التمويل اللازم لتنمية هذه المشروعات – والتحلي بروح المثابرة اللازمة لبناء مشروع ناجح من لا شيء، ما اعتبره منهجا غير تقليدي بالنسبة لمعظم الأسواق المتقدمة.
يذكر أن شركة القلعة نجحت في ضخ استثمارات جديدة بقيمة 4 مليار دولار أمريكي في مصر منذ يوم 25 يناير 2011، تشمل ترتيب الحزمة التمويلية الكاملة بقيمة 3.7 مليار دولار لمشروع الشركة المصرية للتكرير عبر توفير قروض بقيمة 2.6 مليار دولار، وحزمة استثمارات رأسمالية بقيمة 1.1 مليار دولار، في صفقة هي الأكبر من هذا النوع في مصر منذ عام 2007 والأكبر على الإطلاق في أسواق أفريقيا والشرق الأوسط منذ بداية هذا العام.
وتعمل الشركة على إقامة منشأة تكرير جديدة في مصر من أجل خفض معدلات استيراد السولار بنسبة 50% عن المعدلات الحالية، وتوفير أكثر من 300 مليون دولار سنويًا لخزانة الدولة، وخفض ثلث المعدلات الحالية من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت.
وأوضح هيكل أن الشركة المصرية للتكرير وغيرها من المشروعات الاستثمارية دخلت حيز التنفيذ بفضل حرص الجيل الجديد من صناع السياسات على تشجيع مشاركة القطاع الخاص في مجالات كانت بمثابة المحرمات في الماضي، مثل مشروعات الطاقة والبنية الأساسية، خاصة وأن أغلبهم يدرك أن نجاح الاستثمار المباشر يستلزم وجود أطر قانونية وتنظيمية ورقابية فعّالة.
أضاف أن هذه القطاعات الإستراتيجية على وجه التحديد، ومعها قطاعات أخرى مثل السلع والمنتجات الاستهلاكية، هي الأكثر جذبًا لشركات الاستثمار المباشر التي تمتلك المرونة اللازمة للاحتفاظ بالاستثمار وتعظيم قيمته على فترات زمنية أطول نسبيًا.
أوضح رئيس شركة القلعة أن المشهد الحالي يتسم بضعف الإقبال المصرفي على تمويل المشروعات الاستثمارية الضخمة، حيث أصبح لازمًا أن تلجأ شركات الاستثمار المباشر إلى قنوات التمويل البديلة مثل ما تطلق عليه شركة القلعة مصطلح “الثلاثي القوي”، والذي يجمع بين مؤسسات التمويل التنموية الأوروبية، ووكالات ائتمان الصادرات الآسيوية والأمريكية وصناديق الثروات السيادية بمجلس التعاون الخليجي، حيث يتميز هذا المزيج بالإقبال العالي على المشروعات الضخمة ذات المردود البيئي والاجتماعي الواسع.
ودلل على ذلك بمشروع الشركة المصرية للتكرير الذي سيساعد الحكومة المصرية في تحسين الأداء البيئي وتقليص فجوة ميزان المدفوعات ومعالجة أزمة نقص منتجات الوقود التي أضرت كثيرًا بالسوق المصري خلال العام الجاري.
كما أشار هيكل إلى استثمار القلعة في مشروع سكك حديد ريفت فالي والذي يهدف إلى مساعدة حكومتيْ كينيا وأوغندا في دفع عجلة النمو الاقتصادي عبر تطوير منظومة النقل بشكل عام والعمل على خفض أسعار السلع والبضائع على نطاق أوسع.
وبالنسبة لسبل التوسع في مبادرات ومشروعات الاستثمار المباشر بأفريقيا، أكد هيكل أن الشركاء العموميين عليهم القبول بوجود مبالغة عالية حيال مخاطر الاستثمار في أفريقيا، فشركات الاستثمار المباشر التي يُكتب لها النجاح في أفريقيا تشترك في بعض الخصائص مع أصحاب العقول الابتكارية والأفكار الجديدة، فهي ليست بمنأى عن المخاطر، ولكنهم يتميزون بالقدرة على تحجيم مخاطر الاستثمار بمختلف أشكالها ، سواء كانت سياسية أوتشغيلية أوتمويلية، كما أن الحكومات على الجانب الآخر تحتاج إلى تطوير وتدعيم الأطر الرقابية والتنظيمية ومحاربة جميع مظاهر الفساد.
وأعرب هيكل عن رغبة القلعة في تنمية وتطوير الاستثمارات الرئيسية مع دراسة الدخول في استثمارات جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.
من جانبه، شارك كريم صادق، العضو المنتدب بشركة القلعة، في جلسة نقاشية رفيعة المستوى لاستعراض وتحليل الفرص الاستثمارية المطروحة حاليا والتحديات الجديدة في فترة ما بعد الربيع العربي.
ناقشت الجلسة تأثير الربيع العربي على الخريطة الاستثمارية بالمنطقة، حيث أوضح صادق أن ثورة 25 يناير في مصر أعادت تشكيل التوقعات والتطلعات دون المساس بأسس الاقتصاد الكلي الجذابة في السوق المصري، الذي يضم قاعدة سكانية تتجاوز 85 مليون نسمة تحتاج إلى فرص العمل الجديدة والمساهمة الجادة في بناء مستقبل أفضل.
وتابع صادق أن الوظائف الجديدة ستعتمد على نفس الركائز التي دعمت أنشطة الاستثمار المباشر منذ فترة ما قبل الثورة، وهي التنوع الاقتصادي الواسع ذا الطبيعة الصناعية بعيدًا عن الموارد، ووجود أكبر قاعدة عمالة وأكبر سوق استهلاكي في العالم العربي، والموقع الإستراتيجي بالقرب من مراكز التصدير الرئيسية، والشبكة المتشعبة من الاتفاقيات التجارية الجذابة.
أضاف ان هذه الركائز ساهمت في تسجيل نمو إجمالي الناتج المحلي بما يتراوح بين 6 و7% سنويًا قبل الثورة، إلا أن ترجمة هذا النمو على نطاق أوسع يعد أبرز تحديات المرحلة الراهنة.
أشار العضو المنتدب لشركة القلعة إلى أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب من الحكومات أن تمضي قدمًا بخطط التحرير المرتقب للقطاعات الاقتصادية الحيوية مثل قطاع الطاقة.