أحمد هجرس : نقص الغاز المورد للمصانع يهدد بأزمة طاحنة في سوق الأسمدة
انخفاض واردات البوتاسيوم من 224 مليون جنيه 2011 إلي 56 مليوناً 2012
دعم الفلاح بـ140 جنيهاً شهرياً الحل الأمثل لترشيد الدعم
ارتفاع سعر الدولار أدي إلي توقف القطاع الخاص عن استيراد السماد
%42 تراجعاً في صادرات فبراير الماضي بسبب تناقص إمدادات الطاقة
شهدت معدلات استيراد مصر من سماد سلفات البوتاسيوم 46% تراجعاً غير مسبوق خلال العام الماضي نتيجة افتتاح مصنعين محليين لإنتاج هذه النوعية من الأسمدة ، وارتفاع أسعار صرف الدولار مقابل العملة المحلية، ووجود خلل في توزيع الأسمدة الآزوتية من اليوريا 46% ونترات النشادر 33% وسلفات 15%.
قال أحمد هجرس، عضو المجلس التصديري للكيماويات، رئيس مجلس إدارة شركة «هجربوتا» للأسمدة، إن حجم استيراد مصر من سلفات البوتاسيوم انخفض من 80 ألف طن في 2011 بقيمة سوقية قدرت حينها بنحو 224 مليون جنيه إلي 20 ألف طن في 2012 بإجمالي 56 مليون جنيه، وأن سعر استيراد الطن يبلغ نحو 400 دولار.
وأوضح هجرس في حوار لـ«البورصة»، أن التراجع في حجم استيراد سلفات البوتاسيوم اللازم لمزارع الفاكهة يرجع إلي إنشاء مصنعين في السوق المحلي، هما شركة النصر للصناعات الوسيطة في 2009 بطاقة إنتاجية 20 ألف طن سنوياً بالإضافة إلي مصنع ايفرجرو في 2010 بطاقة إنتاجية 25 ألف طن سنوياً.
وأشار إلي أن ارتفاع سعر صرف الدولار أدي إلي توقف القطاع الخاص عن استيراد السماد ، بما ينذر بانخفاض كميات السماد من نترات وسلفات النشادر خلال الموسم الصيفي إلي 80 ألف طن مقابل 400 ألف طن الموسم الماضي، مطالبا بتوفير دعم نقدي للفلاح بدلا من دعم الأسمدة للحد من بيع الأسمدة بالسوق السوداء، وهو ما سيؤدي إلي تقليل العجز بين الإنتاج والاستهلاك.
وأكد ارتفاع سعر شيكارة اليوريا التي تباع مدعمة بسعر 75 جنيهاً حسب تسعير الوزارة إلي 180 جنيهاً في السوق السوداء، نتيجة تسريب كميات من الأسمدة من بنك التنمية الزراعية المسئول عن توزيع الأسمدة للسوق السوداء، وأنه من الضروري مد شبكة توزيع الأسمدة إلي المناطق التي لا تتوافر فيها منافذ للتوزيع، التي تمثل حوالي 40% من مساحة الأراضي الزراعية خاصة أراضي الاستصلاح الجديدة.
ولفت إلي أن توزيع السماد المدعم عبر منافذ الجمعيات التعاونية الزراعية لا يكفي لأن هذه الجمعيات تتركز في القري القديمة بينما تصل الأسمدة إلي الأراضي التي لا توجد فيها هذه الجمعيات عن طريق صغار التجار بصفة غير رسمية، لذلك يبالغون في سعر بيع الشيكارة للمزارعين.
وقال هجرس إن هناك أكثر من 4 آلاف تاجر مهددون بقطع أرزاقهم نتيجة قرار وزارة الزراعة وقف اسناد توزيع الأسمدة اليهم، وإن مشاركتهم في توزيعها ساهم في ضبط السوق، وفقا للأسعار المعلنة من جانب وزارة الزراعة بناء علي تعهد مكتوب من التجار.
وأضاف أن القطاع الخاص سوف يمد وزارة الزراعة بخريطة توضح أماكن التوزيع والتجار، تمهيداً لتطبيق آلية واضحة للرقابة علي عملية التوزيع لضمان الالتزام بالأسعار، وأن القاعدة العريضة من الفلاحين لم تر القطاع الخاص يمارس دوراً حقيقياً في تجارة وتوزيع الأسمدة، حتي تحكم عليه حكماً موضوعياً، وان التجربة هي الحكم العادل، وهو ما لم يحدث، لأن الدولة تريد الانفراد باختيار أسلوب المعالجة، الذي من شأنه أن يخلف وراءه سوق أسمدة مأزوماً.
