بقلم: جومو كوامى ساندارام
تعد السياسة الضريبية الفعالة التى تضمن للدولة ايرادات كافية عاملا حاسما لقدرة أى دولة على انتهاج سياسات التنمية، ولكن عائدات الضرائب فى غالبية الدول النامية منخفضة وتعوق التقدم نحو تنمية اقتصادية اكثر توزانا وشمولية واستدامة والتى من شأنها أن ترقى بالرعاية الصحية وترفع مستوى المعيشة.
على الرغم من أن الايرادات غير الضريبية قد تساهم بشكل كبير فى اجمالى الناتج المحلى لبعض الدول فإن متوسط نسبة الضرائب إلى الناتج المحلى الاجمالى فى الدول ذات الدخل المنخفض والدول ذات الدخل المتوسط 15% و19% على التوالي، ومن أجل تمويل مشروعات التنمية يتعين على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط وضع وتطبيق استراتيجيات ضريبية لزيادة العائدات المحلية، وهذا يتطلب التخلى عن العقيدة السائدة بأنه لا ينبغى رفع الضرائب الا فى حالة الضرورة القصوي.
يتكون اجمالى عائدات الضرائب فى العديد من الدول النامية من ثلاثة مصادر رئيسية: الضرائب المحلية على البضائع والخدمات، الضرائب المباشرة «المفروضة على الشركات فى المقام الاول»، والمصدر الأكثر أهمية الضرائب المفروضه على التجارة الخارجية « رسوم الاستيراد»، ولكن نظرا لان حرية التجارة خفضت الرسوم والتعريفة الجمركية، انخفضت حصة الضرائب التجارية ولم تعوض المصادر الاخرى هذا التراجع فى العائدات التجارية.
وعلى النقيض تشكل الضرائب على الدخل، فى الدول ذات الدخل المرتفع، الحصة الأكبر من ايرادات الضرائب بنحو 36%، فى حين تسهم الضرائب المحلية على كل من البضائع والخدمات والضمان الاجتماعى بأكثر من الربع بقليل، فضلاً عن أن حصة الضرائب التجارية عادة ما تكون منخفضة.
بالطبع ينبغى الا تحاكى الدول النامية أنظمة الضرائب فى الاقتصادات المتقدمة خاصة أن السياسة الضريبية يجب ان تتطور وفقا للظروف الاقتصادية المتغيرة، بل يتعين على قادة الدول النامية الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة ونظرائهم على حد سواء من أجل وضع سياسات ضريبية تقابل متطلباتهم الاساسية من توفير فرص عمل والازدهار والاستقرار، من الممكن ان يتضمن ذلك توسيع القاعدة الضريبية والحد من التهرب الضريبى وتحسين وسائل تحصيل الضرائب ووضع استراتجيات ضريبية دولية تعاونية جديدة.
ساهمت الاصلاحات الضريبية بالفعل فى رفع حصة الضرائب المباشرة فى اجمالى الايرادات بالعديد من الدول، ويجب ان يعزز رفع الضرائب على المواطنين الأثرياء هذا التقدم.
يتعين على الحكومات ايضا العمل على تحسين الالتزام الضريبى والحد من التهرب، الامر الذى يتطلب تقويض السلطة التقديرية التى يتمتع بها موظفى الضرائب، فعلى سبيل المثال، قد تساعد حوسبة إدارة الضرائب فى الحد من الفساد من خلال تعقيد امكانية التلاعب بالسجلات.
ينبغى ايضا على الدول النامية السعى نحو تعويض العواقب المترتبة على العولمة، حيث تزيد امكانية تنقل رأس المال من فرص التهرب الضريبي، كما تساهم العولمة فى تيسير التهرب الضريبى بطرق قانونية، فعلى سبيل المثال، تستخدم الشركات المتعددة الجنسيات أساليب مثل التسعير التحويلى «حفظ الدفاتر الخاصة بالسلع والخدمات، والموارد المحولة بين أفرع شركة واحدة أو شركات تابعة لها» من أجل تقليص الالتزامات الضريبية على أرباحها من العمليات الدولية، وتستفيد الشركات الدافعة للضرائب من التعارض بين القواعد والمعدلات الضريبية المختلفة، فتختار القيام بأعمالها فى دول ذات أنظمة ضريبية أكثر تساهلاً.
وأخيرا، قد تدفع المنافسة الدولية على الاستثمار الأجنبى المباشر باتجاه الداخل الحكومات إلى خفض المعدلات الضريبية وزيادة الامتيازات للمستثمرين الأجانب. ومع توفر الأدلة على تدفق رأس المال الفجائى إلى الخارج استجابة لتغيرات معينة فى السياسة الضريبية، فإن الحكومات غير راغبة فى زيادة معدلات الضريبة على الدخل والتى انخفضت بشدة منذ آواخر سبعينيات القرن العشرين، أو فرض الضريبة على الدخل من الأرباح والفوائد، خشية هروب رأس المال، وسوف تؤدى سياسات إفقار الجار إلى ضياع العائدات فى كل الدول النامية وتقويض احتمالية تحقيق التنمية المتوازنة والشاملة والقابلة للاستدامة.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: بروجيكت سينديكيت








