أجبرت انعكاسات خفض التصنيف الائتمانى السيادى لمصر فى الأجل الطويل الحكومة على إلغاء أول مزاد لأذون الخزانة بعد قرار الخفض.
وقالت وزارة المالية يوم الخميس الماضى إنها ألغت مزاداً للأذون لأجلى 182 يوماً و364 يوماً، وعادة ما تفعل الحكومة ذلك عندما ترتفع أسعار الفائدة بشكل غير مقبول لديها.
يأتى هذا متسقاً مع توقعات المحللين الذين اعتبروا خفض مؤسسة ستاندر آند بورز للتصنيف الائتمانى لمصر على المدى الطويل بداية سلسلة من التداعيات السلبية للأحداث السياسية الأخيرة والتى تركت البلاد منقسمة كما لم يحدث منذ بدء عملية التحول الديمقراطى.
وقال المحللون إن تكلفة الاستدانة الحكومية سترتفع مجدداً نتيجة خفض التصنيف فى تكرار لما حدث على مدار العام الماضى.
قال أحمد الخولى، رئيس قطاع الخزانة ببنك التعمير والإسكان ان تخفيض التصنيف السيادى لمصر يدفع أسعار الاستدانة إلى الارتفاع وبالتالى من المحتمل أن تشهد الأسابيع القليلة القادمة عودة للارتفاعات القياسية لأسعار العائد على أذون الخزانة لاسيما الأذون بالعملات الأجنبية.
كانت أسعار الفائدة قد شهدت ارتفاعات قياسية فى معظم فترات 2012 بلغت ذروتها فى يونيو ويوليو الماضيين، نتيجة الاضطرابات التى صاحبت الانتخابات الرئاسية وعدم جدية المجلس العسكرى فى تسليم السلطة كاملة للرئيس المنتخب آنذاك، كما عانت البنوك شحاً شديداً فى السيولة المتاحة أدت لرفع الأسعار.
وأشار الخولى إلى أن الارتفاع المتوقع فى تكلفة الاستدانة الحكومية هذه المرة ليس مرتبطاً بالسيولة، مؤكداً أن مستويات السيولة بالقطاع المصرفى حالياً جيدة وكافية لتلبية جميع الاحتياجات كما ان الفوائض متاحة فى ضوء ركود الطلب على الائتمان، لذا فإن التكلفة هذه المرة مرتبطة بالمخاطر ومستوياتها.
وخفضت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز» الأسبوع الماضى تصنيف مصر السيادى طويل الأمد إلى ««B-، وقالت: إن التصنيف معرض لمزيد من الخفض، إذ أدى تفاقم الاضطرابات السياسية إلى تقويض الجهود المبذولة لدعم الاقتصاد والميزانية العامة.
ومن جانبه، قالت رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك العامة ان ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومى، لاسيما أذون الخزانة أمر محتمل بنسبة كبيرة فى ضوء تخفيضات التصنيف الائتمانى للدولة ومؤسساتها، مشيرة إلى أن هناك العديد من المعايير التى يتم الاستناد لها وقت تحديد أسعار العائد أبرزها مستويات المخاطر للمؤسسة أو الدولة التى يتم تمويلها ومصر حاليا أصبحت دولة مرتفعة المخاطر ومنخفضة الثقة وبالتالى ستشهد أسعار العائد على أذون الخزانة ارتفاعات قياسية يمكن أن تتخطى الأسعار التى بلغتها خلال العام الماضى وتكسر حاجز 16%.
أضافت أن حجم طروحات المالية من أذون الخزانة يتحكم أيضاً فى مستويات العائد عليها، فكلما تزايدت ضغوط المالية ارتفعت أسعار العائد على أدوات الدين الحكومى، متوقعة أن يحدث ذلك فى حالة عدم اكتمال اجراءات الحصول على صندوق النقد الدولى.
وأشار حاتم يوسف، نائب رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة إلى أن ارتفاع العائد على أدوات الدين الحكومى امر لا مفر منه فى ضوء المؤشرات الراهنة، لاسيما عقب تخفيض التصنيف الائتمانى، متوقعا أن يحدث تزايد فى ضغوط المالية على طروحات أذون الخزانة، نظرا لكونها الأداة الوحيدة الأسهل فى الوقت الراهن.
وتنتظر مصر موافقة صندوق النقد الدولى على إقراضها 4.8 مليار دولار فى يناير، وهو الإجراء الذى بات يشكك الكثيرون فى امكانية حدوثه بالنظر إلى تجميد الدولة لإصلاحات ضريبية مهمة، وكذلك حالة الانقسام السياسى التى قد تؤثر على سير البرنامج الاقتصادى والاجتماعى المصاحب للقرض.
أضاف يوسف أن توقف قرض صندوق النقد الدولى سيكون مؤشراً سلبياً لعدم جدارة الدولة ائتمانياً على المستوى الدولى، حيث إن الصندوق يمثل مؤشر ثقة لدى الدول الخارجية ومؤسسات التمويل الدولية، مشيرا إلى أن الارتفاعات لا يمكن التنبؤ بها على أدوات الدين الحكومى ومرهونة بمستويات الطروحات ومدى قدرة الحكومة على استيعاب الأزمة الراهنة وتحديد استراتيجية ورؤية واضحة لإدارة المرحلة المقبلة على المستويين الاقتصادى والسياسى.
كتبت – أسماء نبيل