رصدت الجولة رغبة أصحاب الشركات المصرية فى تأجير شركاتهم للصينيين، وذلك بعد التجاهل الحكومى المستمر لمطالبهم، التى تتمثل فى تنفيذ مشروعات فى مجال البنية التحتية لمنطقة «شق التعبان»، لاسيما أن المرافق من كهرباء ومياه تعانى أسوأ حالاتها على حد قولهم، مما يخلق بيئة طاردة للمستثمرين.
حث المستثمرون المسئولين على ضرورة الحفاظ على مقومات صناعة الرخام والعمل على حسن استغلالها خاصة أنها من الصناعات التى تدر دخلاً وفيراً للخزانة العامة للدولة.
كان عدد من المستثمرين فى قطاع الرخام والجرانيت قد عبروا عن قلقهم الشديد إزاء التواجد الكثيف للشركات الصينية ووصفوها بالخطر القادم، الذى يهدد صناعة الرخام فى مصر.
قال شريف أحمد قرنى، أحد المستثمرين فى منطقة شق التعبان، إن الشركات الصينية تتواجد فى المنطقة بشكل كثيف، وأن هذه المصانع تعتمد بشكل أساسى على العمالة الصينية لدرجة أن هناك مصانع التى تبلغ نسبة العمالة الصينية فيها 100%.
أوضح أن توغل العمالة الصينية فى هذا القطاع مر بعدد من المراحل إلى أن وصل للوضع الحالى، حيث قامت الشركات الصينية فى البداية بشراء الخامات المصرية ثم إعادة تصديرها، أو تسويقها فى السوق المحلى، والمرحلة الثانية أرسل الصينيون مندوبين للتعامل بشكل مباشر مع أصحاب المحاجر ليحصلوا على الخامات فى شكل بلوكات دون تصنيع، والمرحلة الثالثة كانت احتكار إنتاج محجر كامل، بحيث استحوذ الجانب الصينى على كل إنتاجه، والمرحلة الرابعة قاموا بإنشاء مصانع بشق التعبان بعمالة فنية صينية 100%.
من جانبه، ذكر خالد مجاهد، مدير شركة الصفوة لتصنيع الرخام والجرانيت بمنطقة شق التعبان ان تواجد الصينيين بكثافة يهدد صناعة الرخام الوطنية لأن الصينيين يدركون جيداً جودة الرخام المصرى، ويحسنون تصنيعه فنياً، ثم يسوقونه حسب أسعار عالمية مرتفعة لا يمكن مقارنتها بأسعار شرائها من المحاجر المصرية.
أوضح أن الشركات الصينية تستحوذ على محاجر بأكملها من أصحابها، وأن معدلات التصدير تزداد رغم رسم الصادر المفروض على الرخام المصدر مطالباً بغلق باب تصدير بلوكات الرخام، واتجاه الحكومة لخلق بيئة صناعية مناسبة لتصنيعه محلياً.
أشار مدير شركة الصفوة إلى أن المستثمر الصينى يحقق استفادة قصوى من نواحٍ عدة، فأصحاب المحاجر يعطون للصينى الأولوية فى البيع بحجة أن «فلوسه جاهزة»، مع العلم أن المصرى أيضاً «فلوسه جاهزة»، ومكسب آخر يحققه الصينيون هو تشغيل عمالة صينية كثيفة يرونها أكفأ من العمالة المصرية، وأنهم فى كل الأحوال يعملون سواء مصدرين للخارج أو مصنعين على المستوى المحلى.
فى الوقت ذاته، اعترف مجاهد بكفاءة العامل الصينى ونشاطه عند مقارنته بالعامل المصرى، الذى لم يتلق تدريباً صناعياً فى مجال تصنيع الرخام ملقياً مسئولية تدريبه على عاتق الحكومة.
فى هذا الإطار، أوضح أحمد البرعى، وزير القوى العاملة السابق ان وجود العمالة الصينية فى المصانع المصرية بشكل كثيف أمر مخالف لقانون العمل المصرى الذى يحدد نسبة 10% فقط للأجانب من نسبة العمالة الكلية وشدد البرعى على أنه سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الحكومة لمنع هذا التمدد الصينى.
قال البرعى إنه من غير المعقول أن يكون لدينا 4 ملايين عاطل فى مصر، ونتجه لاستيراد عمالة خارجية، مشدداً على أن الحكومة ملتزمة بتوفير البيئة المناسبة لتدريب الشباب المصرى الذى لا يقل فى كفاءته عن العامل الصينى إن تم تدريبه بإتقان.
من جهة أخرى، عبر ياسر دياب، صاحب مصنع ومحجر البدر للرخام والجرانيت، عن بالغ أسفه من تراخى الدولة عن أداء وظيفتها فى منطقة شق التعبان من جهات عدة.
أشار إلى أن المنطقة لاتزال تعانى انفلاتاً أمنياً حيث يفرض عرب البدو سيطرتهم على المنطقة بشكل كامل، ويستولون على مساحات شاسعة من أراضى الدولة فى المنطقة دون رادع من الحكومة.
أوضح دياب انه لم يكن يتوقع أن يستمر الوضع كما هو قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير من قيام البدو بفرض إتاوات على أصحاب المصانع وسيارات نقل البلوكات حتى لو كانت لمستثمر أجنبياً.
لفت إلى أن الدولة تخسر ملايين الجنيهات جراء غيابها عن منطقة شق التعبان، فسرقات الكهرباء تتم بشكل واسع وأمام الجميع والحكومة بأجهزتها تعلم ذلك جيداً، مناشداً الجهات المختصة اتخاذ الإجراءات للحفاظ على هذه الثروات القومية المهدرة.
كشف دياب عن مشكلة يراها مضرة إلى حد كبير بصناعة الاستثمار فى منطقة شق التعبان وهى غياب مياه الشرب عن المنطقة حتى الوقت الحالى، ولذلك فإنه من الصعوبة أن تأتى استثمارات إلى هذه المنطقة فى ظل هذا التدهور الواضح فى الخدمات الأساسية، بل من الممكن أن يترتب على هذه الظروف هروب الاستثمارات المحلية.
كتب – أحمد عادلى








