بقلم: جارى شيلينج
مازال العديد ينظر إلى الصين، ثانى أكبر اقتصاد بالعالم، وأنها الدولة الرائدة بلا منازع بين البلدان النامية الرئيسية، الا اننى أراهن على ظهور الهند كاقتصاد عالمى اكثر اهمية على المدى الطويل.
هؤلاء المبهورون بالصين عادة ما يغيب عن أذهانهم ان الفضل فى هذا النمو السريع الذى شهدته الصين قبل عام 2008 يعود إلى تحول الصناعة العالمية من اوروبا والولايات المتحدة وليس بسبب النشاط الموجه إلى الداخل، مازال الاقتصاد الصينى تقوده الصادرات، حيث لا يمثل قطاع الاستهلاك المحلى سوى 38% من اجمالى الناتج القومى، أى بمعدل اقل بكثير من العديد من الدول النامية والمتقدمة.
يعمل قادة الصين على توجيه الاقتصاد إلى الداخل، يرغبون فى أن تنمو نفقات الأسر وتقلل من ادخارها الذى وصل إلى 30%، ومن الأسباب التى تدفع العائلات الصينية إلى الادخار توفير النقود اللازمة لتعليم ابنائهم وتغطية تكاليف الرعاية الصحية والمعاش حيث لا يوجد بالبلاد ما يعادل الرعاية الطبية والتأمين الاجتماعي.
وعدت الحكومة الصينية عام 2010 بتوفير الرعاية الصحية للجميع بحلول عام 2020، كما قامت الصين ايضا بزيادة الحد الادنى للاجور بمعدل يتراوح بين 20 و30% العام الماضى لتعزيز دخل المستهلك وبالتالى دعم القوة الشرائية.
بدأت الشركات الغربية فى الاعتراض على الشروط التى تلزمها بنقل الخبرة التقنية إلى الشركاء الصينيين، وهناك اعتقاد واسع النطاق بأن الفضل فى النجاح الذى حققته الصناعات الصينية يعود إلى حد كبير إلى النقل الطوعى للتكنولوجيا أو سرقة الملكية الفكرية.
وقد خفضت الصين مؤخرا أهداف نمو الناتج المحلى الاجمالى الحقيقى من 8 إلى 7.5%، وتعد هذه النسبة عالية جداً، خاصة أن سياسة الطفل الواحد التى تتبعها ادت إلى تناقص عدد السكان والقوة العاملة التى من التوقع ان تصل إلى ذروتها عام 2014.
وعلى النقيض، فإن الهند ليس لديها أى قيود مؤثرة على النمو السكاني، علاوة على ذلك فإن توزيع الفئة العمرية افضل مقارنة بالصين، وهو ما يعنى ان نسبة الاطفال والمسنين إلى السكان فى سن العمل ستستمر فى الانخفاض فى الهند وترتفع فى الصين خلال العقود المقبلة، وتترجم هذه الميزة إلى انتاجية ونمو اقتصادى اكبر حيث يحظي هؤلاء العمال بالتعليم والتدريب الصحيح جنبا إلى جنب مع توفير فرص العمل.
فضلا عن ذلك أسست الهند بعد عقود عديدة من الاستعمار البريطانى نظاما ديمقراطيا وحكما برلمانيا قويا يساعد على ادارة دولة شاسعة متعددة الأديان، فى حين ان الصين مازالت تخضع للنظام المركزي.
تعد الهند أيضا موطنا لعدد من الشركات الضخمة المتطورة التى تتمكن من المنافسة العالمية مثل مجموعة «تاتا»، فى حين ان الصين مثقلة بالبنوك التى تديرها الحكومة وغيرها من الشركات الحكومية غير المجدية التى مازالت تنتج نسبة كبيرة من اجمالى الناتج المحلى وتوظف ربع القوى العاملة.
ونقلت الشركات الأوروبية والأمريكية العديد من الانشطة والخدمات القانونية والطبية إلى الهند، ويدر قطاع التعهيد الخارجى – حالياً – دخلا سنويا يقدر بنحو 69 مليار دولار اى ما يعادل ربع قيمة الصادرات الهندية.
وتتمتع الهند بميزة اخرى وهى سرعة نمو الطبقة الوسطى حيث تقدر شركة برايس هاوس كوبرز ان 470 مليون هندى يتراوح دخلهم السنوى ما بين 1000 و4000 دولار فى عام 2010 وهو معدل جيد لزيادة حجم الاستهلاك.
وهناك نقطة اخرى قوية فى صالح الهند وهى أن البنك الاحتياطى مستقل نسبيا عن النفوذ الحكومي، بينما يخضع بنك الشعب الصينى كليا لسيطرة الدولة.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: وكالة بلومبيرج