وكشف عضو المجلس التصديري للكيماويات أن تدخل الدولة في تحديد أسعار المحاصيل للفلاح مثل توريد القمح بـ400 جنيه للاردب إلي هيئة السلع التموينية يضغط علي الموازنة العامة للدولة ويكلفها مليارات الجنيهات، مشيرا إلي عدم تطبيقه في معظم الدول.
وحذر من إمكانية حدوث أزمة في أسمدة اليوريا ونترات النشادر خلال الموسم الصيفي باعتباره الموسم الذي يستهلك أكثر من 60% من كمية السماد علي مدار العام، وذلك بعد تناقص كميات الغاز الموردة للمصانع، بالاضافة إلي ارتفاع أسعاره الموردة إلي المصانع.
وأكد هجرس أن مصر بلد زراعي صيفي وهو ما يفرض أن يتوافر فيه مخزون من الأسمدة ، لكن حجم المخزون حالياً لا يزيد علي الصفر، وهو ما يعني أنه سيتم الضغط علي مصانع الأسمدة لتخصيص حوالي 70% من إنتاجها للسوق المحلي، مُبدياً قلقه من استمرار مشكلة عدم وجود مخزون استراتيجي للأسمدة لسد احتياجات السوق المحلي أوقات الازمات.
وأكد ضرورة اتجاه الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة لتكوين مخزون من الأسمدة، خاصة في ظل أزمات نقص المعروض المتكررة محليا والناتجة عن انتشار السوق السوداء، وأن لجوء المصانع العاملة في المناطق الاستثمارية لزيادة صادراتها وخفض الكميات المسلمة للقطاع الخاص سيؤدي إلي خلل بين عرض وطلب السماد في السوق، وهو ما حدث العام الماضي نتيجة اتفاق 583 تاجراً مع مصانع المنطقة الحرة لاستلام كميات معينة من الأسمدة وتوريدها للقطاع الخاص، ولكن المصانع اخلت بهذا التعاقد.
وأشار هجرس إلي أن هذه الفجوة ستؤدي إلي زيادة الأسعار، وربما يترتب علي ذلك وصول سعر طن اليوريا إلي 3 آلاف جنيه مقابل 1500 جنيه للمدعم من وزارة الزراعة، وأن ازمة ارتفاع الاسعار تحدث سنويا ورغم ذلك لم تستطع الدولة حلها علي مدار 10 سنوات ماضية.
وشدد علي أهمية مصنع أبوقير للأسمدة في توفير السماد المدعم محليا حيث ينتج حوالي مليوناً و300 ألف طن يوريا و850 ألف طن نترات، وأنه يمثل عامل أمان مهماً ومطلوباً لسد احتياجات السوق المحلي ازاء مواجهة ازمات نقص المعروض خاصة في ظل الافتقار إلي مخزون استراتيجي.
وتوقع هجرس حدوث تراجع في الصادرات المصرية من الصناعات الكيماوية من الأسمدة إلي السوق الخارجي بسبب المشاكل المتعلقة بإنتاج الأسمدة والنقص الحاد في إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة والتراجع في طاقات الإنتاج، ما ترتب عليه التراجع في مخزون الأسمدة في السوق.
ولفت إلي أن حجم الانخفاض في صادرات الأسمدة خلال فبراير بلغ 42% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وأن تصدير الأمونيا من قبل بعض مصانع المناطق الحرة، لن يؤثر بصورة كبيرة علي صناعة الأسمدة لأنها لا تمثل 10% من حجم إنتاجها.
وقال إن اغلاق الموانئ لم يؤثر علي حركة تصدير الأسمدة لأنها تتم من خلال موانئ الاسكندرية البعيدة عن الاضطرابات، لكن اضراب الموانئ بصفة عامة يؤدي إلي خسائر بالمليارات للمصدرين والمستوردين نتيجة تكدس البضائع في الميناء وفرض غرامات تأخير عليهم بالإضافة إلي أن تأخر الشحنات يؤدي إلي تهديد الشركات الأجنبية بالغاء التعاقد مع الشركات المصرية في المستقبل.
جدير بالذكر، أن الإنتاج الكلي للأسمدة في مصر يصل إلي 16 مليون طن بينما تحتاج الزراعة إلي 8.5 مليون طن تطرح المصانع منها 7 ملايين طن في السوق المحلي، ويتم تصدير الـ 9 ملايين الأخري، وتبقي فجوة قدرها 1.5 مليون طن.








